عسكريون: فوز صباحي بالرئاسة" مصيبة".. وإسلاميون: الجيش سوف يطيح به. السياسة لا تعترف بالثوابت، هذا ما أكدته الأحداث المتلاحقة في مصر خلال السنوات الأخيرة.. فلا أحد كان يتصور أن يتنحى الرئيس المخلوع حسني مبارك على الرغم من وقوف كل مؤسسات الدولة بجانبه، وأيضًا لم يكن أحد يتوقع عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وهو الذي كان تقف خلفه جماعة قوية تملك ثمانين عامًا من التاريخ السياسي في مصر تسانده وتدعمه في حكم مصر. وفبعد أيام قليلة من الآن تبدأ الانتخابات الرئاسية والتي يتنافس فيها مرشحان رئاسيان هما المشير عبدالفتاح السيسي ذو الخلفية العسكرية، والسياسي الناصري حمدين صباحي، ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بالنتيجة، لأن علم الثوابت السياسية قد انتهى مؤخرًا. والسؤال المهم الذي يطرح نفسه الآن هي كيف ستتعامل القوات المسلحة مع حمدين صباحي "المرشح المدني" في حال فوزه بالرئاسة، خاصة أن علاقة القوات المسلحة بالرئيس المدني الوحيد وهو الرئيس السابق محمد مرسي كانت في غير محلها وساءت لفترات طويلة وانتهت بعزله من الحكم قبل أن يكمل مدته الدستورية، وهل ستقبل المؤسسة العسكرية به رئيسًا للبلاد بعدما دفعت فاتورة الدم والتي حدثت منذ 30 يونيه؟. وقال اللواء محمد على بلال، قائد القوات المصرية فى حرب الخليج والخبير العسكري والاستراتيجي، إن شكل العلاقة بين القوات المسلحة وصباحى حال فوزه بالرئاسة، ستكون علاقة جيدة، لأن الجيش المصرى جيش منضبط له تاريخ عريق فى العسكرية والانضباط، والجيش دائمًا يدين بالولاء للوطن ولرئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا يفرق الجيش في ولائه للرئيس المنتخب بين أن يكون الرئيس ذا خلفية عسكرية أو مدنيًا، فالجيش يؤدى ويرفع التحية العسكرية لرئيس الجمهورية أيًا كان ولاؤه وانتماؤه، فلا خلاف عنده أن يفوز حمدين صباحي أو أن يفوز المشير السيسى. وأضاف: القوات المسلحة المصرية أحد أجهزة الدولة وأن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأشار إلى أن المشير السيسي عندما خلع بدلته العسكرية أصبح مواطنًا مصريًا وعندما تقدم للانتخابات الرئاسية أصبح مرشحًا مثله مثل المرشح الآخر عند المؤسسة العسكرية. فيما يؤكد، اللواء طلعت مسلم، الخبير الأمنى والعسكرى، أن المؤسسة العسكرية لا تنحاز إلى أشخاص ولكنها تنحاز إلى مصلحة البلد وإرادة الشعب فى أى وقت، وذلك ظهر جليًا في ثورتي 25 يناير و30يونيه، فالمؤسسة العسكرية تحافظ فقط على دورها التى تؤديه منذ وجودها فهدفها حماية الوطن داخليًا وخارجيًا. وقال إن موقف القوات المسلحة من صباحي حال فوزه في الانتخابات الرئاسية يتوقف على سلوكه نفسه تجاه المؤسسة العسكرية، إلا أنه في كل الحالات ستؤدى المؤسسة العسكرية دورها وفقًا للقانون والدستور وتمارس حقوقها التى كفلها لها الدستور ولكن هى أيضًا لا يمكن أن تفعل شيئًا ضد مصلحة البلد أو الشعب. وأشار إلى أن حمدين صباحي في الانتخابات الرئاسية ضعيفة جدًا ولن يفوز ولو فاز ستكون مصيبة قوية، لأنه "رجل شعارات وليس لديه برنامج واقعي لحل المشكلات، خاصة أنه من الممكن أن يفرج عن عناصر حركة 6 إبريل وسيسمح بالمظاهرات مرة أخرى إضافة إلى أنه سيتحالف مع الإخوان والسلفيين". ومع إشارته إلى أن فرصة صباحى في الفوز بالانتخابات الرئاسية ضعيفة للغاية أمام السيسي، إلا أن اللواء نصر سالم، الخبير العسكري، قال إن تصرفات صباحي إذا أصبح رئيسًا لمصر في كل المجالات