عيّن المؤتمر الوطني العام في ليبيا، يوم الإثنين، عمر الحاسي (55 عامًا)، رئيسًا لحكومة إنقاذ وطني، وأعلن حالة الطوارئ في البلاد. وانعقد المؤتمر، في العاصمة طرابلس اليوم، بعد إعلانه معاودة عقد جلساته "استجابة لنداء الثوار وأصوات الشعب في مظاهراته"، بحسب المتحدث باسم المؤتمر، عمر حميدان. وقال حميدان، في تصريحات لوكالة الأناضول، إن تعيين الحاسي جاء بالإجماع، وكلف بالإعلان عن حكومته في غضون أسبوع. وعن شرعية معاودة المؤتمر للانعقاد، قال إن "المؤتمر ليس في نيته البقاء على الإطلاق ولكن نداء الثوار وأصوات المتظاهرين حتمت عليه الاستجابة لوضع حد للانفلات وإنقاذ البلاد من انقلاب على الثورة من قبل المتآمرين عليها". ومضى قائلا إن "هناك قرارات حاسمة لإنقاذ الوضع الراهن في البلاد ستصدر عن المؤتمر خلال الساعات القادمة". وبعيد إعلان تكليف الحاسي بتشكيل حكومته، صوّت الأعضاء الحاضرون لصالح إعلان حالة الطوارئ في البلاد وأن يكون المؤتمر في حال انعقاد دائم، بحسب حميدان. وقال إن النصاب القانوني لانعقاد الجلسة قد توفّر، دون أن يحدد عدد الأعضاء الحاضرين. وبحسب مراسل الأناضول، فإن عدد أعضاء المؤتمر الوطني العام الليبي 200 عضو، إلا أنه بفعل الاستقالات التي تقدم بها عدد من الأعضاء، وآخرين أسقطت عضويتهم بطلب من هيئة النزاهة الوطنية (حكومية)، فإن العدد قبل انتهاء ولايته بلغ 182 عضوًا. وجاء استئناف المؤتمر الوطني المنتهي ولايته لجلساته بعد أن كانت توقفت عقب انتخاب البرلمان الجديد في يونيو/حزيران الماض)، لتثير حالة من الجدل السياسي في ليبيا حول شرعية هذا الانعقاد، في وقت يشكك فيه آخرون في شرعية البرلمان الجديد الذي يعقد جلساته في مدينة طبرق (شرق). وهو الأمر الذي عارضه أعضاء من مجلس النواب الجديد، وعلى رأسهم النواب المحسوبين على التيار الإسلامي، كون طبرق من المدن المؤيدة للعملية العسكرية التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضد كتائب إسلامية تابعة لرئاسة أركان الجيش. بالإضافة إلى أن تلك الخطوة تعد "متعارضة" مع توصيات لجنة فبراير 2013 (شكلها البرلمان السابق لبحث حلول الأزمة السياسية في البلاد) المعدلة للاعلان الدستوري، والتي نصت على أن تكون مدينة بنغازي (شرق) هي المقر الدائم للبرلمان. والحاسي من مواليد بنغازي، وتخرج في كلية الهندسة عام 1989، وهو عضو هية تدريس في جامعة بنغازي منذ سنة 1990. وهو عضو مؤسس في جماعة "حسم" تأسست آخر الثمانينات لمعارضة نظام معمر القذافي، وفي 1991 شارك في عملية عسكرية لإطلاق معارضين سياسيين كانوا في سجون القذافي. وفي 1999 دخل السجن جراء نشاطه السياسي، وبقي داخله حتى آخر عام 2000، وعقب ثورة 2011، التي أطاحت بالقذافي، عُيّن عضوًا في تنسيقية العزل السياسي و رابطة شهداء 17 فبراير. وتشهد عدة مدن ليبية، على رأسها العاصمة طرابلس، وبنغازي أكبر مدن الشرق الليبي، اشتباكات شرسة ودموية، هي الأسوأ منذ سقوط نظام القذافي، وأدت إلى مقتل أكثر من 200 شخص وإجبار معظم الحكومات الغربية على سحب دبلوماسييها من ليبيا. وكانت قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر والوحدات العسكرية الموالية له، شنت في 16 مايو/ أيار الماضي عملية عسكرية في بنغازي أسماها "عملية الكرامة"، قال إنها ضد كتائب الثوار (تابعة لرئاسة هيئة الأركان) وتنظيم أنصار الشريعة بعد اتهامه لهما ب"التطرف والإرهاب والوقوف وراء تردي الأوضاع الأمنية وسلسلة الاغتيالات في المدينة"، فيما اعتبرت أطراف حكومية تحركات حفتر "محاولة انقلاب على شرعية الدولة". وردا على عملية "الكرامة" تم إطلاق عملية عسكرية أخرى هي "فجر ليبيا" في طرابلس، تقودها منذ 13 يوليو/ تموز الماضي "قوات حفظ أمن واستقرار ليبيا"، المشكلة من عدد من "ثوار مصراتة" (شمال غرب)، وثوار طرابلس، وبينها كتائب إسلامية معارضة لحفتر في العاصمة، ونجحت قبل أيام في السيطرة على مطار طرابلس الذي كان تحت سيطرة كتائب "الصواعق" و"القعقاع"، المحسوبة على مدينة الزنتان، وتعتبر الذراع العسكري لقوى التحالف الوطني (الليبرالي)، والموالية لقوات حفتر.