قالت مجلة "المونيتور" الأمريكية إن القانون الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي، والخاص بتأمين القوات المسلحة للمنشآت العامة وحمايتها، وإحالة المعتدين للقضاء العسكري جاء بعد تفجيرات الشيخ زويد التي سقط فيها عشرات الضحايا من القوات المسلّحة. وأضافت إن "شهري سبتمبر وأكتوبر 2014 كانا أكثر الأشهر التي شهدت وقائع اعتداء متتالية على المنشآت العامة، ومنها حادثا انفجاري عبوتين ناسفتين بجوار وزارة الخارجية وفي وسط القاهرة على بعد أمتار من إحدى محطات المترو، وانفجار آخر في محيط جامعة القاهرة، لكن القانون صدر بعد تفجير الشيخ زويد". وتابعت: "القانون آثار جدلاً واسعًا حول دستوريته وجدواه وما يحمله من دلائل على عجز الشرطة والقضاء في السيطرة على الإرهاب، بعد حوالي عام ونصف عام من ثورة يونيو 2013". ونقلت عن الخبير الأمني اللّواء خالد عكاشة قوله: "صدور قانون تأمين المنشآت العامة جاء بسبب تطور الأوضاع في مصر، من مجرد عمليات إرهابية يمكن للشرطة وحدها أن تتولى حماية المنشآت فيها والقبض على مدبري الانفجارات إلى حرب حقيقية بين الدولة والإرهاب". وأشار إلى أن "الدخول في الحروب والدفاع عن الأمن القومي من مسؤولية القوات المسلّحة أولاً، ولا يمكن للشرطة أن تتحملهما وحدها". وأيده في الرأي الدكتور محمود كبيش عميد كلية الحقوق جامعة القاهرة سابقًا، الذي أوضح أن القانون يأتي أيضًا بسبب ضعف إمكانات القضاء المدني، وقال: "كل دائرة قضائية حاليًا تنظر في المئات من قضايا الإرهاب التي تحتاج إلى سرعة البت فيها، والتي قد لا يبت في بعضها لسنوات بسبب قلّة عدد القضاة بالنسبة إلى القضايا". في المقابل، محمد زارع قال الناشط الحقوقي ورئيس المنظّمة العربية للإصلاح الجنائي إن "القضاء المدني كاف لردع الإرهابيين وتأديبهم دون اللجوء للقضاء العسكري، والبديل هو زيادة عدد القضاة، لا إحالة بعض القضايا على القضاء العسكري"، واصفاً الخطوة بالانتقاص من اختصاصات القضاء والتعدي عليها. وقالت "المونيتور"، إن المادة 204 من دستور مصر الحالي تنص على أن القضاء العسكري يختص بالفصل في كل الجرائم المتعلقة بالقوات المسلّحة، ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرًا على المنشآت العسكرية أو "ما في حكمها". وأضافت "عبارة "ما في حكمها" تثير جدلاً دستوريًا حول قانون تأمين المنشآت العامة ومحاكمة المعتدين عليها عسكريًا". وفي هذا الإطار، قال كبيش "تولّي القوات المسلّحة مسؤولية تأمين المنشآت العامة يجعلها في حكم المنشآت العسكرية وتعتبر محاكمة المعتدين عليها عسكريًّا دستورية". ورأى زارع أن القانون غير دستوري لأن عبارة "ما في حكمها" لا يمكن أن يتم تفسيرها على أنها المرافق العامة أو المواصلات أو المصالح الحكومية التي يتعامل معها ملايين المواطنين يومياً لأنها بطبيعتها تختلف عن المنشآت العسكرية التي لا يتعامل مع أغلبها أحد غير رجال القوات المسلحة". وأشار إلى أن "هناك مخاوف من التوسع في تطبيق القانون، إذا تم اعتبار المنشآت العامة في حكم العسكرية، فأي مشاجرة بين طالبين في الجامعة أو اثنين من ركاب المواصلات العامة تتسبب في أي تلف للمكان، يمكن اعتبارها جريمة يحال مرتكبوها إلى القضاء العسكري". من جهته، قال كبيش: "لا أساس للمخاوف لأن تطبيق أي قانون ينطلق من أسباب صدوره، وهنا تتمثّل الأسباب في محاربة الإرهاب وتحقيق محاكمات ناجزة، ولذلك لن يتم التوسع في تطبيق القانون على النحو الذي يخشاه البعض". وأضاف: "المخاوف من القضاء العسكري في حد ذاته لا أساس لها لأنه ملتزم وفقًا للدستور حاليًا بقانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات اللذين يطبقهما القضاء المدني". وأوضح عكاشة: "أغلب جرائم الاعتداء على المنشآت العامة تتم عن طريق زراعة العبوات الناسفة، ثم الهرب، ولم يتم الكشف عن مرتكبي معظم تلك الحوادث حتى الآن". وأشار إلى أنه "لا يمكن قياس مدى جدوى الاعتماد على القضاء العسكري في ردع المعتدين على المنشآت العامة، إذ أنه لم يتم الانتهاء من محاكمة أي شخص حتى الآن". وعلقت "المونيتور" في ختام تقريرها قائلة: "يوجد 15 منظمة حقوقية أدانت القانون الذي أصدره الرئيس السيسي وطالبته بالتراجع عنه، ما يفسر الانطباع السلبي السائد بين الحقوقيين عن المحاكمات العسكرية منذ عهد رئاسة المجلس الأعلى للقوات المسلّحة لشؤون مصر عامي 2011 و2012". ورأت أنه "لا توجد حقائق مؤكدة حول جدوى قانون حماية المنشآت العامة أو آثاره السلبية حتى الآن، إلاّ أن ما يمكن قوله هو إنه يخصم من اختصاصات القضاء المدني، الذي أصبح محاصرًا بآلاف من قضايا الإرهاب، كما يمكن القول إنه يخصم من اختصاصات الشرطة أيضًا". وأضافت إن "ما سبق يعني أن القّوات المسلّحة أمام تحدي تأمين المنشآت العامة من الهجمات الإرهابية ومحاكمة المعتدين عليها محاكمات عادلة وناجزة في الوقت ذاته، وتحقيق إنجازات على هذه المستويات أكثر مما حققته الشرطة وأجهزة القضاء خلال ما يقرب من عام ونصف عام من يونيو 2013، وإلا يصبح القانون الجديد بلا قيمة، إلا إثارة بعض المعارضين المتخوفين من التوسع في تطبيقه". http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2014/11/egypt-military-trials-undermine-judiciary.html