سياسيون: البرلمان القادم بدون معارضة حقيقية والرئيس سيشكل الحكومة وقانون مجلس النواب يصب فى صالحه تصارعت التحالفات السياسية فى مصر استعدادًا للانتخابات البرلمانية القادمة منذ أن أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى عن البدء فى إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الثامن عشر من شهر يوليو القادم، وذلك حسبما نص الدستور، فقد نص على إجراء الانتخابات البرلمانية عقب 6 أشهر من إقراره. ومن المتوقع أن تشهد خريطة التحالفات الانتخابية تغييرًا كبيرًا فى الانتخابات القادمة بعد مقاطعة كثير من الأحزاب للانتخابات، وخاصة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية التى شهدت صعودًا كبيرًا لها وحازت على الأغلبية فى كل الاستحقاقات الانتخابية بعد ثورة يناير. لكن أحداث 30 يونيو 2013 وما بعدها كان لها تأثيرها السلبي فى هذه الأحزاب وبخاصة حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، فى أعقاب تصنيف الجماعة بالإرهابية من قبل الحكومة، مما يمهد هناك تحالفات انتخابية جديدة ستشهدها مصر خلال المرحلة المقبلة. فيما أكد المحللون أن البرلمان القادم سيتشكل معظمه من رجال الأعمال المؤيدين والموالين للرئيس السيسى الذين سيوافقون على قرارات الرئيس بدون مناقشة أو معارضة، وأنه لن يكون هناك معارضة حقيقية داخل مجلس النواب القادم، بسبب قانونه الذي نص على إجراء الانتخابات على 80 % من مقاعد المجلس بالنظام الفردي و20 % بنظام القائمة، ما يؤدى إلى عدم وجود أغلبية حزبية داخل المجلس ومعارضة قوية للرئيس ويمهد الطريق لقيام الرئيس بتشكيل الحكومة لعدم وجود حزب يمثل الأغلبية يستطيع تشكيل الحكومة بعد تقليل نسبة القوائم الحزبية إلى 20 % من مقاعد المجلس وجعل الأغلبية للنظام الفردي، مما يصعب المهمة على أى حزب لتشكيل الحكومة، وبالتالي يشكلها الرئيس السيسي.
وقال الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إنه سيتم تشكيل تحالفات كثيرة وتكتلات ستكون معارضة فى مجلس النواب القادم لبعض القرارات التى لا تخدم مصالح الشعب، فالعضو القادم سيكون مهتمًا بالتشريع فقط، وليس لعمل المصالح والخدمات، وهناك الكثير من معارضي السيسى من الممكن أن ينجحوا فى الانتخابات القادمة ويمثلون تحالفات قوية أمام أنصاره ومؤيديه، لأنه ليس كل الشعب مؤيدًا للسيسى، فمن المتوقع أن يظهر معارضة حقيقية وليس معارضة مقنعة، وذلك لأنه لا يوجد إلى الآن مصطلح الحزب الحاكم ولن يسمح به مرة أخرى. إلا أن أبو العز الحريري عضو مجلس الشعب السابق، قال إنه لا نستطيع الجزم بأن البرلمان القادم سيكون برلمانًا مؤيدًا للسيسى وخاليًا من المعارضة، لأنه حتى هذه اللحظة لا نعرف ما هو شكل البرلمان القادم، خاصة أنه ستتم العودة إلى النظام القديم مرة أخرى، ويكون النظام المختلط هو أساس الانتخابات القادمة الذى سيكون بنظام الثلث والثلثين بمعنى أنه ستكون الأغلبية للفردي وسنجد استقطابًا للكثير من المستقلين للانضمام للأحزاب وسيتم تكوين حزب الأغلبية منهم ولكن الشعب أصبح واعيًا فى الفترات الأخيرة ولن يسمح بما كان يحدث فى الماضي. وأشار "الحريري" إلى أن الشعب لن يسمح للبرلمان القادم أن يكون برلمانًا معارضًا من أجل المعارضة فقط أو من أجل الشو الإعلامى؛ حيث إن المعارضة فى الفترات السابقة كانت مجرد ستار يتخفى وراءه الحزب الوطنى المنحل فليس من الممكن أن يحدث ذلك الآن. فالشعب الذي انتخب الرئيس عبد الفتاح السيسى بإجماع فى انتخابات حرة نزيهة لن يسمح للبرلمان أو لبعض أعضائه بعرقلة تنفيذ برنامج الرئيس المنتخب من أجل صراعات سياسية أو ابتزاز سياسى أو حزبي للرئاسة، ولكن يمكن أن تتم الموافقة على الكثير من القوانين أو القرارات التى تمكن الرئيس من الخروج من الأزمات المتلاحقة هذه الفترة. فيما أكد عصام شيحة، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إنه يجب أن يكون البرلمان القادم برلمانًا مؤيدًا للقرارات الصحيحة فقط التى يصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسى وسيكون فى مساعدته حتى يخرج البلاد من عنق الزجاجة؛ فالفترة القادمة تحتاج إلى تشريعات قوية وقرارات صارمة حتى ينهض بالبلاد، فالمعارضة القوية لا يستطيع النظام تجاهلها. فإذا لم يوجد برلمان قوى ويكون معارضًا فلا داعى لعقد جلسات للبرلمان فى هذه الحالة، ومن المتوقع ألا يحتوى البرلمان