لاشك أن أهم الملفات الشائكة التى ستقابل المشير عبدالفتاح السيسى المرشح الأقوى للفوز فى الانتخابات الرئاسية القادمة هى طريقة تعامله مع القوتين الأكثر انتشارًا وتواجدًا فى الشارع المصرى، فالقوة الأولى هى جماعة الإخوان المسلمين والمتحالفون معها، فلا يستطيع أحد أن ينكر تواجدها القوى فى الشارع المصرى، والثانية هم رجال الحزب الوطنى المنحل، خاصة أن معظمهم رجال أعمال ويملكون قنوات إعلامية ضخمة ومنهم من هم أصحاب شركات كبيرة وأغلبهم يقوم عليهم الاقتصاد المصرى بالكامل. وفى إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء خبراء ومحللين فى كيفية تعامل المشير السيسى خلال المرحلة القادمة مع رجال الحزب الوطنى وجماعة الإخوان المسلمين. يقول الدكتور يسرى العزباوى، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، إن المشير السيسى أمامه عدة خيارات فى التعامل مع قيادات الحزب الوطنى المنحل والإخوان، فمن الممكن أن يقوم باستبعاد كلا الطرفين من المشاركة بشكل عام، أو السماح لبعض الذين لم يفسدوا فى عهد مبارك فى المشاركة فى الحياة السياسية بشكل طبيعى. فيما يتعلق بالإخوان فربما تتم العودة إلى عهد نظام مبارك بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية وعودتهم للحياة السياسية مرة ثانية مع عدم الاقتراب من انتخابات الرئاسة أو المساومات بشكل كبير والإفراج عن قيادات الجماعة. الدكتور عبد السلام النويرى، عضو مجلس الشعب السابق وأستاذ العلوم السياسية يؤكد بدوره: "لا أحد إلى الآن يستطيع أن يعلم كيف سيتعامل السيسى مع قيادات الحزب الوطنى والإخوان فى الفترة القادمة فهؤلاء هما أكبر قوتين ولابد أن يكون التعامل معهما بالحكمة، فالسيسى لديه من الحنكة السياسية التى تؤهله للتعامل معهما فى الفترة القادمة ولا يستطيع أن يخسر أيًا من القوتين، ولذلك هو تحدث أن هناك إمكانية التصالح مع الإخوان إذا هم وافقوا على التصالح ولكنه ليس خائفًا من الإخوان لأنهم الآن لا يملكون شيئًا ولا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا إلا تنظيم المظاهرات واستخدام العنف فى الشارع لإشاعة الفوضى وتهديد الأمن وهذه كلها قضايا محلولة وسيتم التعامل معها أمنيًا. وأشار النويرى إلى أنه بالنسبة لفلول الحزب الوطنى فهذه قوة لا يستهان بها لأنها لديها من المقومات التى تستطيع بها أن تعرقل أى مسيرة نحو الديمقراطية لأن معظمهم من رجال الأعمال الذين يملكون أكبر جزء من الاقتصاد فهم يملكون المصانع ومحطات الوقود هذا بالإضافة إلى الإعلام فمعظم القنوات الفضائية مملوكة لرجال أعمال جميعهم كانوا ينتمون للحزب الوطنى فلذلك سيفكر السيسى فى كيفية الاستفادة بهم وليس من مصلحته أن يكسب عداوتهم حتى لا يضعون العراقيل أمامه المرحلة القادمة. وتابع: لكن نستطع أن نقول إن السيسى بين نارين لأن وجود أى وجوه من الحزب الوطنى فى حملته أو ظهورهم مع السيسى يغضب الكثير من القوى الثورية والشباب وهذه قوى أيضًا لا يستهان بها لذلك يجب على السيسى أن يتوافق مع الجميع وهذه مهمة صعبة جدًا. أما أبو العز الحريرى، القيادى بحزب التحالف الشعبى وعضو مجلس الشعب السابق فيقول، إنه من الواضح أن أعضاء الحزب الوطنى هو الذى يريد التقرب من المشير السيسى، لأنهم يرون فيه الفرصة الوحيدة لعودتهم مرة أخرى إلى المشهد السياسى فهو لن يبذل مجهودًا معهم لكى ينضموا إليه فلذلك التعامل معهم سيكون سهلاً ولكنه لا يستطيع فعل ذلك بطريقة مباشرة لأن وجودهم سيغضب الكثير من شباب الثورة التى ثارت ضد كل هؤلاء ولكن هناك حل وسط يمكن أن يتبع فى مثل هذه الظروف وهو أن يقبل السيسى