«هنا راديو الإذاعة المصرية اللاسلكية المصرية الملكية..هنا القاهرة»، هذه كانت أول جملة تنطلق من فم أحمد سالم عام 1934 عبر الموجات الإذاعية فى مصر، واستمع إليها أهالي المحروسة، وتردد جملة «هنا القاهرة» إلى اليوم فهى الجملة الأكثر تميزاً وارتباطاً لدى الأذهان بصوت المذياع وهو يشدو بالأغنيات والنشرات الإخبارية، واشتهر بها إذاعة البرنامج العام وخاصةً عندما يقولها المذيعون والمذيعات قبل بداية البرامج. افتتحت الإذاعة بترتيل آيات الذكر الحكيم بصوت القارئ الشيخ محمد رفعت؛ وذلك نظير أجر قدره ثلاثة جنيهات، وأحيت أم كلثوم أولى سهرات الإذاعة نظير أجر 25 جنيهاً، وفى الأيام التالية قدم صالح عبدالحى مجموعة من الطقاطيق وقدم عبدالوهاب بعض أغانيه وكذلك الشاعر على الجارم، كما قدم محمد عبدالقدوس مجموعة من المونولوجات على موسيقى مدحت عاصم، ومنذ الليلة الأولى قدم لبرامج الإذاعة مع أحمد سالم المذيع محمد فتحى الذي لقب بكروان الإذاعة لرخامة صوته. ذهب لإنجلترا ليدرس الهندسة فدرس الطيران إنه الفنان والإذاعي الكبير أحمد سالم ، والمولود في 20 فبراير عام 1910، في مدينة أبو كبير محافظة الشرقية، وهو رائد من رواد الإذاعة، حيث إنه أول إذاعي مصري عرفه تاريخ الإذاعة، ولم يقتصر دوره كإعلامي فقط، بل كان متعدد المواهب، حيث كان ممثلًا ومخرجًا؛ أعد وأخرج للإذاعة العديد من البرامج، التي حققت نجاحًا باهراً وقتها، جعل المستمعيين يلتفون حول الراديو، بإصغاء شديد ينتظرون سماع صوته يقول هنا القاهرة . أحمد على محمد سالم والمعروف بالشاب المصري الذي ذهب إلى إنجلترا ليدرس الهندسة، فدرس أيضًا الطيران، وعاد إلى مصر عام 1931، وكان وقتها في الحادية والعشرين من عمره وهو يقود طائرته. تقدم باستقالته من الإذاعة، ليتفرغ لبناء صرح السينما المصرية، مساهمًا بشكل كبير في تطور السينما المصرية، حيث تولى عملية توظيف الفنانين سواء أكانوا أجانب أو مصريين، واستطاع من خلال امتلاكه لهذه الأدوات أن يقدم فنًا راقيًا ومصريًا خالصًا بحسب ما ذكرت وكالة "أونا". وبشأن البث الإذاعي فقد بدأ في مصر في عشرينات القرن العشرين، وكانت الإذاعة عبارة عن إذاعات أهلية، حيث بدأ البث في مثل هذا اليوم من عام 1934 بالاتفاق مع شركة ماركوني، ثم تم تمصيرها في عام 1947 وإلغاء العقد مع الشريك، كانوا في البداية أربع إذاعات فقط، وتطورت بعد ذلك كثيرًا، وتحتفل الإذاعة اليوم بعيدها الثامن والسبعين. أقنعه طلعت حرب بترك عملة والعمل معه ب«استديو مصر» بعد تعيينه مديراً للقسم العربي في الإذاعة، وانطلق ب«هنا القاهرة»، قدم العديد من البرامج الناجحة، ولكنه تمرد وللمرة الثانية، عندما أقنعه طلعت باشا حرب بالعمل معه في شركة مصر للتمثيل والسينما«ستوديو مصر»، التي أنتجت في عهده العديد من الأفلام الناجحة، مما دفعه لتكوين شركة مستقلة وبدأ في إنتاج أعماله الخاصة، والتي شارك فيها تمثيلاً وإخراجاً. استقال أحمد سالم من كل هذه المناصب وكون شركة أفلام باسمه باسم نفرتيتي واستأجر لها مقرا في شارع أبو السباع (جواد حسني حاليا) فوق بنك موجيري الشهير في ذلك الوقت، وجمع له عددا من الفنانين والفنيين صغار السن الطموحين، وأقدم على أول إنتاج له فيلم “أجنحة الصحراء”، كتب هو السيناريو والحوار وقام بالإخراج وبطولة الفيلم وصوره جوليا دي لوكا وفاركاش، وشارك في بطولة الفيلم راقية إبراهيم وأنور وجدي وحسين صدقي وعباس فارس وروحية خالد ومحسن سرحان. وكان عرض الفيلم أول (أكتوبر) سنة 39 في سينما ديانا. والفيلم أعاد به أحمد سالم ذكرى حبه للطيران فكانت القصة هي أن شابا له صديق وهما على طرفي نقيض، فالطيار يحب مهنته مفضلا إياها على كل مغريات الحياة بينما يغرق صديقه في ملذاتها من خمر ونساء ويترك الطيار في النهاية الحياة بما فيها حبيبته راقية إبراهيم ليعيش في الهواء مع طائرته على أجنحة الطائرة في صحراء الحياة، واتسمت أفلامه بالطابع الاجتماعى، ومثل في كل الأفلام التي أخرجها. الأزمة السياسية وعشقه للمغامرة ابتعد أحمد سالم عن السينما بعد فيلم أجنحة الصحراء حيث شارك في أعمال تجارية كبرى في أعمال حرة أخرى مثل تجارة السلاح. وكانت له مغامرات في التجارة مشهورة حول الخوذات التي كانت تورد للجيش الإنكليزي وأحدثت هذه المشكلات ضجة في الأوساط الفنية وأيضا السياسية وهي حلقة من حلقات مغامرات هذا الفنان الطموح صاحب القلب القوي الحديدي والذي لم يكن يخشى أن يصطدم بأكبر الصعاب. محاولات انتحار دون جدوى..وزواجه من أشهر فنانات عصره اكتشف كاميليا وتزوج من مديحة يسري، ومن خيرية البكري، وأمينة البارودي، وأسمهان، وتحية كاريوكا. كان له ابنة واحدة اسمها «نهاد» وقد كان محبا للمغامرة وكان يعشق الحياة على حافة الخطر، وحاول الانتحار أربع مرات. قتلته رصاصة إمرأة توفي سالم في 10 سبتمبر عام 1949، برصاصة إمرأة أودت في النهاية بحياته فقد كان سببها أيضًا امرأة تنافس هو وأحد كبار رجال السرايا عليها. وذات يوم دخل أحمد سالم المنزل الذي تقيم به في الدقي فوجد الرجل وكان من كبار رجال الشرطة في العهد الملكي في البيت. وتبادل الاثنان إطلاق الرصاص لتصب إحداها أحمد سالم في الصدر أو العنق حسب إحدى الروايات، ويعالج أحمد من الرصاصة ويشفى ولكن آثارها تظل تؤلمه إلى أن يدخل المستشفي عام 49 وتفشل العملية، وتنطلق روحه إلى بارئها وتنتهي بذلك حياة رجل ذكي نال كل شيء، وحارب من أجل كل شيء. كان طموحه كبيرًا، ويملك عقلية جبارة ساعدته على بلوغ كل ما كان يرجوه.