ومع كل مؤسسات الدولة وليست العسكرية فقط هى التى ستحدد موقف القوات المسلحة معه. وأضاف: ليس أن المرشح جاء على غير هوى المؤسسة العسكرية، أنها ستضع أمامه عراقيل أو صعوبات هذه اتهامات ليس لها أساس من الصحة، فهى المؤسسة الوحيدة التى من مصلحتها استقرار البلاد وعدم تعرضها لأى هجوم سواء داخليًا أو خارجيًا، لأن بعد ذلك أى شيء يحدث يحملونه للجيش ففى النهاية الشعب هو صاحب القرار الوحيد. من جانبه، قال الدكتور مصطفى كامل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الدستور الجديد هو الذي سيحدد علاقة الجيش بأي مرشح يفوز في الانتخابات الرئاسية أيا كانت خلفيته السياسية، فالرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة بحكم الدستور المعدل الصادر سنة 2014، كما أن الرئيس هو الذي يرأس أيضًا مجلس الدفاع الوطني ويرأس مجلس الدفاع القومي وهو الذي يشكل الوزارات. وأشار إلى أن الوزارة الوحيدة التي لابد من الرئيس طبقًا للدستور المعدل أن تتم بالتشاور مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة هي وزارة الدفاع، وعليه يجب على الرئيس أن يحترم نصوص الدستور الخاصة بالقوات المسلحة بما فى ذلك الميزانية التى تطرح بعد مناقشتها داخل مجلس الدفاع الوطنى على لجنتى الأمن القومي والخطة والموازنة فى مجلس النواب. ولفت إلى أنه في حالة خروج المواطنين على حمدين صباحى حال فوزه بالرئاسة لأى سبب من الأسباب، فهناك مجلس نواب منتخب والدستور ينظم إجراءات خلع الرئيس وإذا كانت هناك أغلبية كبيرة من المواطنين ترفض استمرار حكمه وخرجت على الرئيس فإن الدستور حكم ذلك بأن مجلس النواب هو الذى يوجه الاتهام للرئيس بأغلبية الثلثين ويحاكم الرئيس أمام محكمة خاصة وهذا هو نص الدستور وفى هذه الحالة لا تضطر القوات المسلحة للتدخل ولكنها تحمى النصوص الدستورية. فيما شدد الدكتور أيمن عبد الوهاب، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام" على أنه حال فوز حمدين صباحى بكرسي الرئاسة، فإن الجيش المصري ووفقًا لرئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبالتالى لن تكون هناك مشكلة فى العلاقة بين الرئاسة وبين الجيش المصرى. وأشار إلى أن من مهام الجيش هو حفظ السلم والأمن بشكل أساسي ونزول الجيش فى 30 يونيو هو تأكيد لمسألة حفظ السلم والأمن المصرى ومنع وقوع حرب أهلية وتعد هذه أحد المهام الرئيسية التى يقوم بها الجيش. وأكد أن السيسى أصبح شخصية مدنية ليس له أى علاقة مباشرة مع الجيش والجيش خارج لعبة السياسة، ومن يدعي أن الجيش المصرى دخل لعبة السياسة هم فى الحقيقة ينتصرون لفكرة إسقاط الدولة المصرية. من ناحيته، قال حسن اللبيدى، الخبير السياسى، إنه من الممكن ألا تتقبل المؤسسة العسكرية فكرة فوز مرشح ليس من داخلها، خاصة أنها جهزت مرشحًا لها وأصبح له قبول جماهيري واسع فإذا جاءت النتيجة غير ذلك ستكون مخيبة للآمال بالنسبة للمؤسسة العسكرية، التى رتبت أن يكون الرئيس القادم من داخلها، خاصة أن جميع الرؤساء السابقين باستثناء محمد مرسي من الجيش. وأشار إلى أن موقف الجيش من حمدين صباحي سيشوبه الكثير من المخاطر والمفاجآت وفيها خطورة شديدة على حمدين أولا والوطن ثانيًا، حيث إن نجاح حمدين صباحي وتوليه مسئولية الحكم في مصر يعني عودة الحكم العسكري مرة أخرى عكس ما يعتقد البعض بأن نجاح السيسي هو عودة للمؤسسة العسكرية فهم يعرفون السيسى جيدًا فهو رجل من داخل هذه المؤسسة ولن تستطيع الضغط عليه ومواجهته أو القلق منه أو