القضاء - في رأيي - هو أهم حائط صد تجب تقويته حتى لا يحكمنا مبارك أخر - بكل ما يحمله هذا من معان في أذهاننا جميعاً (الفساد - عدم الكفاءة - التوريث - الهانم - سرور وعزمي وصفوت - ...) ومن هنا فهذه محاولتي لكي أعبر عن بعض ما أتمنى أن يقوم القضاة أنفسهم به من قبل أن نطالب نحن به وعلى المجلس الأعلى للقضاء (وهو ما أعتقد أنه أعلى سلطة تحكم القضاء) أن يعلم أننا نعلم أننا كلنا بشر و أن عصر الفساد الرهيب (والملعون) في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك لابد وقد أصاب البعض في الهيئات القضائية المختلفة - وهو أمر لا أعتقد أنه يخفى عليهم - ورغم أننا قد نقتنع بأن هذه النماذج قد تكون معدودة إلا أنها لابد تلوث الثوب الذي نحرص على نقائه. ومن هنا فإنني أطرح ما أراه مناسباً للعمل على تحقيق هذه الهدف - تطوير النظام القضائي. أولاً: أن يقوم القضاة بتطهير النظام القضائي من كل من قد تكون نزاهته ليست على المستوى المطلوب. وللتخلص من الحرج يمكن أن يتم نقلهم إلى إدارات يكون عملهم فيها غير متماس مع القضايا الحساسة والهامة. ثانياً: أن تتوقف تماماً عمليات الوساطة والمحسوبية التي تتم بها تعيينات النيابة ومن ثم القضاء - فلا يخفى على ذي عقل ما تؤدي إليه هذه التعيينات من فساد في المستقبل. ثالثاً: أن تتوقف تماماً تعيينات ضباط الشرطة في الجهاز القضائي. طالب الشرطة يعلم أنه عند إلتحاقه بكلية الشرطة سيكون ضابطاً وليس قاض وليسانس الحقوق الذي يحمله إنما يعني أنه يعلم القانون (أو ملم به) ليطبقه كضلبط شرطة لا كقاض. رابعاً: أن يطالب القضاة بالإستقلال التام عن الدولة مع الإصرار على إلغاء منصب وزير العدل - أو الحد من صلاحياته التي تتيح له التدخل في شؤون القضاء مع ترك منصب الوزير كحلقة إتصال بين الحكومة والقضاة. خامساً: لتحقيق الإستقرار المادي يجب العمل على أن يتحقق للقضاة رواتب تعينهم على الحياة المريحة - بل والهانئة. مع توفير معاشات ملائمة لهم. سادساً: أن يتحقق للقضاة الإشراف الكامل على السجون وأقسام الشرطة. سابعاً: (وهو الحلم الذي أطالبهم به) أن تنتقل قيادة شرطة تنفيذ الأحكام إلى القضاء - أو على الأقل تكون هيئة مستقلة تماماً عن جهاز الشرطة ففساد هذه الإدارة هو ما يدمر القضاء في مصر ويتسبب في عدم الإعتداد به وبه . كثيراً ما نسمع القاضي وهو يقول: أنا أصدرت الحكم ولست جهة التنفيذ. وأتمنى أن تتم دراسة هذا الموضوع بجدية. غير أن تحقق هذه الشروط لهم لا يعني أن يترك الأمر لهم بكامله - بمعنى أنه وفي مقابل الرواتب المريحة والإستقلال الكامل يجب أيضاً: ثامناً: أن يوافق القضاة على أن تضاعف لهم العقوبات المقررة بالقانون (حتى لو إستلزم الأمر صدور قانون خاص بهم لهذه المسألة) في حالة القضايا المخلة بالشرف - كالرشوة أو الحكم لصالح جهات حكومية بشكل فاضح. مع إلزامهم برد كل المبالغ المالية التي تحصلوا عليها من الدولة على شكل مرتبات. القاضي الذي يخون الأمانة يجب أن يكون عقابه رادعاً. كما أن إستغلال النفوذ في المصالح الحكومية يجب أن يكون أمراً مرفوضاً. تاسعاً: أن يوافق القضاة على أن إستثناء الأبناء بتوظيفهم في الهيئات القضائية يجب أن يتوقف تماماً لأنه أكبر ملوث للثوب القضائي كما أنه السيف المسلط على رقبتهم من جانب الحكومة. القاضي الذي يحكم بين الناس - يجب أن يُختار بعناية لا برعاية. عاشراً: أن يقلل سن المعاش للقضاة حتى سن ال 60 (أو يرفع السن أيهما كان الحال الآن) الحادي عشر: أن يطلب القضاة من رجال النيابة العامة أن تتوقف تماماً "النفخة الكدابة" التي تحيط بحديثي التعيين منهم - حتى يتعلموا التواضع مع الناس - فهم سيحكمون بينهم يوماً ويجب أن يحترموهم لا أن يتعالوا عليهم. الثاني عشر: أي أمر أخر يظنه القضاة في مصلحتهم ويوافق المجتمع عليه. إذا تحقق الإستقلال الحقيقي للقضاء - مع ضمان تنفيذ أحكامه فإننا سنكون قد قطعنا نصف الطريق نحو بلد ديمقراطي مدني محترم نحبه ونسعى لخدمته Masry in USA