وسط هذا الحزن المخيم على أرجاء النفس، والكآبة المظللة لسماء الغد، هاهي المقاومة الفلسطينية تهل علينا بشعاع جديد، وأمل قد يرمم بعضا من جراحنا، وكرامة ربما تعيد لنا جزءا من عزتنا المفقودة تحت نعال الداخل والخارج، لقد فعلتها حماس ورفاقها، نعم انتصرت المقاومة رغم انف الحاقدين، هاهي حماس تمرغ أنف العدو في التراب، هاهم رجال حماس يعلنونها بكبرياء وفخر " ألان يمكن للاسرائيلين الخروج من ملاجئهم والعودة الى منازلهم" ..أي إحساس هذا الذي يمكن أن يشعر به العربي بسبب هؤلاء الصفوة من الرجال الأطهار الذين حملوا أكفانهم فوق أيديهم رافعين شعار " الموت في سبيل الله أسمى أمانينا"..هاهي حماس والقسام وغيرهم من فصائل المقاومة يسطروا بأحرف من نور تاريخا جديدا في سجلات المقاومة الفلسطينية المشرفة. راهن الكثير على خسارتهم، حتى أقرب جيرانهم، الجميع كان يتمنى سقوطهم أمام العدو، ليس لشيء إلا لخلافهم الفكري والإيديولوجي معهم، سول الحقد للبعض أن يتمنى انتصار العدو على الأشقاء، بل وصل الأمر إلى مناشدة البعض لجيش العدو بمواصلة زحفه لاستئصال شأفة حماس والمقاومة...ولكن الله غالب على أمرة. لأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية تقف المقاومة وحدها في ساحة الميدان، فالكل قد تخلى عنها، أغلقت المعابر، وهدمت الأنفاق، ومنع تصدير الأسلحة والأموال، ومع ذلك وقفت المقاومة أبية شامخة، ترفع شعار " إن الله معنا" وبالفعل كان الله معها، لانها ما ابتغت بذلك سوى وجه الله وليس كما يعزف البعض انتصارا سياسيا أو تسول الدعم من هنا وهناك ولو على حساب الابرياء..هذه اللغة لايعرفها إلا المرجفون.. راهنوا في السابق أن حماس لن تجرؤ أن تطلق رصاصة واحدة تجاه إسرائيل، وأنها المسئولة عن كل ما يحدث من إرهاب في مصر، ثم فوجئوا أن حماس أسقطت مايزيد عن 80 إسرائيلي ومئات المصابين، قالوا أن حماس تدفع بالأبرياء للشهادة اما هم فأبعد مايكون، وفوجئوا أن قادة حماس قد دمرت منازلهم واستشهد ابنائهم وزوجاتهم..وإن تنصروا الله فلا غالب لكم.. شكرا لكل من وقف بجوار المقاومة، إما بالدعم المادي أو المعنوي، شكرا لكل الشعوب العربية التي انتفضت لنصرة أهلنا في غزة، ولا عزاء للأنظمة التي خافت على نفسها، ورأت أن انتصار حماس "الاخوانية " مؤشر خطير لتصدير هذا الانتصار للداخل، لن ينسى التاريخ من وقف إلى جوار المقاومة والقضية الفلسطينية، ولن ينسى أيضا من تواطأ وداهن وعزف على كل الأوتار، وأراد تحقيق حضورا مزيفا لا يخدم سوى الأعداء ولو بمبادرات واهية..شكرا غزه..شكرا أهل العزة والكرامة..