البلشي: إعلان رسمي لتأميم الإعلام.. بدر: ينال من حرية الصحافة.. وداود: أغلقوا كل المحطات واكتفوا بواحدة فقط خبر عاجل، ننشر بالتفاصيل، يحدث الآن، انفراد، عبارات علقت فى أذهان الكثيرين بمشبك الإعلام والصحافة، والتي يفترض أن تكون على الدوام هي الصوت الناقل للحقيقة، والمعبر عن الواقع كما هو موجود، وليس كما تتمنى السلطة، ومن يدور في فلكها، وخاصة في عصر "السماوات المفتوحة"، وشبكة الانترنت التي أوجدت ما يسمى ب "الإعلام البديل"، إلا أن ذلك يبدو أنه لا محل له من الإعراب في مصر، في ظل محاولة التضييق على الأصوات التي تغرد خارج السرب، وترفض التطبيل كما يحلو للبعض. هذا ما عكسه البيان الذى أصدره رؤساء تحرير الصحف بعد اجتماعهم بمقر حزب "الوفد" في الأسبوع الماضي، والذي دام لأكثر من ساعتين بحضور 20 شخصية، والذي أكد على دعمهم لكل الإجراءات التى ستتخذها الدولة لمواجهة الإرهاب، وثقتهم فى مؤسسات الدولة على مواجهة الإرهاب، رافضين محاولات التشكيك في مؤسسات الدولة، الأمر الذي فجر الغضب بين قطاع كبير من الصحفيين، باعتباره "محاولة لتأميم الصحافة وقمع الحريات وكسر للقلم الصحفى الحر ومصادرة المهنة بأكملها". وهو ما دعا عددًا منهم إلى تنظيم دعوة عامة للاجتماع لمناقشة هذا الأمر ودراسته والخروج بقرارات لمواجهة تداعيات البيان، ومنع تأميم الصحافة المصرية، كما وصفوه، وذلك بمقر نقابة الصحفيين مساء السبت، بحضور عدد كبير من الصحفيين، من بينهم عضو مجلس النقابة خالد البلشي، رئيس تحرير جريدة "الوادي". إذ اعتبر البلشى، أن "البيان الصادر من رؤساء التحرير ما هو إلا إعلان رسمى لتأميم الإعلام ومصادرة حرية الصحافة وينقلنا من مرحلة مصادرة الصحف وتقييد حرية الصحافة إلى مصادرة المهنة نفسها ولكن بأيدي أبناء صاحبة الجلالة". ورأى أن "ما يحدث عودة إعلام التعبئة العامة بدعوى الحرب على الإرهاب وتمثيل لقتل لمهنة الصحافة والإعلام بأيدي ممارسيها والمحسوبين عليها والذين قرروا بإرادة كاملة وبمختلف اتجاهاتهم تحويل أنفسهم من ممارسي مهنة لحزب سياسي يدعم برنامج الرئيس غير المعلن وغير الواضح المعالم بما يعنيه ذلك من منع أصحاب الرؤى الأخرى أو حتى من يريدون تحسين شروط ما يجرى ومصادرة آراء المعارضين لهذا البرنامج الذى لم تتضح معالمه حتى الآن". وأكد البلشي أن "البيانات التى خرجت فى الفترة الأخيرة من المؤسسات الإعلامية والصحفية تعطى شيكًا على بياض للنظام الجديد ورئيسه ليفعل ما يريده"، مضيفًا: "كل شيء تم إعلان الموافقة عليه باعتباره جزءًا من البرنامج الذى أعلن بيان رؤساء التحرير تبنيه والحمد لله، وكان أولى بهم دمج أنفسهم فى صحيفة واحدة توفيرًا للنفقات طالما اتفقوا على كل شيء، بما فيه دعم ما يوحى به السيد الرئيس مستقبلا". وتساءل عضو مجلس نقابة الصحفيين، معقبًا على ما تم إصداره، هل يتحول الصحفى لكاتب تقرير لحماية المجتمع من مخاطره استكمالا لبناء دولة "البصاصين" التى بدأ تأسيسها فى الجامعات بشهادات من قياداتها؟! مشبهًا تلك الموجة الجديدة بما حدث فى عهد هتلر من الإعلام الذى غسل أدمغة والأمر للتعهد بالتفتيش فى ضمائر زملائهم عبر التعهد بمنع تسلل أصحاب الرؤى التحريضية للصحافة. وقال البلشي، إن مواجهة الإرهاب لن تتم إلا بصحافة حرة تكشف مواطن الخلل وتفضح الإرهابيين ومخططاتهم وليس بالتغطية عليها وتحويل مهنة الصحافة إلى ملف أمنى آخر والصحفيين إلى مخبرين فى بلاط الجهات الأمنية الإرهاب والفاشية كلاهما يتغذى على الآخر وكلاهما ينمو ويتضخم بالفشل والتعمية على الفاشلين. من جانبه، قال عمرو بدر، رئيس تحرير "بوابة يناير"، إن بيان رؤساء الصحف هو محاولة لتأميم الصحافة برمتها وترويض للسلطة الرابعة، وتسليم لحرية الصحافة للسلطة الحاكمة بزعم مكافحة الإرهاب رغم أن القاصي والداني يعلم أن مجرد التطبيق الفاعل لميثاق الشرف الصحفى كاف لمواجهة أى خروج عن قواعد وآداب المهنة أو أى تحريض على العنف، إلا أن المقصود للأسف الشديد هو النيل من حرية الصحافة. وطالب بدر بضرورة توحد الصحفيين في مواجهة مثل هذه القرارات التى تخرج ممن وصفهم بالموالين للسلطة، مشيرًا إلى أنه لم يحدث أبدًا من قبل أن يتم تسليم الصحافة على طبق من ذهب لسلطة مستبدة تستخدم ذريعة الإرهاب، المدان والمرفوض، فى مصادرة كل أشكال الحريات وعلى رأسها حرية الصحافة. فيما سخر خالد داود، المتحدث الإعلامى باسم حزب "الدستور"، من البيان الذى صدر من رؤساء الصحف، واقترح أن يتم إغلاق جميع المحطات التلفزيونية وكل الصحف، ونكتفي بمحطة واحدة وجريدة واحدة لضمان أن يقوم الإعلام بدوره فى توحيد الشعب ومكافحة الإرهاب والالتزام بما يريده الرئيس السيسي. وأضاف فى تدوينة عبر موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك": "ولكى لا يتم استضافة أى مشككين أو مغرضين أو أعداء للوطن تتعبوا نفسكم ليه وتعملوا اجتماعات لأصحاب القنوات الخاصة ورؤساء تحرير الصحف برعاية نقيب الصحفيين؟ ودمتم".