شنت أجهزة الأمن أمس حملة اعتقالات جديدة ضد كوادر وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين في إطار التصعيد الأخير من الأجهزة الأمنية ضد الجماعة ، وقامت قوات الأمن باعتقال خمسة من كوادر الجماعة ، وبذلك يرتفع عدد المعتقلين من الجماعة خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى 17 عضوا ، من بينهم الدكتور رشاد البيومي الأستاذ بجامعة القاهرة عضو مكتب إرشاد الجماعة . وكشفت مصادر مطلعة النقاب عن وقوف لجنة السياسات وراء حملة التصعيد ضد الإخوان بعد أن تلقت دراسة أعدها أحد المراكز البحثية الحكومية المتخصصة في نشاطات الجماعات الإسلامية ، حذرت من تنامي القوة السياسية والإعلامية للجماعة في الفترة الأخيرة مستغلة الضغوط الدولية على مصر فيما يتعلق بالإصلاح الديمقراطي والسياسي. وحسب المصادر فإن تلك الدراسة حذرت من إمكانية أن تفوز جماعة الإخوان بأغلبية مقاعد مجلس الشعب وكذلك مقاعد المجالس المحلية في أي انتخابات مقبلة كما أن الجماعة ستعارض بشدة وستمنع أي محاولة للتوريث في حالة خلو مقعد الرئاسة لأي سبب من الأسباب عن طريق الحشد الجماهيري والعصيان المدني. ونوهت المصادر إلى نجاح الكتلة البرلمانية للإخوان في مجلس الشعب في إحراج الحكومة داخليا وخارجيا في عدد من القضايا والأزمات التي شهدتها مصر مؤخرا سواء فيما يتعلق بتأجيل الانتخابات المحلية لمدة عامين أو موضوع غرق العبارة السلام 98 أو حتى في موضوع مرض أنفلونزا الطيور. وأشارت المصادر إلى أن الاستجوابات الأربعة التي قدمها أعضاء الكتلة البرلمانية للإخوان في مجلس الشعب بالإضافة إلى 300 طلب إحاطة وسؤال أثارت مخاوف الحكومة من نوايا الجماعة في الفترة القادمة واحتمالات ارتفاع سقف أدائهم البرلماني بما قد يزعزع الثقة في النظام ويثير موجة من الاحتقان في الشارع المصري. وأضاف المصادر أن الحكومة تهدف من وراء ذلك إلى الضغط على الجماعة لإبرام صفقة تلتزم فيها الجماعة بعدم إحراج النظام داخليا أو خارجيا مقابل التخفيف من الضغوط الحكومية على الجماعة. وقالت المصادر إن جهات أمنية أعربت عن مخاوفها من أن التضييق الإعلامي والسياسي قد يدفع بالجماعة إلى العودة إلى العمل السري والصدام الغير مباشر إلا أن لجنة السياسات ترى ضرورة ممارسة أكبر قدر من الضغوط عليها في الفترة القادمة لتمرير مسلسل التوريث. وأشارت المصادر إلى أن البيان الذي أصدره محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان أول أمس يؤكد أن الجماعة تدرك مغزى التصعيد الأخيرة ضدها ، كما يوضح البيان أن الجماعة ستلجأ إلى التصعيد أيضا من خلال تأكيد البيان على عدم التراجع والاستمرار في المطالبة بالإصلاح وعدم العودة إلى "الفردية البغيضة " ، على حد وصف البيان. وتوقعت المصادر أن تشهد الفترة القادمة ضغوطا حكومية متزايدة على جماعة الإخوان المسلمين وأن منع الدكتور عصام العريان من دخول الجامعة الأمريكيةبالقاهرة لإلقاء محاضرة عن علاقة الإخوان بالأقباط وكذلك حملة الاعتقالات التي شملت 12 من أعضاء الجماعة من بينهم أحد أعضاء مكتب الإرشاد