"دخول البرلمان.. ورقة المصالحة.. الكيانات البديلة" ..الانتخابات شهادة ميلاد جديدة ل"الوسط والوطن وبعض الجماعة الإسلامية".. والتحالف الإخواني لا يزال يلقى لعنته على هياكلهم التنظيمية
"بيان" هكذا بدأ وهكذا انهار.. فكما كانت بداية التحالف عبر بيان متلفز يلتف حوله ممثلون من كافة الأحزاب ويعبر عن حالة التلاحم قبل أيام من 30 يونيو، ليحمل تهديداً ووعيداً لمن يفكر فى المساس بشرعية الدكتور محمد مرسي، انتهى أيضاً ببيان لحزب الوسط لم يتعد عدد كلماته ال500 يعكس حالة التشرذم التى وصلوا إليها والتفكك الذى تنتظرهم وينذر أن انسحاب الوسط لم يكن سوى بداية، وأن مصائر أخرى تنتظر أحزاب التحالف، ربما بالمراجعات أو الانتخابات أو الاختفاء . "الوسط".. جمع شتات ما عصف به الإخوان والعودة عبر تحالفات وسطية ليبرالية "تطور دراماتيكى" ربما هو الوصف الوحيد المناسب إذا ما حاولت رصد وضع حزب الوسط فى الفترة الماضية، للوقوف على الموقف الحالى من الخروج "بالتورية" عن تحالف الإخوان للانطلاق منه إلى مستقبله ومصيره عقب تفتت الكيان الذى انتمى إليه على مدار العام. فمن حزب قوامه بالأساس من "منشقى الإخوان" الذين خرجوا منها اعتراضاً على سير العمل داخلها ومواقفها، لينضموا بعد ذلك إلى القوى السياسية المعارضة لمبارك غير الإخوان، لتكن فى القلب منها فلقد دُشنت حركة كفاية من منزل "أبو العلا ماضي"، إلى الالتحام التام مع الجماعة مرة أخرى بدأ بدعمهم فى الدستور ثم الارتداد عنهم فى الرئاسة، إلى عودة مرة أخرى منذ دخولهم القصر حتى خروجهم منه، ليلحقوا بهم أيضاً داخل السجن. وبعد أن تشابك الحزب داخل دائرة الإخوان بالدرجة التى تعامل فيها رئيسه ونائبه – أبو العلا ماضى وعصام سلطان- بنفس الطريقة التى تعامل بها قيادات مكتب إرشاد الجماعة وصفها الأول، وشارك فيها من تبقى من القيادات فى الخارج مع قيادى الإخوان محمد على بشر وعمرو دراج فى كل اجتماعات المبادرات التى أعقبت الأحداث، واللقاءات مع الوفود الدولية، بل ووصل الأمر إلى احتضانهم مؤتمرات التحالف أحياناً فى مقرهم بالمقطم، ولكن مع حلول الذكرى الأولى لفض اعتصام رابعة، بدأ الحزب فى التراجع والعودة إلى الخلف عبر التعاطى مع مبادرة "الإخوان المنشقين"، والتى مثلت تمهيدًا للخطوة الرئيسية التى اتخذها الحزب الخميس الماضى بالانسحاب عن التحالف. حزب الوسط أسقط فكرة وجوده وتميزه بالتحامه مع جماعة الإخوان المسلمين ليس مع سقوط مرسى بل من قبل ذلك عندما أيدوا إعلانه الدستورى المستبد، ومن هنا بدأت حبات الحزب فى الانفراط" يقول طارق كامل، أحد القيادات المنشقة عن حزب الوسط: إنه انشق عنهم فى تلك المرحلة ومثله الكثير، يزيد الأمر سوءًا بعد سقوط الإخوان وإصرار القيادات العليا فى الوسط وعلى رأسهم ماضى وسلطان على موقفهم ذاته وانضم الحزب إلى تحالف الشرعية، ومن وقتها بدأ هيكل الحزب فى الانهيار، فمعظم القواعد أصبحت غير راضية عن المسار الرسمى للحزب ولم تشارك فى التظاهرات واعتزلت العمل السياسي. وأشار إلى أن الوضع بخصوص القيادات لم يختلف حيث انقسموا وأصبح جزءًا مع رفض التصعيد ومع الحلول السياسية وعلى رأسهم طارق الملط وحسين زايد والمجموعة التى جمدت عضويتها مؤخراً، والآخر يدير الحزب مع التصعيد والاستمرار مع التحالف. وأرجع "كامل"، فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، موقف قواعد الحزب الرافض لموقف الحزب والذى أدى إلى انهيار هيكله التنظيمى إلى اختلاف مكونات الحزب عن الإخوان التى تتكون معظم قواعدها من الطبقات العامية الفقيرة، بخلاف الوسط الذى انضم إليه من لديهم معرفة ووعى لما لمسوه فيه من تغيير مع بداية انطلاقة تلاشى بعد ذلك. وعن مصير الحزب بعد قبوله بمبادرة التصالح وتنازله عن