للمرة الألف، أدين الإرهاب بكل صوره، وأشكاله، وبأشد العبارات، أيًا كان مصدره. من يمارس الإرهاب لا دين، ولا أخلاق، ولا ضمير، ولا إنسانية لديه، ويجب مواجهته بلا رحمة. في نفس الوقت أدين، وبأشد العبارات، القمع، والتخويف وانتهاك حقوق الإنسان، وكل أشكال الظلم السياسي والاجتماعي، وكل سلوك ينتقص من كرامة وآدمية الإنسان خارج القانون الذي لا يجب تفسيره بانحراف، أو على الهوى، أو تطويعه لتحقيق أي مقاصد سلطوية. هناك تفجيرات مؤلمة راح ضحيتها ضباط وأفراد شرطة أمام قصر الاتحادية، وسبقها بأيام تفجير في سنترال راح ضحيته أم وابنتها، وسبقهما تفجيرات في محطات للمترو أصيب خلالها عدد من المواطنين، كما تسببت في بث الرعب والهلع في نفوس الركاب، وقبل الحوادث الثلاثة الأخيرة تعرضت البلاد للعديد من التفجيرات وحوادث العنف والإرهاب طالت منشآت شرطية، ومواقع عسكرية، وراح ضحيتها رجال شرطة وجيش، وهو أمر مفزع ومدان، ولن يحقق للمجرمين أي مكسب، فهم لن يهزموا الدولة لأن كل أدوات القوة في أيدي السلطة، وهم بأفعالهم الإرهابية يمنحون السلطة المبررات الكافية لاستخدام القوة والقمع والتضييق والرقابة دون أن يتجرأ أحد ليقول لها شيئًا، كما تستفيد بتحشيد المصريين وراءها وجعلهم يتماهون تمامًا مع سياساتها ويتصدون لمن يتحدث ويدافع عن الديمقراطية والحريات، وتستفيد على صعيد الإفلات من أي التزامات بتحسين الأوضاع المعيشية والأمنية ، كما يستفيد السيسي بشكل كبير، حيث يتحرر من الضغوط بشأن ضرورة تحقيق إنجازات عاجلة لصالح المواطنين باعتباره يحارب الإرهاب ولا وقت لديه لحل الأزمات الجماهيرية المستعصية والتي كانت الأساس في مطالبة قطاعات من المصريين له بالترشح والتصويت له. هؤلاء الإرهابيون لا نظير لهم في الغباء لأنهم مع كل عملية يفقدون أرضًا، ويساعدون السلطة في التهرب من الاستحقاقات المطلوبة منها، وينسفون فكرة بناء ديمقراطية، ويدفعون في اتجاه بناء حكم بقبضة حديدية لاعتبارات حماية الوطن والأمن القومي، ويسوغون الخطاب الرسمي بأن السلطة تواجه إرهابًا خطرًا وتخوض معه معركة حياة أو موت، ويسوغون مطلبها بضرورة التكاتف الإقليمي والقاري والدولي لمحاربة الإرهاب الذي يدمر الأوطان ويمزق الشعوب، وهؤلاء الإرهابيون عمومًا لا يؤمنون بالديمقراطية، ولا بالحريات، ولا بالعمل السياسي السلمي. الدولة لن تُهزم قطعيًا أمام هؤلاء، بل هم المهزومون لامحالة، ولو زادت التفجيرات والدماء أكثر من ذلك فإن آلة القوة المنظمة لدى السلطة ستدور بأسرع مما هي الآن وقد يتسبب ذلك في وقوع ضحايا أبرياء. الجانب الآخر الذي لابد من الحديث عنه هو أين الأجهزة الأمنية كلها مما حصل أمام الاتحادية وقبلها في تلك السلسلة من عمليات التفجيرات التي بدأت بمحاولة اغتيال وزير الداخلية؟. أين التحقيقات والحسابات والمراجعات والمساءلات داخل الأجهزة ، هل تم الكشف عن الثغرات، وتحليل أسباب الإخفاقات، وتحديد المسؤوليات، وإنزال العقوبات في كل ما سبق من عمليات، أم يتم الاكتفاء بإدانة الإرهاب والوعد بالثأر والقصاص فقط وكأن الأجهزة وأفرادها لا يخطئون أبدا، أو يخطئون لكن يأمنون المحاسبة ما يعني أنه تدليل، لذلك تتكرر الحوادث والكوارث ويسقط المزيد من الضحايا. هل هناك ريشة على رأس الأجهزة وأفرادها، وهل هم في حماية وحصانة، يفعلون ما يشاؤون دون أن يتعرض لهم أحد لذلك تتكرر تلك الحوادث الدموية؟. الخطير في الأمر أنه كانت هناك تهديدات من جماعة "أجناد مصر" الإرهابية بزرع عبوات حول قصر الاتحادية ، وهي منشورة وقرأتها على مواقع التواصل والمواقع الإخبارية هكذا علنًا وقد سخرت منها وقلت إنها تهديدات غير واقعية، هل يجرؤ أحد أن يقترب من ذلك المكان وساكنه السيسي لكن تأكد أن تهديداتهم جدية حيث قالوا ونفذوا في تحد للرئاسة والحكومة والداخلية وكل الأجهزة الأمنية. إذا كنت قد سخرت فلي عذري، فأنا في النهاية مجرد كاتب عن بعد ولست صانع قرار ولا في مطبخ المعلومات بعكس الأجهزة ذات الأيادي الطويلة والإمكانيات الخرافية والتي ترصد كل صغيرة وكبيرة وبالتالي لا يجب أن تهمل أية معلومة حتى لو كانت غير جادة، كان عليها أن تتحرى وتهتم وتفحص وتتابع وتفسد المخطط لكن يبدو أنها فعلت مثلي حيث سخرت واكتفت بذلك. لا شيء يتغير في مصر، هناك سلبية وتكاسل وإهمال ولا مبالاة لدى المواطن ولدى المسؤول ولدى الأجهزة، حالة من الاسترخاء حتى في عهد السيسي وحكومة" 7 الصبح"، وهذه هي النتيجة الإرهاب يضرب في أماكن حساسة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.