بالإضافة إلى إغلاق مقر الإخوان بالإسكندرية يعتبر مقدمة في سيناريو جديد للضغط على جماعة الإخوان وحصارها للحد من نفوذها السياسي والإعلامي الذي تزايد في الفترة الأخيرة. وقالت المصادر إن الفترة القادمة ستشهد محاولة حكومية لفرض حصار إعلامي على الجماعة عن طريق حجب بعض مواقعهم على الانترنت وكذلك منعهم من استخدام بعض الصحف الحزبية للتعبير عن أفكارهم وتغطية نشاطهم السياسي . وأشارت المصادر إلى أن الحكومة قررت في سياسة منع سفر كوادر الجماعة لحضور المؤتمرات أو الندوات التي تقام بالخارج وتناقش مسائل الإصلاح أو الحريات السياسية. ولم تستبعد المصادر أن تلجأ الحكومة مجددا إلى التوسع في حملة الاعتقالات ضد الكوادر الإخوانية الموكل إليها الحشد والتنظيم وكذلك إغلاق المقار وفرض قيود على نشاطهم الاجتماعي والخدمي. من جانبها ، أكدت الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان ، في بيان حمل توقيع الدكتور سعد الكتاتني رئيس الكتلة، أنها ستتصدى بكل قوتها لقانون الطوارئ ، وتعهدت بخوض حرب ضد الحكومة من أجل وقف هذا القانون الجائر الظالم. وأدانت الكتلة حملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت عددا من أعضاء الجماعة، معتبرة " أنه في الوقت الذي تفجَّرت في مصر العديد من قضايا الفساد، والتي تمثلت أبشع صورها في حادث غرق العبارة (السلام 98) ولم تتحرك الدولة لمحاسبة الجاني، رغم أنه معلوم، ثم ضربت الحكومة نموذجًا آخر للفساد ولكنه من نوع مختلف، عندما أشاعت الفوضى والبلبلة في معالجة كارثة أنفلونزا الطيور أهلَّت علينا الحكومة يوم الجمعة 3 من مارس الجاري- ممثلةً في وزارة الداخلية- بشن حملة اعتقالات وسط صفوف جماعة الإخوان المسلمين، وهي الحملة التي طالت الدكتور البيومي و12 آخرين من صفوة شباب ورجال المجتمع المصري ". وأضاف البيان " أن قوات الأمن بهذا الإجراء وكأنها تريد تبليغ رسالة للشعب المصري، مفادها أن الإصلاح السياسي أمرٌ غير وارد على أجندة الحكومة، وأن محاربة الشرفاء هو الشغل الشاغل لدى الدولة مهما حدث من جرائم فساد. وأكدت الكتلة أن هذا التصرف يعد انتهاكا لحقوق الإنسان والحريات العامة، وفيه اغتيال للأمن والسلام المجتمعي، كما أن قانون الطوارئ الذي يستخدمه النظام المصري في مواجهة خصومه السياسيين هو سبب الكوارث، وهو البيئة الحاضنة للفساد الذي استشرى في كل قطاعات مصر، وأنها سوف تستخدم كافة الآليات البرلمانية والوسائل التشريعية من أجل الدفاع عن الشرفاء ومن أجل وقف العمل بهذا القانون. في سياق متصل ، قالت مصادر إخوانية إن اعتقال الناشطين التسعة يوم الجمعة الماضي جاء في أثناء عقدهم اجتماعا كانوا يبحثون خلاله وسائل توعية الجماهير بكيفية الوقاية من أنفلونزا الطيور ومكافحتها ، مشيرة إلى أن الطلاب المعتقلين يشرفون على النشاط الطلابي داخل الجامعة. وأرجعت المصادر اعتقال الدكتور رشاد بيومي إلى سلسلة من المقالات التي نشرها ردا على تصريحات ولقاءات صحفية أجراها جمال مبارك نجل الرئيس المصري مؤخرا وانتقد فيها مشاركة الجماعة بالحياة السياسية في مصر.