عودة مرسي، قال قيادى منشق عن الحزب، إن مصير الحزب غير واضح فى ظل التشرذم الذى أصابه، فالحزب سيأخذ سنوات لكى يستطيع إعادة الحزب إلى ما كان عليه قبل الالتحام بالإخوان، مضيفاً أن المشكلة الرئيسية الآن أنه حتى لو تراجع حزب الوسط فلن يستطيع إيقاف باقى الأحزاب والعنف الذى يحدث فى الشارع، وذلك الرد جاء على لسان أحد المسئولين بالدولة لأحد القيادات فى الحزب التى حاولت التوسط لحل سياسى فى بداية الأزمة. وعلمت "المصريون"، أن الوسط سيحاول فى المرحلة القادمة استقطاب العناصر التى انفصلت عنه لموقفه المحالف للإخوان، بالإضافة إلى الانضمام إلى جبهة سياسية أو تشكيل جبهة جديدة يعودون من خلالها إلى الحياة السياسية، ليمثلوا معارضة للنظام الحالي، ويخوضون الانتخابات البرلمانية بها، وعلى رأس من سيتم التنسيق معهم حزب مصر القوية والتيار الشعبى والدستور.
الجماعة الإسلامية.. بين أمانى العودة إلى الحياة السياسية وقرار"النظام" وضغوط "الإخوان" قديماً كانت تستمد جماعة الإخوان المسلمين تواجدها من الطعن فى "الجماعة الإسلامية" ولسان حالها دائماً "نحن من نعبر عن الحالة الإسلامية الوسطية وتاريخنا لا يحوى عنفاً على عكس الجماعة الإسلامية" إلى أن الآن حان الوقت لكى تذيق الجماعة الإسلامية الإخوان من الكأس ذاته، وتحاول القفز من مركب الإخوان الغارقة التى ركبوها معهم منذ فوز مرسي، بالعبارة ذاتها "نحن أجرينا مراجعات ولم نعد وقتها للعنف.. الإخوان من تشحن شبابها لذلك من خلال وعود غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع بعودة مرسي. بدأت مشاورات الجماعة الإسلامية مع الدولة منذ أكثر من 5 أشهر، بشكل فردى بعيداً عن التحالف، إلا أن الخلافات التى أصابت كافة حلفاء الإخوان لم تسلم منها الجماعة السلفية، لنشهد صراعًا بين تيارين الأول بقيادة عبود الزمر والذى أخذ يكتب مقالات عن أن عودة مرسى أمر أصبح غير وارد ويهاجم استراتيجيات التحالف، وآخر بقيادة صفوت عبد الغنى تؤكد أن تصريحات آل الزمر لا تعبر عن الجماعة أو حزب البناء والتنمية وأنه مستمر مع التحالف. إلى أن تم القبض على قيادات التيار الثانى خلال محاولة هروبهم إلى السودان، ومن ثم لم تعد من معوقات تذكر لانسحاب الجماعة الإسلامية، غير المعلن حتى لآن، من تحالف الشرعية، تمهيداً للخطوات القادمة، والتى لن تكون فيها الجماعة إلا رد فعل والقرار بيد الدولة أما القبول بتراجعها الثانى أو سد الطريق لذلك. وقال عمرو عمارة، منسق تحالف الإخوان المنشقين، إن الجماعة الإسلامية منقسمة فيما بينها، وتتعرض لضغوط كبيرة من قبل جماعة الإخوان المسلمين، وتحاول إغرائهم من خلال المجلس الثورى الذى اتخذته تركيا ممثلاً لمصر فى حفل أردوغان، والتأكيد على أنه سيكون له دور كبير فى الفترة القادمة، وأن قيادات الجماعة ستشارك مع قياداته، حيث إن خالد الشريف المتحدث باسم الجماعة متحدث باسمه، فيما لا يزال البعض يرفض استخدام العنف وهؤلاء سينشقون عن الجماعة. وأكد خالد الزعفرانى، الخبير فى شئون الإسلام السياسى، أن الجماعة الإسلامية ستنسحب من التحالف وتشارك فى عملية الانتخابات البرلمانية ولكنها تنتظر الوقت المناسب لإعلان ذلك، مشيراً إلى دخولهم فى تسويات غير معلنة مع الدولة حتى تسمح لهم بالوجود والعودة إلى الحياة السياسية. فيما أختلف معه سامح عيد، الخبير فى الإسلام السياسي، قائلاً: إنه بالرغم من محاولات الجماعة الإسلامية التى تقوم فى الوقت الحالى بمحاولة المصالحة مع القيادات والمسئولين الحالين فى السلطة المصرية ويتمثل ذلك فى تصريحات عبود الزمر القيادى بالجماعة الإسلامية بضرورة المصلحة الوطنية وغيرها ولكن دون جدوي، مؤكدًا أن عودتهم إلى الحياة السياسية مرة أخرى أمر مستحيل و يصعب تنفيذه.
