فى بداية القرن العشرين ظهرت فى مصر وتركيا دعوتان خبيثتان ،الأولى هى كتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية ،والثانية هى إحلال اللغة العامية محل اللغة العربية الفصحى ،وتبنت شخصيات مرموقة هاتين الدعوتين ،ولكن الأزهر الشريف ومجمع اللغة العربية تصدا لهما بقوة وأحبط مخططاتهم فى مصر،ولكن فى نفس الوقت نجحت الأولى فى تركيا أبان فترة حكم الرئيس الصهيونى مصطفى كمال أتاتورك. أدرك أعداء اللغة والدين صعوبة نجاح الدعوة الأولى فى مصر ، و أن البديل المتاح هو الدعوة إلى العامية وتوسيع نطاق استخدامها حتى تصبح بمرور الزمان هى لغة البلاد الرسمية وتصبح اللغة العربية لغة مهجورة ميتة موجودة فى الكتب التاريخية فقط كاللغة اللاتينية. وظهرت طائفة من الناس فى مصر أطلقوا على أنفسهم " شعراء العامية " وتخّفُوا تحت شعار "الشعر الحديث" ،وظهر من هؤلاء ما يسمّوا ب "شعراء الأستيكة " الذين يكتبون كلاما منثورا وبعد ذلك يأتى الواحد منهم بأستيكة يمسح بها ما بين الكلمات بطول الصفحة ليأخذ هيئة الشعر. وبالطبع لم يخل الزمان من أقطاب اللغة المدافعين عنها الغيورين عليها مثل أحمد شوقى وحافظ إبراهيم ومحمود عباس العقاد ومحمود حسن اسماعيل ومصطفى صادق الرافعى، وغيرهم كثيرون رحمهم الله جميعا. ولكن أعداء اللغة والقرآن لم ييأسوا ودخلوا فى حرب ضروس مع لغة القرآن ،لأنها إذا ضاعت ضاع القرآن وضاعت علوم الدين وضاعت الهوية العربية الإسلامية لمصر. هم لم ينجحوا ، ومن المؤكد أنهم لن يحققوا أهدافهم لأن الله تعالى قال فى القرأن الكريم فى سورة الحجر : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون ) والذكر هو القرآن ،وحفظ القرآن يكون بحفظ لغته ومن يسخّرهم الله لتعليمه وبيان معانيه وأحكامه للنّاس. هذا مانعتقده نحن المسلمون ،ويؤيده الواقع ،فهاهو الأزهر الشريف ،وها هى كليات اللغة العربية ،وهاهو مجمع اللغة لعربية ...مؤسسات قوية ..عزيزة ..شامخة..قيضها الله تعالى ورجالها لحفظ اللغة العربية وعلوم القرآن والدين،يأتى إليها طالبوا العلم من المسلمين غير الناطقين بالعربية من كل فج عميق ، لينهلوا منها ويرتووا من بحرها العميق. كانت مجلس إدارة معهد تدريب الحمير يدرك الصعوبات التى تواجهه فى طريق القضاء على اللغة العربية ،ورأى انه لابد من تثقيف الدارسين وإعدادهم ليكونوا تتارالحرب على اللغة وإحلال العامية مكانها كخطوة على الطريق.تباحثوا فيما بينهم ووجدوا أن السبيل لذلك هو انتداب أحد العلماء المتخصصين فى اللغة العربية على أن يكون من الكارهين لها الحاقدين عليها.ويجيد اللعة العامية ولغة الشوارع فى نفس الوقت . كيف وأين يوجد ذلك الشخص؟ لا يتأتى إلا بأن يكون من المستشرقين المصريين !!نعم هذا هو الشخص المناسب :عالم فى اللغة العربية يكرهها كراهة الموت ، وهؤلاء كثيرون. انتدبوا واحد منهم للتدريس للحمير ووافق على الفور بحماس شديد. حضر المٌعلّم المستشرق وبدأ المحاضرة : ياجماعة انتوا ناس وطنيين مخلصين لبلدكم ،عشان كده أنا جيت لكم ،اللغة العربية دى مش لغتكم دى لغة المستعمر العربى، يبقى لازم تسيبكوا منها وتستعملوا لغتكم العامية الوطنية إلى ان ييجى يوم ترجعوا فيه للغتكم المصرية الأصيلة.حدّ مش فاهم؟ .حدّ عنده سؤال؟ دارس : لكن احنا خدنا فى التاريخ زمان إن العرب لمّا جم مصر ،أهل مصر همّه اللى فتحوا لهم الأبواب وطلبوا منهم الدخول لينقذوهم من الرومان اللى كانوا بيدبّحوهم ويعملوا لنسوانهم حاجات وحشة.....حاجات قلة أدب ولا مؤاخذة !! نظر إليه المعلّم شذرا واحمرت عيناه واستشاط غضبا وقال : إنت باين عليك إرهابى ومتطرف ،ولوقلت كلام من ده تانى حا خللى المعهد يفصلك . ثم استأنف : يعنى انت فى بيتكوا و لمّا بتروح عند أمك منّك له,بتتكلم فصيح ؟ بتقول لامّك : (يا أٌمّاه) ، وللا بتقول لها يا مّه؟ الشيخ منصر : بنقول لها يامّه.. المُعلم : كويّس.... وفايزة أحمد لما غنّت قالت أيه؟ قالت يامّه القمر عا الباب ولّلا : يا أُمّاه القمر بالباب؟ الشيخ منصر: لأ...قالت يامّه القمر عا الباب .. س :عظيم....و لمّا كت بتدخل على أبوك الصبح بتقول له أيه؟ كت بتقول له صباح الخير يابا واللا كت بتقول له ( عِمت صباحا يا أبتاه ؟ ) الشيخ منصر: كنّا بنقول له صباح الخير يابا.. المُعلم: طب لمّا كان الشيخ بيضربك بالعصاية على .......... وانت صغيّر فى الكُتّاب،كت بتقول ( آه يابا ) ، واللا (وا أبتاه )؟ الشيخ منصر: كنا بنقول آه يابا... المُعلم: يبقى خلاص..جالكم كلامى ؟ عيشوا عيشة أهلكم وارجعوا للغتكم الأصلية ،الله يخرب بيوتكم وبيت اليوم اللى شفناكم فيه . الدارسون : توشكر على كل حال. المُعلم:المحاضرة الجايّة حا جيب لكم عينات من الشعر القديم اللى باللغة العربية وعينات من الشعر الحديث اللى باللغة العامية عشان تعرفوا الفرق.فهمتوا يا حمير؟ قالوا : أيوه ياسيدنا. توشكر على كل حال. ******