بعدما نادت السلطة بإقالة قيادات "الإخوان المسلمين" بكل الوزارات والهيئات الحكومية، معتبرة إياهم شعلة الخلاف فى توحيد الآراء وسببًا فى الصراع الراهن، عادت لتعلن فشلها فى توحيد الرأى وإزالة الخلاف، وجاء فى مقدمة تلك الوزارات والهيئات، وزارة الأوقاف، والتى تشهد حالة من التوتر والصراع بين قياداتها، جهودها فى التخلص من القيادات الإخوانية بالوزارة، بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسى، متخذة توحيد الآراء وإزالة الخلاف فى الرأى سببًا لإقالة القيادات الإخوانية، مطالبة كل الأئمة بالبعد عن الساحة السياسية وعدم تسييس الخطبة، إلا أنها اليوم تعلن الفشل أمام الجميع، فيما سعت إليه وجاءت قادتها الجديدة لتخالفها الرأى والتحدى لكل القرارات. وجاء الشيخ مظهر شاهين خطيب جامع عمر مكرم بميدان التحرير, ليكون أول المخالفين لقرارات الوزارة للمرة الثانية، فعلى الرغم من القرار الذى أصدره الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، بتوحيد الخطب على مستوى جميع مساجد مصر، إلا أنه لم يلق بذلك القرار بالاً، ليخالف الخطبة ويجعلها تخوض في المشهد السياسى الراهن، بما يشعل دائرة الخلاف بين الحاضرين. وانتقد شاهين أداء الدولة المصرية والوزارات المتعاقبة، قائلاً: "مصلحة الدولة تقتضى التشاور فى كل الأمور"، مضيفا: "فى مصر مصيبتنا الكبيرة هى الرؤى الشخصية، فكل وزارة أو وزير يأتى يضع خطة، ثم يقوم الذى يخلفه بتغييرها". وكثيرًا ما طالب أثناء إلقائه للخطبة بإعداد العدة للأعداء قائلاً: "لديهم سلاح ويصنعونه، ولديهم قنابل متطورة وسلاح نووى، ولابد أن نمتلك ما يمتلكونه تماما حتى لا ننتظر الأمر من أمريكا وإسرائيل، وعلينا التجهيز وإعداد العدة ليس فقط من الناحية العسكرية، ولكن أيضًا من النواحى العلمية والتكنولوجية، وكل المجالات"، مؤكدا أن مصر فى حرب الآن، والعدو الآن فى الداخل وليس فى الخارج. وانتقد خطيب عمر مكرم الحكومات المصرية، وقال: "ذهبت حكومة وجاءت أخرى، ونحن لا نفهم ماذا كانت ترى السابقة أو ماذا تريد الحالية"، مضيفا: "نحن على استعداد لربط الحزام والتحمل ولكن على الشعب أن يعلم ماذا تريد الحكومة، وماذا ستفعل خلال 5 سنوات مقبلة"، تلك الكلمات أشعلت شعلة الغضب بين كثير من السامعين. وعليه طالب الشيخ أحمد البهى، المسئول عن نقابة الدعاة بالإسكندرية، الحكومة، بإصدار قرار يجرم إلقاء الخطب السياسية على منابر مساجد الدولة, مشيرًا إلى أن الظروف التى تمر بها البلاد فى الفترة الحالية لا تحتمل أن تخصص الخطب للسياسة. وأشار البهى، إلى أن الوزير الحالى الدكتور محمد مختار جمعة، لا يمكن أن يحابى أحدا على حساب مصلحة الدولة أو القرارات الصادرة من قبل الوزارة, لافتًا إلى واقعتين، الأولى حينما أوقف الوزير أحد الأئمة عن العمل بسبب هتافه للمشير عبد الفتاح السيسى أثناء اجتماعه بالأئمة فى البحر الأحمر، والثانية إعفاء الشيخ محمد عبد الظاهر وكيل مديرية أوقاف القاهرة من منصبه للتقصير فى العمل، على الرغم من مكانة الشيخ عبد الظاهر بالنسبة لوزير الأوقاف. ولعل الأغرب من موقف الشيخ مظهر، هو الصمت التام من قبل وزارة الأوقاف وغض الطرق عن مخالفة شاهين لقرار الوزارة، على الرغم من تركيز وسائل الإعلام على نقل خطبة جامع عمر مكرم لوقوعه داخل ميدان التحرير رمز الثورة، حيث لم يصدر حتى الآن أى قرار من الوزارة بشأنه. وكان الدكتور محمد مختار جمعة، أكد خلال أحد المؤتمرات بالوزارة، أنه لا يمكن محاسبة مظهر شاهين على فتواه بتطليق الزوجة الإخوانية، بحجة أنه لم يصدر فتواه داخل مسجد عمر مكرم، ما يعنى أن عقاب ومحاسبة شاهين يتوقف على وجوده داخل المسجد. يذكر أنه فى نفس الوقت من العام الماضى، تصاعدت أزمة الشيخ مظهر شاهين، مع وزير الأوقاف السابق طلعت عفيفي، بسبب وقفه عن العمل، وإحالته للتحقيق بسبب شكاوى تتهمه باستخدام المنبر والمسجد فى السياسة، حيث رفضت المحكمة التأديبية قرار الشؤون القانونية بوزارة الأوقاف، بخصم نصف راتبه، بعد وقفه عن العمل، وعدم التحقيق معه بقرار من الدكتور طلعت عفيفي، وزير الأوقاف، وطالبت المحكمة بضرورة صرف راتب شاهين كاملًا.