الوطن والجبهة السلفية.. سلفيو دعم الجماعة علنًا وما خفى كان "وسطاً" "أنصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، فما بالك أن يكون أباك أو أمك لا فقط أخاك. هكذا تعاملت كيانات وأحزاب سلفية وجدت فى دعم الجماعة على مدار عام مضى مخلص لها، منقذا حين يأتى الطوفان( انتفاضة 30 يونيو). وقتها يبحث كل طرف عن نجاة محاولا التمسك حتى بموطئ القدم الذى يستقر فيه أو أبعد منه بخطوات قليلة إن أمكن. ولكن يبدو أن هذا الممكن البعيد الذى راهنت عليه التيارات السلفية كآخر حلولها لم يكن متاحًا بعد عام من الإطاحة بحكم الجماعة، حيث تجد هذه التيارات نفسها فى الموقف الأضعف المتقلص فى ظل استفحال قوة النظام، مما دفع بعض أحزاب التحالف النجاة بنفسها من سفينة الجماعة مثلما فعل حزب الوسط. وهنا يطرح السؤال هل يلحق بالوسط باقى أحزاب التحالف وأبرزها "الوطن والجبهة السلفية"؟. ورغم اختلاف مواقف كل من الفصيلين على مدار العام لكن يبدو أن مصيرهم فى المرحلة القادمة سيكون الفرار الواحد، وهو ما قالته مصادر رفضت ذكر اسمها، حيث أوضحت أن الفترة القادمة سيلحق حزبا الوطن والجبهة بالوسط، كاشفة عن تحركات يقوم بها الوسط لاستقطاب باقى أحزاب التحالف وإقناعها. ولفتت مصادر إلى أن تلك الأحزاب كانت تبحث لنفسها عن مبرر للانسحاب من التحالف من فترة طويلة ولكنها لم تجرؤ على ذلك، مرجحا أن تؤثر خطوة الوسط على مواقفها. وأوضحت أن خطة تشكيل الكيان الجديد ستضم التشاور مع حزب مصر القوية، وباقى أحزاب تيار الإسلام السياسى، بحيث تتم إعادة إحياء الفصيل بعد عام من احتضاره. وهذا المصير الواحد الذى ينتظر الوطن والجبهة لا يعنى أن طريقهما كان واحدًا، فمثلاً الوطن الذى هو بالأساس خارج من قلب الإخوان كان على مدار العام يشعر بالولاء للجماعة، حيث إنه من العهد الأول للحزب بعد التدشين ظل الوطن محافظًا على علاقته بالجماعة الأم معارضًا حينًا ومؤيدًا أحايين أخرى. وبدأت هذه المعارضة الطفيفة حين انتقد الحزب سياسات الرئيس المعزول محمد مرسي، فى التقارب مع دول إيران وهو ما اعتبره الحزب بمرجعيته السلفية تهديدًا للمذهب السنى فى مصر. ولكن سريعًا عاد الحزب إلى الخط الذى نشأ عليه وهو الولاء للجماعة حين بدأ الحديث عن إمكانية الإطاحة بمرسى فى 30 يونيو، وهو ما يعنى الإطاحة بوجوده هو نفسه. وطالما الأمر يرتبط بنفسه إذًا هنا تظهر طبيعة البشر، لتقول ( نفسي...نفسي) حين يأتى الطوفان "انتفاضة 30 يونيو"، محاولاً أن يتمسك بموطئ القدم الذى يقف عليه أو أبعد منه قليلاً إن تحتم الأمر. وتجسد هذا المنطق فى التعامل فى إعلان حزب الوطن عن ولائه التام للجماعة واندماجه فى تدشين التحالف الوطنى لدعم الشرعية، شرعية ربما لا يكون "الوطن" مقتنعًا بها بقدر ما وجد فى دعمها سبيل أخير للبقاء فى المشهد، محاولاً الابتعاد بكل ما أوتى من قوة عن ثنائية ما قبل الثورة " إما السجن أو التوارى عن الأضواء" وتعد مسيرة الحزب مع الإخوان فيما بعد 30 يونيو استكملاً لمسيرة الموالاة مع الجماعة التى اختار الوطن أن يعمل وفقًا لها منذ لحظة التدشين، حيث يعلن الحزب مرارًا وتكرارًا عن أنه متمسك بالشرعية مؤمنًا مقتنعًا مقاتلاً