المساندة الوطنية مقابل تركهم على الساحة ولكن بدون ظهورهم على الساحة السياسية أو المناصب الهامة وهو بالفعل الذى فعله السيسى عندما رفض وجودهم فى الحملة الانتخابية له. أما بالنسبة للإخوان كما يرى الحريري فلا طريق لهم إلا التعامل الأمنى لأنهم هم الذين اختاروا ذلك بكثرة العنف والجرائم التى يرتكبونها يوميًا فى حق الأبرياء فهو لا يمكن أن يضم إليه الإخوان لأنه ليس لهم أمان ويمكن أن يفعلوا أى شيء سعيًا للوصول إلى السلطة ويستطيعون أن يغرقوا البلاد فى بحور الدم ولكن بعد وصول السيسى للرئاسة سيعرف كيف يتعامل معهم أمنيًا وكل منهم ستتم محاكمته قضائيًا ويتم القبض على أى متهم فى أى جريمة ونستطيع أن نجزم بأن الشعب أكبر قوة تصويتية مع السيسى والمواطنين يريدون حالة الاستقرار فى الفترة القادمة فمن الممكن أن يتحملوا أى شيء فى سبيل الاستقرار الأمنى والاقتصادي. من ناحيته، يقول عصام شيحة، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد: "من المتوقع أن يضم السيسى مجموعة من فلول الوطنى إليه خاصة بعدما تم استبعاد مجموعة من الوطنى فى حملة السيسى الانتخابية ظهر غضب واستياء شديد لدرجة أنهم أرسلوا رسالة تهديد بأنهم يمكن أن يجمعوا آلاف من التوقيعات ضد السيسى ولذلك يمكن أن يفكر السيسى مرة أخرى فى أمر الفلول ورجال الوطنى وخاصة أنهم يملكون المال والاقتصاد والإعلام الذى يمكن أن يقف عائقا فى طريق السيسى فى الانتخابات فهو من المؤكد أنه سيصل إلى اتفاق يرضى الطرفين وهو لديه من الخبرة السياسية أن يتعامل مع جميع الأطراف ويحقق ما يريدونه سواء شباب القوى الثورية أو الفلول فهو ليس فى مأزق. من منطلق آخر، قال الدكتور كمال حبيب، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، إن تعامل المشير عبد الفتاح السيسى مع أنصار الحزب الوطنى وجماعة الإخوان المسلمين التى تمثل التهديد الأكبر له بعد نجاحه فى الانتخابات الرئاسية سيتوقف على مدى إعداده برنامج اقتصادى واجتماعى جيد يمكن من خلاله تحقيق طموحات عموم الشعب. وأضاف حبيب أن تشكيل تحالفات تضم الثروة والسلطة سوف تضمن له اليد العليا فى السيطرة على الأوضاع السياسية بشرط عدم إعادة النظام القديم الذى يعتمد على الرشوة والمحسوبية والظلم وبذلك تقل فرص الإخوان المسلمين فى الضغط على حكمه وسوف يلجأون إلى حلول لضمان تمثيلهم فى المجتمع وعدم التعرض لهم وإقصائهم من الحياة السياسية. أما فى حالة وجود برنامج انتخابى قوى يحقق التنمية الإقتصادية والاجتماعية فسوف تقل فرص السيسى فى معادلة تحقيق المصالحة وتحقيق مكاسب سياسية. وأشار حبيب إلى أن التاريخ يؤكد أن الشعب يلتف دائما حول الشخصية التى تتمتع بالقوة والقدرة على فرض السيطرة على قطاعات كبيرة فى المجتمع، لذلك لا بد من وجود صفقة مصالحة يتبناها السيسى لتحقيق الاستقرار ومن ثم القدرة على تنفيذ ما قد يطرحه على الشعب من خطط تنموية واجتماعية. ولفت حبيب إلى أن تحالف السيسى مع قيادات الحزب الوطنى أو المنتمين إلى عصر مبارك يمكن أن يظهر بعد توليه الرئاسة حتى لا يفقد جزءًا من شعبيته فى ظل رفض البعض لفكرة عودتهم إلى الساحة السياسية فى مصر مرة أخرى. من زاوية أخرى، أشار عصام زغلول، رئيس حزب الأمة، إلى أن تعامل السيسى مع القوى السياسية لا بد أن يكون على أساس مشاركة من جميع المصريين ولا يتم التمييز بين الأحزاب أو الفصائل على اعتبارات ومواقف سياسية قد تتغير بتغير الاستراتيجيات والرؤية. وأكد زغلول أن تعامل السيسى مع جميع الأطراف سوف يكون من خلال مبادئه التى تربى عليها فى القوات المسلحة والتى تعتمد على الانضباط والإصلاح ولم الشمل.