رقابته. من جانبها، أكدت القوى الإسلامية، أن المؤسسة العسكرية لن تتنازل عن الحكم أبدًا سواء وصل إلى الحكم المشير عبد الفتاح السيسي أو حمدين صباحي، مشيرة إلى أن الجيش سيتعامل مع حمدين صباحي مثلما كان يتعامل مع الرئيس السابق محمد مرسي وسيكون هناك موقف معادي معه. وقال هشام مصطفى، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، إن موقف الجيش في حال فوز صباحي سيكون كما كان فى عهد الرئيس السابق محمد مرسى، سيكون موقفًا معاديًا، لأن الأخير سوف يتطلع إلى فتح ملفات تمس الجيش المصري وسوف يكون هناك حالة من عدم الرضاء داخل القوات المسلحة بجانب عدم انحياز مؤسسات الدولة العميقة المتورطة فى كثير من الملفات التى يريد صباحى فتحها كملف العدالة الانتقالية، مما سيجعل من فرص نجاح صباحي صعبة، هذا بالإضافة إلى كره التيار الإسلامي لصباحي بسبب إعطاء الغطاء السياسي لفض اعتصامي رابعة والنهضة من خلال جبهة الإنقاذ التى كان صباحى أحد مكوناتها. وأضاف، أن الجيش لن يتنازل عن الحكم، خاصة أنه يحكم منذ عصر "مينا" موحد القطرين وإنما يمكنه أن يسلم السلطة صوريًا لصباحي إذا ما جاء كرئيس مدنى منتخب ولكنه سوف يذهب للسيطرة على مقاليد الحكم وسيلزمه بتنفيذ ما يريده، حيث إن هناك معادلة عربية أجنبية لا يمكن لصباحي حلها لأن دول الخليج العربي كالسعودية والإمارات تدعم تولى مرشح عسكري لحكم مصر، لأن الجيش المصري سوف يضمن لها تحقيق مطامعها فى السيطرة على جماعة الإخوان المسلمين التى يرون أنها تهدد أمنهم القومي ولا يمكن تحقيق هذا الهدف من قبل مرشح مدنى بجانب أن حمدين يستلهم فكر جمال عبدالناصر الاشتراكي والذى يرفضه الغرب. في السياق ذاته، يقول محمد حامد، النائب السابق عن حزب الوسط، إن المؤسسة العسكرية ستحاول تحسين صورتها للمصريين حال فوز المرشح حمدين صباحي وذلك بعدما ساءت علاقتها بجزء كبير من الشعب المصري، مشيرًا إلى أن المؤسسة العسكرية ستقبل بالنتيجة مهما كانت ولن تغير في نتائج الانتخابات الرئاسية مهما كانت لأن الجيش لن يخلق عداوات مع قوى سياسية مرة أخرى. وأشار إلى أن المؤسسة العسكرية مهمتها الوحيدة ستكون في عهد صباحي هي حماية الأمن القومي المصري سواء داخليا أو خارجيا. وأوضح أن الجيش سيلتزم الصمت حال فوز صباحي وستكون مهمته مساندة الشرطة في عودة الأمن. ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي يرى أنه من الصعوبة فوز حمدين صباحي بالانتخابات الرئاسية الحالية حتى لو حصل على دعم جماعة الإخوان المسلمين، وذلك لأن جماعة الإخوان المسلمين لا تشكل الشعب المصري بأكمله، فالجيش ليس له علاقة بالعملية الانتخابية، فالجيش تدخل في يناير وفي يونيو بناءً على طلب ورغبة الشعب المصري وتدخل لمنع إراقة الدماء بين أفراد الشعب وفي حالة فوز أحد المرشحين في انتخابات الرئاسة سوف يعظم الجيش اختيار الصندوق، لأن الرئيس أصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة كما فعلها سابقا مع الرئيس السابق محمد مرسي فالجيش المصري سيقف بموقف الحياد مع كل المرشحين. ويقول أحمد حسن، أمين عام الحزب الناصري، إن الجيش ليس له علاقة بالانتخابات ومَن سيفوز بالانتخابات الرئاسية سوف يكون رئيس مصر وكل المؤسسات المصرية تابعة له، خاصة أن الجيش ليس له حق الإدلاء بصوته. وفي حاله فوز حمدين صباحي بالانتخابات سوف يتعامل الجيش معه باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة وفقا للدستور الذي يحدد وينظم العلاقات حماية للبلاد.