مصادر: رسالة استياء من موقف القاهرة تجاه "تحالف داعش".. ومصر ترد برفض زيارات أعضاء بالكونجرس أغضب لقاءان منفصلان أحيطا بالسرية بين القنصل الأمريكي العام بالإسكندرية ستيفن فيكن مع شباب من أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين"، وآخرين ينتمون إلى حزب "النور"، الحكومة المصرية التي أعربت عن رفضها بشدة لإجراء اتصالات أوتقارب مع الإسلاميين، متحفظة على أية محاولات لإعادة دمج "الإخوان" في الحياة السياسية. وجاء ذلك لينهي أجواء من التحسن طرأت على العلاقات المصرية الأمريكية لم تستمر سوى أيام في أعقاب اللقاء الذي جمع الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الأمريكي باراك أوباما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في أواخر سبتمبر الماضي، والتي رأت القاهرة أنه نجح في تبديد التوتر بين البلدين. وقالت مصادر مطلعة، إن لقاء القنصل الأمريكي بالإسكندرية مع شباب "الإخوان" و"السلفيين" جاء كرسالة أمريكية باستمرار تمسك واشنطن بضرورة دمج "الإخوان" في الساحة السياسية مجددًا، وإعادة النظر في حكم القضاء الإداري بحل حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية للجماعة، أو السماح لها بإنشاء حزب جديد بمسمى مختلف، وإيجاد تسوية لحبس الآلاف من قيادات الجماعة، وفي مقدمتهم الرئيس المعزول محمد مرسي والدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة، ونائبه المهندس خيرت الشاطر. من جهتها، اعترضت القاهرة بشدة على التوجه الأمريكي بالتقارب مع جماعة "الإخوان" وحزب "النور" السلفي، واعتبرته غير مقبول جملة وتفصيلاً، زاعمة أن الرأي العام يرفض أي دور للتيار الإسلامي في الحياة السياسية بعد الفشل الذريع للإخوان في الحكم، مشددًا على أن مصير قادة الجماعة في يد القضاء المصري "المستقل"، الأمر الذي لم يقنع الإدارة الأمريكية التي ترى أن الكلمة الأولى في مصر للسلطة التنفيذية. ورأت المصادر أن الانفتاح الأمريكي على شباب الإخوان والسلفيين هو "مجرد رسالة استياء من رفض القاهرة التعاطي بإيجابية أو المشاركة بقوة في الحرب الأمريكية على "داعش"؛ في ظل موقف القاهرة المتردد من المشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية، متجاهلة تأكيدات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأنها على خط المواجهة الأول في هذه الحرب. وتتمسك القاهرة بضرورة ضم عدد من الفصائل الإسلامية الأخرى إلى التنظيمات الإرهابية؛ ومن بينها حركة "أنصار الشريعة" في ليبيا و"الإخوان المسلمين" في مصر، وهو ما تتحفظ عليه واشنطن الرافضة لأي تحرك مصري ضد "أنصار الشريعة"، مثلما ترفض التعاون مع الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، قائد ما تسمى ب "عملية الكرامة" المتعثرة في ليبيا في إعادة رسم خارطة ليبيا لصالح أنصار العقيد الليبي الراحل معمر القذافي. إلى ذلك، أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، أن العلاقات المصرية الأمريكية عادت إلى مرحلة التوتر مجددًا، بعد رفض واشنطن تحديد موعد لتسليم مصر عددًا من مروحيات "الأباتشي"، وفك التجميد عن حزمة المعونات العسكرية الأمريكية التي كان مقررًا تسليمها إلى مصر بعد الثالث من يوليو، وهو ما ردت عليه القاهرة بالتحفظ على استقبال عدد من نواب الكونجرس وحصر اللقاءات مع المسئولين الأمنيين. وأوضح فهمي، أن محطات التوتر بين القاهرةوواشنطن تصاعدت بعد رفض مصر المشاركة في الحرب التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة على "داعش"؛ حيث أبدت واشنطن استياءً شديدًا من تحفظ مصر ورفضها الانضمام لهذا التحالف باعتبارها مغامرة غير مأمونة الجانب. وتابع: "ومما زاد من التوتر بين البلدين معاودة واشنطن الحديث بجدية عن ضرورة دمج جماعة الإخوان المسلمين في المشهد السياسي بقوة وكأنها تؤكد ثبات موقفها من الأزمة السياسية في مصر منذ الثالث من يوليو، وهو ما ردت عليه القاهرة برفض الرد على مطالب من عدد من أعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ الأمريكي لزيارة القاهرة في رسالة رفض مصرية واضحة للمسعى الأمريكي لإعادة ضخ الدماء في عروق جماعة الإخوان". في السياق ذاته، أكد الدكتور ناجح إبراهيم، القيادي السابق ب "الجماعة الإسلامية" أن موقف مصر المتحفظ تجاه الحرب الدائرة حاليًا على "داعش" ينطلق من يقين مصري بأن هناك أجندة خفية ومعلنة لواشنطن من وراء تلك الحرب قد يكون من ضمنها احتلال سوريا عسكريًا. وأضاف "مصر كانت لها تجربة مع الولاياتالمتحدة عبر تحرير الكويت اكتشفت بعدها أن الهدف كان احتلال العراق وإسقاطه وإخراجه من معادلة القوة العربية، لذا فهي تخشي تكرار هذا السيناريو وهو ما دفعها للتريث قبل التورط بشكل مباشر في الحرب على داعش". وأشار إلى أن "هناك تخوفات مصرية من خطورة إرسال قوات مصيرية من الخارج كما جرى في اليمن في ستينيات القرن الماضي؛ حيث تعرض الجيش لمؤامرات من أجهزة استخبارات دولية رغبت في إضعافه".