انتشرت القوات السورية في مدن جنوبية، اليوم الخميس، وشددت قبضتها على مدينتين في توسيع لعملية عسكرية ضد المحتجين على حكومة الرئيس بشار الأسد، وفي حين وعد الأسد بإصلاحات، على أمل إخماد المعارضة، تقدمت الدبابات في مدن داعل وطفس وجاسم والحارة، وذلك تحسبا لمظاهرات غد الجمعة. ويجري نشر دبابات في مناطق على الساحل السوري وفي وسط حمص وخارج مدينة حماة إلى الشمال، وحاليا في أنحاء سهل حوران في الجنوب، وهي مناطق تشكل مساحة كبيرة من أراضي البلاد التي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة. وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، إن وحدات الجيش تتعقب "جماعات إرهابية مسلحة" مدعومة من إسلاميين ومحرضين أجانب تلقي الحكومة عليهم باللوم في العنف. وتقول الحكومة إن حوالي 100 من أفراد الجيش والشرطة قتلوا، بينهم اثنان سقطا، أمس الأربعاء، في مدينتي حمص ودرعا. واندلعت الانتفاضة الشعبية ضد حكم الأسد في 18 مارس في منطقة سهل حوران الإستراتيجية المتاخمة لهضبة الجولان المحتلة من ناحية الغرب والأردن من الجنوب. وقال محام بارز، في سهل حوران، إن المئات اعتقلوا في المنطقة منذ أمس الأربعاء، عندما قتل 13 شخصا، فيما قال ناشط حقوقي إنها عمليات قصف نفذتها دبابات لمنازل في مدينة الحارة على بعد نحو 60 كيلومترا إلى الشمال الغربي من درعا. وقال المحامي: "يريد النظام القضاء على مراكز المظاهرات في حوران بتذكير الناس بتاريخه القمعي"، مشيرا إلى سحق المعارضة الإسلامية والعلمانية التي شكلت تحديا لحكم أسرة الأسد في الثمانينات. ولم يصدر تعليق فوري من السلطات السورية التي منعت أغلب وسائل الإعلام العالمية من العمل في سوريا، مما يصعب التحقق من الروايات بشأن الأحداث. وقالت منظمتان سوريتان مدافعتان عن حقوق الإنسان، إن قوات الأمن اعتقلت عشرات السكان في مدينة بانياس الساحلية المحاصرة وقرية البيضا القريبة منها، اليوم الخميس. وقال متحدث باسم المرصد السوري لحقوق الإنسان: "دوت أصوات إطلاق نار كثيف لدى تنفيذ قوات الأمن للاعتقالات". وفي حمص اعتقلت قوات الأمن السورية الناشط الحقوقي المخضرم نجاتي طيارة، اليوم الخميس، وفق ما ذكره المرصد. وكان طيارة قد انتقد بشدة الحملة العسكرية في الأحياء السكنية بالمدينة لسحق المظاهرات المطالبة بالديمقراطية. وطيارة معتقل سياسي سابق، ولعب دورا بارزا في الحركة المطالبة بالحريات السياسية المعروفة باسم ربيع دمشق التي سحقت عام 2001 بعد عام من تولي بشار الأسد الرئاسة خلفا لوالده الراحل حافظ الأسد. وقالت شاهدة عيان إن قوات الأمن ما زالت تغلق حيا سكنيا رئيسيا في حمص بعد قصفه بالدبابات، أمس الأربعاء، ومقتل خمسة أشخاص على الأقل. وتقول جماعات حقوقية إن 650 مدنيا على الأقل قتلوا في العملية العسكرية، في حين قدر رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، العدد هذا الأسبوع بنحو 1000 قتيل. واستمرت الاحتجاجات على مدى نحو 8 أسابيع، لكن مدينتي دمشق وحلب الرئيسيتين لم تشهدا احتجاجات كبيرة. وفي تعليقات علنية نادرة، قال رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بيت): إن سوريا "ستغرق في الدم" نتيجة للمظاهرات. وأشار يوفال ديسكين، أمس الأربعاء، إلى أن الأسد الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية يحكم دولة ذات أغلبية سنية. وقال: "تقاتل الأقلية من أجل البقاء. لذلك ستوف تلجأ إلى أي وسائل ممكنة تقريبا. غير أنني مقتنع رغم ذلك بأنه سيكون من الصعب للغاية إعادة هذا الجني إلى القمقم".