التقى عباس شومان وكيل الأزهر، ومحافظ أسوان اللواء مصطفي يسري أهالي عائلات الدابودية وبني هلال، وذلك فى إطار جهود المصالحة التي تقوم بها اللجنة المشكلة من الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر. وخلال زيارته إلى أسوان في الأسبوع الماضي لوضع حد للازمة الدامية التي اندلعت بين العائلين والتي أوقعت 26 قتيلاً وعشرات الجرحى، اتفق شيخ الأزهر مع طرفي النزاع على تشكيل لجنة مصالحة تكون مهمتها تقصي الحقائق تمهيدًا للمصالحة ووفقا للأعراف المتفق والمتعارف عليها بين القبائل. وأكد كبار العائلات ثقتهم الكاملة في اللجنة التي شكلها شيخ الأزهر وأعربوا عن التزامهم بما يتم اتخاذه، وفق بيان أصدره الأزهر. وفي خطبة الجمعة التي ألقاها بمسجد دار الضيافة بالسيل الشعبية منطقة تجمع الدابودية وبعض بنى هلال أكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، أنه لا يخفى على أحد أن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية "حفظ النفس البشرية" ومن هنا كانت المحافظة على حياة الإنسان وصحته وعدم الإضرار بها جزئيًّا أو كليًّا، وجعل ذلك من المقاصد الكلية العليا التي جاءت الشرائع لتحقيقها، وهي حفظ النفس والعرض والعقل والمال والدين؛ فلم تكتفِ بجعلها حقًّا للإنسان، بل أوجبت عليه وعلى غيره اتخاذ الوسائل التي تحافظ على حياته وصحته وتمنع عنه الأذى والضرر. وشدد على أن السبب الرئيسي فيما حدث بأسوان هو انتشار بعض الأفكار البعيدة عن تعاليم الإسلام وهوما أوجب على الأزهر وعلمائه أن يتحملوا المسئولية لتوضيح الحقائق للجميع والتأكيد على أن حفظ النفس الإنسانية هو من مقاصد الشريعة الإسلامية وأكد أن هذا الدين العظيم بين مدى خطورة الدم وقتل النفس على المجتمعات كما ورد فى القرآن الكريم أن من قتل نفس فكأنما قتل الناس جميعا.. وليعلم الجميع خطورة الوقوع فى هذه الفتن، وهو الأمر الذي يتطلب الوقوف على دعوة القرآن للحفاظ على صورة الإسلام التي تشكل جوانبه لدى الغرب فيراه الغربيون أنه دين دموي وأهله حمقى. كما شدد وكيل الأزهر على ضرورة الاحتكام إلى القضاء لأنه السبيل الشرعي الوحيد لرفع المظالم والفصل فيها حتى ينجلي الحق. واستشهد بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي ضرب أروع الأمثلة فى العفو والصفح وكظم الغيظ، ولعلنا نرى كيف كان حاله لحظة فتح مكة والذي لقي منها ما لقي من ألوان التعذيب والإيذاء؛ لكن جاءت سماحة الإسلام بما لا يتوقعه الأعداء حيث العفو العام "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، ولما كان رسول الله القدوة الحسنة نتعلم منه العفو والسماحة فى حقن دماء المسلمين التي تسال بين الحين والآخر فى محافظات مصر بهدف ضياع وسقوط مصر، الأمر الذي يتطلب أن لا نعطى لتلك الفتن ولا لأعداء الإسلام المجال الخصب لنشر الفتن وسفك الدماء فى المجتمع. وقال الشيخ محمد زكي رزق الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية في خطبة الجمعة من المسجد الجامع بأسوان إن للإسلام مجال واسع فى وأد الفتنة ونشر التسامح وتقديم التصالح فى كل الأمور، كما فى قول الله "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا"، وهنا إشارة إلزام للمؤمنين أن يكون حال رد الفعل من وقعت بينهما فتنة أو نزاعات قبلية، "سمعا وطاعة" لمن يصلح بينهما كي لا يكون هناك خلاف منتشر بين المسلمين، لأن عاقبة هذا الاختلاف وخيمة على المجتمع، كما حذر منها القرآن الكريم فقال تعالى "وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْد مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَات وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَاب عَظِيم". وأكد الدكتور حسين عبدالمطلب عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر بقنا وأسوان السابق من مسجد خالد بن الوليد بخور عواضة منطقة تجمع بني هلال وبعض الدابودية، إن الدين الإسلامي دعا إلى التسامح والتصالح ووحدة الصف ونبذ الخلاف فقد ضرب لنا المثل فى التسامح والتصالح بين البشر وجمع الأمة على كلمة سواء ولا يحل لامرئ مسلم أن يسفك دم أخيه وقد أرسل القرآن رسائل واضحة تحض على التسامح والتصالح كما فى قول الله تعالى "فاصفح". وأوضح أن من الدعائم التي أرساها الإسلام مبدأ التصافح والتسامح والإسراع فى إزالة ما يعكر صفو المجتمع حتى ولو بين اثنين فقال "خيركم من يبدأ بالسلام"، وفى الوقت نفسه دعا إلى الترابط ووحدة الصف مصداقا لقول الله "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آيته لعلكم تهتدون"، وفى الوقت نفسه نهى عن الجفاء والخصام حيث قال صلى الله عليه وسلم "كل المؤمن على المؤمن حرام دمه وماله وعرضه"، "ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث"، وأيضا "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".