من أجلها، نافيا بذلك الحزب كل الأخبار والتسريبات التى تدور حول تفكير الحزب فى الانشقاق عن تحالف الجماعة. وكأنه ظل الجماعة أو صدى الصوت لمواقفها واختار أن يكون "الوطن"، حيث يقول المحللون: إن الحزب السلفى المنشق عن النور هو آخر من يمكنه أن ينفصل عن حلم الشرعية، قائلين: إن مصلحته مع الجماعة كأنا ما كانت، فمصيره لو انفصل عنها السجن أما لو بقى فيخلق مصيرًا موازيًا وإن كان ضعيفًا ولكنه موجود وهو التخفى وراء أحداث رابعة والأخذ منها شعارًا للابتعاد عن جدران المحابس. وعلى مستوى الجبهة السلفية فكانت من أشد المعارضين للجماعة من قبل 30 يونيو إلا أنها فضلت الولاء والطاعة بحثًا لنفسها عن مكان على الساحة السياسية ولكنها بعد عام تشير كل المؤشرات إلى أنه أقرب إلى الانشقاق، خاصة فى ظل الانتقادات التى توجه لجماعة الإخوان واتهامها بالبحث عن مخرج واندماج فى الحياة السياسية.
أحزاب "كمالة" التحالف.. بين أضغاث "الأحلام" والفرار إلى كيانات ثورية ربما لم يسمع الكثير عنهم من قبل إلا عندما قاده الفضول إلى معرفة الأحزاب التى تشكل التحالف الوطنى لدعم الشرعية، لتقرأ وقتها عن "الأصالة – الفضيلة- الحزب الإسلامي- النهضة- الإصلاح" وهى الأحزاب غير الموجودة على أرض الواقع، ولا حتى عبر الفضاء الإلكترونى إذا ما حاولت البحث عنهم ربما لن تجد غير مواقع رسمية تحوى بعض الأخبار القليلة. ولقد أتاح التحالف لتلك الأحزاب فرصة للوجود بين الأحزاب الإسلامية الأقوى، وأتاح لبعض قياداتها فرصة الظهور الإعلامى فى المؤتمرات وغيرها كأحد قيادات التحالف، إلا أنه وبعد انهيار التحالف، بعضها سيظل فى أضغاث أحلامه عودة مرسى وتكريمهم من قبل الجماعة، وأخرى محاولة الاندماج فى كيانات أخرى ربما ثورية ذات طابع إسلامي. وقال الشيخ عبد الرؤوف أمير الجيوش، أحد مؤسسى الحزب الإسلامى، إن الوضع الحالى الذى تمر به مصر سيؤدى بنا إلى ثورة جديدة من أجل العدالة الاجتماعية التى طالما يبحث عنها الشعب المصرى خلال ثورة 25 من يناير الماضي، وأضاف أمير الجيوش ل"المصريون" إلى أنه كرجل صالح يرى خلال منامنه بعض الرؤى التى تفيد بأن مصر ستشهد ثورة ثانية تطيح بالحكومة والرئيس الحالى عبد الفتاح السيسى لإقامة دولة عادلة. وقال سامح عيد الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن جميع الأحزاب التى انضمت إلى تحالف دعم الشرعية ما هى إلا أحزابًا هزيلة وضعيفة وليس لها أى شأن أو شعبية على الساحة السياسية فى هذه الفترة، مشيراً إلى أن هذه الأحزاب تم اختبار شعبيتها فيما مضى خلال انتخابات مجلس الشعب الماضية فى عهد الإخوان ولم ينجحوا فى الحصول إلا على مقعد أو اثنين فقط من جملة مقاعد البرلمان و هو ما يؤكد عدم تأثيرها سواء داخل التحالف أو خارجه مشيراً إلى أن استمرارهم بالتحالف يرتبط بمصالح مادية فى المقام الأول على حد قوله. فيما قال ناجح إبراهيم، فى تصريحات خاصة ل"المصريون "، إنه من المقرر أن تتجه بعض الأحزاب الصغيرة التى يضمها التحالف بعد بيان انهياره على الساحة إلى تكتلات و تحالفات ثورية أخرى منها التى ينسقها "أيمن نور "رئيس حزب غد الثورة فى محاولة منهم للعودة مرة أخرى للعمل السياسى.