القادم على معارضة قوية وحقيقية لقرارات السيسى ولكن سيكون قويًا بالفعل فى المرات التى تلي البرلمان القادم. وأكد "شيحة" أن السيسى هو الذي سيشكل الحكومة نظرًا لعدم وجود حزب قوى يستطيع تشكيل الحكومة ولأن قانون انتخاب مجلس النواب القادم لن يتيح الفرصة لوجود حزب قوى يتمتع بأغلبية البرلمان ويتيح الأغلبية داخل البرلمان للنظام الفردي، مما يمهد لإعطاء الفرصة للرئيس القادم لتشكيل الحكومة بعد غياب حزب الأغلبية والذي هو المكلف دستوريًا بتشكيل الحكومة حال حصوله على الأغلبية فى البرلمان. وأشار إلى أن البرلمان القادم ليس من حقه رفض أو قبول أى قرارات أو قوانين أصدرت قبل تأسيسه، وذلك حسبما جاء فى الدستور فهو من حقه إبداء الرأي فقط وإجراء التعديلات، ولكن من المتوقع أن يكون أغلب النواب مؤيدين للسيسى، وذلك لأن البرلمان القادم سيكون أغلبيته من رجال الأعمال الذين أعلنوا تأييدهم له منذ الانتخابات الرئاسية فمن أين ستأتي المعارضة. وقال الدكتور يسرى العزباوي، الخبير بمركز الدراسات الاستراتيجية ب "الأهرام"، إن البرلمان القادم لن يكون به معارضة حقيقية، خاصة أن شعبية المشير عبدالفتاح السيسى أكبر من شعبية البرلمان، ومن خلال هذه الشعبية يستطيع أن يصدر القرارات مدعومة بشعبية من الشارع دون أن يستطيع البرلمان عرقلتها. وأنه من الأسباب التى تؤدى إلى ضعف فاعلية البرلمان عدم وجود أحزاب قوية يمكن أن تمثل معارضة حقيقية وفعالة تجاه قرارات رئيس الجمهورية. فالمعارضة يمكن أن تتحقق فى شخصيات مستقلة يمكنها أن تلعب دورًا مهمًا وسط البرلمان إلى أنه فى النهاية القرارات ستحسم من خلال التصويت والذي قد يحسمه أعضاء البرلمان المنحازين للسيسي. فالمعارضة هى جزء أصيل من أى نظام يتطلع لتحقيق توازن فى الحياة السياسية، ولكن بشرط أن تكون مستقلة ومدعومة من قاعدة عريضة من الأفكار التى تسعى لتحقيق أهداف مترابطة بين عدد كبير من النواب الذين يمثلون شرائح كبيرة من المجتمع. ولفت العزباوي إلى أنه من أسباب هدم المعارضة هى تكوين تحالفات سياسية غير متوافقة الرؤى والأهداف والتي تؤدى بها إلى التفتت والاندثار قبيل موعد الانتخابات، مما يخلق نوعًا من التشكك من قبل أعضاء هذه التحالفات أمام الجمهور ومن ثم تفقد جاذبيتها. من المنطلق ذاته، يقول سعد عبود، عضو مجلس الشعب السابق، إن قانون مجلس النواب الحالى يقضى على الحياة الحزبية فى مصر، ولذلك لن تكون هناك معارضة من الأساس وإن وجدت ستكون بأعداد بسيطة ومتناثرة ولن يكون هناك معارضة حقيقية تعارض النظام الحالى فى قراراته لأن معظم مَن سيدخل البرلمان القادم سيكون من رجال الأعمال الموالين لهذا النظام؛ فالبرلمان قوى يعبر عن إرادة الشعب ولكن قانون مجلس النواب الأخير حول هذا البرلمان إلى برلمان منزوع الدسم من المعارضة. وأضاف "عبود" أنه على رئيس الدولة عبد الفتاح السيسى أن يتدخل حاليًا، وذلك لأنه يملك التشريع فى غياب مجلس النواب ولابد أن يعدل قانون مجلس النواب الحالى لأنه قانون معيب هذا إن كان هدفه أن تمارس حياة سياسية من خلال أحزاب سياسية قوية، أما إذا كانت الأحزاب ضعيفة فعلى الرئيس أن يعمل على تقوية الأحزاب بالقوائم النسبية وهذا سيصب فى مصلحة الحكومة. فالحكومة الحالية سوف تستقيل بمجرد انتخاب مجلس النواب الجديد وسيتم تشكيل حكومة جديدة تذهب إلى البرلمان لأخذ الثقة منه وان لم تأخذ الثقة تستقيل وهذا بناءً على نص الدستور فالمادة 146 تنص على أن رئيس الدولة من حقه أن يكلف أى شخص بتشكيل الحكومة ولكن هذا الشخص لابد أن يأخذ هو وحكومته الثقة من البرلمان وإن لم يحصلوا عليها فلابد من تقديم الحكومة لاستقالتها ومن ثم على رئيس الدولة طبقًا لنفس المادة أن يلجأ إلى الأحزاب الحاصلة على الأغلبية كي يكلفهم بتشكيل الحكومة فإن لم يأخذوا الثقة من البرلمان فلابد من حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة مباشرة فقانون الانتخابات الحالى يصب فى صالح مؤسسة الرئاسة. ويقول فؤاد بدراوى، عضو الهيئة العليا بحزب الوفد، إن المعارضة دائمًا تتشكل بعد الانتخابات البرلمانية وطبقا لما تسفر عنه نتيجة الانتخابات فإذا كان يوجد حزب حائز على الأغلبية، فالأحزاب الأخرى تمثل المعارضة، فالأحزاب التى لم تشارك فى السلطة دائمًا هى الأحزاب المعارضة فالمعارضة تنشأ طبقا لنتيجة الانتخابات. فمن الممكن أن تكون هناك معارضة لكنها لن تكون على المستوى المطلوب.