"أقدم طفل داخل رعاية الأحداث بالزقازيق على الانتحار شنقًا، حيث فوجئ المشرفون على الدار، بقيام طفل مودع احتياطيًا على ذمة إحدى القضايا، على شنق نفسه لمروره بحالة اكتئاب، داخل عنبر النوم الخاص بالمتهمين"، ذلك ما أوردته وسائل إعلام مصرية على صدر صفحاتها الإلكترونية، دون أن توجه تهمة واحدة للمسئولين عن الأوضاع الإنسانية للمعتقلين، وخاصة الحدث والنساء داخل السجون المصرية، الأمر الذى أدى إلى استياء المنظمات الحقوقية والنشطاء من الأوضاع الانتقامية التى يتعرض لها الأطفال داخل المعتقلات. وأكد حقوقيون اعتقال المئات من الأطفال صغار السن وتعرضهم لانتهاكات جسدية ونفسية، وبحسب الناشط الحقوقي، هيثم أبو خليل، مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، هناك انتهاكات كثيرة لحقوق المعتقلين ولاسيما الأطفال فى السجون و"دور رعاية الأحداث"، حيث يعانون من ظروف احتجاز بالغة الصعوبة، كما يتم إيواء أكثر من ثلاثين طفلاً بشكل مهين فى عنبر مساحته 20 مترًا مربعًا". ويقول أبو خليل تعليقًا على واقعة انتحار طفل الزقازيق: "فى بلادي.. الأطفال يشنقون أنفسهم، للهروب من التعذيب فى المؤسسات العقابية، قدموا بلاغا للمجلس القومى للأمومة والطفولة، قدموا بلاغا للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، قدموا بلاغا إلى كل شعب مصر". ويضيف: "كارثة غير مسبوقة للأطفال فى مصر، ليس عادياً أن يشنق طفل محبوس احتياطيًا فى مؤسسة عقابية نفسه، وليس عادياً هذا الصمت المجرم حول الكارثة، وتبرير الأمر أن الطفل أصيب بالاكتئاب، هو جريمة فى حد ذاته، فكيف عرفتم ذلك؟ ولو كان صحيحاً لماذا لم يتم الإفراج عنه أو عرضه فوراً على طبيب نفسي؟ بل وما سبب اكتئابه"؟ بينما أكد تقرير لمنظمة العفو الدولية أن معدلات اعتقال الأطفال بمصر "صادمة"، وبلغت أكثر من 300 طفل منذ الإطاحة بمرسى وحتى الآن، ودعت 16 منظمة حقوقية مصرية إلى فتح تحقيق عاجل ومستقل فى اتهامات مفزعة حول أعمال تعذيب وحشية واعتداءات جنسية فى سجون وأقسام الشرطة المصرية يتعرض لها محتجزات ومحتجزون، ممن تم القبض عليهم فى المظاهرات الرافضة للنظام. وكانت "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" فى بريطانيا أصدرت تقريراً، منذ أيام، بعنوان "أطفال بلا حقوق"، تناولت فيه الاعتقال التعسفى والتعذيب بحق الأطفال فى مصر بعد أحداث 3 يوليو. وذكرت المنظمة فى تقريرها مواجهة السلطات المصرية للأطفال، باستخدام القوة المفرطة فقتلت وجرحت منهم عددًا كبيرًا واعتقلت منهم المئات من المنازل والشوارع والمدارس وأخضعتهم للتعذيب وأخفتهم قسرا لفترات متفاوتة، وطالت الاعتقالات أطفالاً وجدوا صدفة فى محيط المظاهرات. وقام التقرير بتوثيق اعتقال 575 طفلاً منذ 3 يوليو من قبل السلطات، وأضاف التقرير أن هذا العدد أقل من العدد الحقيقي، حيث تم رصد حالات اعتقال فيها قُصر امتنع محررو محاضرهم عن ذكر عمرهم، أو تعمد كتابة سن أكبر من السن الحقيقى للقاصر كى يبعد عن نفسه تهمة مخالفة القانون فى احتجاز طفل فى مكان واحد مع الجنائيين البالغين. وأورد التقرير 16 شكوى تقدم بها أهل الأطفال المعتقلين، أكدوا فيها تعرض أبنائهم لانتهاكات جسيمة، وهو ما يخالف القوانين المحلية والدولية، مثل: الاحتجاز التعسفي، والتوسع فى قرارات الحبس الاحتياطي، والإخلال بحقهم فى المحاكمة العادلة والمنصفة، واحتجاز القُصر مع المدانين والبالغين، واحتجازهم فى أماكن تبعد عن سكن ذويهم، وتعريض بعض الأطفال للاختفاء القسري، وممارسة التعذيب الممنهج عليهم لإجبارهم على الإدلاء باعترافات غير حقيقية، والإساءة لسمعة الطفل وتشويهه أمام المجتمع، والإهمال وسوء الرعاية وعدم آدمية الأماكن المخصصة لاحتجازهم، مؤكدا أن ما تقوم به السلطات فى مصر ينتهك بنود اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأممالمتحدة عام 1989، ما يستدعى موقفًا جادًا من الأممالمتحدة لإنقاذ الأطفال المعتقلين فى السجون المصرية، على حد ما جاء فى التقرير. فى المقابل، ترفض منظمات حقوق الإنسان المؤيدة لنظام 3 يوليو، القول إن هناك معتقلين، مدعين أنه طبقا للدستور الجديد، لا يوجد معتقل واحد وإنما "متهمون" وجهت لهم تهم مختلفة، ومن ثم فإنه "يجب عليهم أو ذويهم إثبات تعرضهم للتعذيب وتوثيق ذلك فى شكاوى رسمية".