اليوم يوم عارنا ومجدنا ! إذ تحل فيه الذكرى الثالثة للعدوان الأمريكى – الغربى ، الهمجى على شعب العراق ، حيث هبطت الأقدام الحديدية الغريبة على أرض بغداد ، بغداد الحضارة والرشيد وبدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتى وجواد سليم ، فدنستها ، وأسالت دماء الشعب العراقى أنهارا ، وأدمت الجسد العربى بجراح ٍ جديدة ٍ غائرة ٍ ، فيما جرح اغتصاب فلسطين لما يندمل بعد ! . اليوم يوم عارنا ، لأنه اليوم الذى ارتفعت فيه الراية الأمريكية على مساجد البصرة ، وعربدت فيه الطائرات الأمريكية فوق سماء نينوى ، وحطمت فيه المدافع الأمريكية بوابات عشتار ، وعاثت الهمجية الأمريكية فيه فسادا ًعلى تراب بابل وآشور ، وعبثت فى مجرى الفرات المقدس فلوثت مياهه ! . لوحوا لنا بوعود الديمقراطية والحرية وصدقهم السذج والواهمون ، وروج لهم النصابون والطامعون ، وتمخض حلمهم الأسود عن عبثيه من الدم والموت والخراب والرماد ، وتمزقت وحدة عراق العرب إلى شظايا وقصاصات ، حيث الطائفية البغيضة والقتل على الهوية والأخوة الأعداء والموت بلا ثمن ! . واليوم يوم عارنا لأنه اليوم الذى انكشفت فيه عورة المسلمين والعرب ، فها هى عاصمة عربية كبرى تسقط ، وأرض إسلامية واسعة ُتحتل ، وشعب عربى أغلبيته مسلمة ُتنتهك حرماته ، بينما حكامنا العرب والمسلمون فى رعبهم وجبنهم ، وحرصهم البائس على عروشهم ، " موتى بلا قبور " ، خاضعون ، مذلون ، مهانون ، يبتغون رضا السيد الأمريكى وأشياعه ، حتى لا ينالهم ما نال حاكم بغداد ، مهرولون إلى تقديم فروض الولاء والطاعة ، منبطحون أمام الأحذية فى وداعة ! . ولكنه أيضا ً يوم فخرنا . ففى هذا اليوم تأكد مجددا ً أن الشعوب التليدة لا ُتهزم ، وإرادة القتال لدى الناس الطيبة البسيطة لا تنكسر ، وأن غطرسة القوة لها حدود ، ونهاية الظلم مؤكدة ، رغم بطشه وإرهابه ، وجوره وطغيانه ! . فمن كان يصدق أن كبوة بغداد لن تلبث أن تتحول إلى قيامة ٍ جديدة ٍ، وأن ما ظنه الأمريكيون نزهة ستجلل بالمجد والفخار ، لن تلبث أن تتحول إلى مستنقع لا مخرج منه ، وأن السيد بوش الصغير ، الذى أعلن – منتشيا ً منتفخ الأوداج – أن الحرب انتهت والانتصار تأكد مزهوا ً بقوته من فوق بارجة عسكرية ، لن يلبث أن يعترف بورطته ، ويبحث مع قادته عن وسيلة خروج تحفظ له ماء وجهه ، فى مواجهة مقاومة الشعب العراقى الباسل ، وبعد ما تكبد خسائر هائلة فى الأرواح والمعدات والتجهيزات والأموال ( وافق مجلس الشيوخ الأمريكى أول أمس على ضخ 92 مليار دولار إضافية ، لتغطية النفقات المتصاعدة للحرب الأمريكية فى أفغانستان والعراق ! ) . اليوم يوم فخرنا ، لأنه اليوم الذى عرفنا فيه أننا إذا راهننا فلا يجب أن نراهن على أحد من السادة الحكام الأشاوس ، وإنما يجب أن نراهن فقط على أهل الوطن الحقيقيين ، الذين يدفعون – فى السلم – ثمن نمائه ورفع بنيانه ، وفى الحرب ، ثمن انتصاره وحريته ، تراهن على " ملح الأرض " من أبناء الشعب ، لأنهم سند البلاد وعزها ، قبل الحكام و( السادة ) ، الذين عرفناهم دائما ً قساة متبلدى الإحساس فى مواجهة شعوبهم ، بائسين ويستحقون اللعن والرثاء فى مواجهة سادتهم الأجانب : حماتهم وركنهم الركين ! . اليوم ، فى الذكرى الثالثة للاحتلال الأمريكى للعراق ، نحنى هاماتنا إجلالا ً لمقاومة شعب العراق البطل على أرض الرافدين ، ولمقاومة شعب فلسطين البطل فوق الأرض المحتلة ، ولكل الذين رفضوا الخضوع لبطش القوة الأمريكية ، وعربدة الهمجية الصهيونية . اليوم ، إذا حَّل الظلام ، سنثق فى إرادة شعوبنا على الصمود ونراهن على بطولة أهلنا الطيبين ، فهم وحدهم القادرون على إحالة ليلنا المدلهم المقيم ، إلى صبح يضج بالأفراح والأعراس . [email protected]