محافظ أسيوط يضع حجر أساس مدرسة المحبة بمدينة المعلمين    تشغيل 5 خطوط جديدة بين شمال سيناء والمحافظات الأخرى    اندلاع حرائق في إسرائيل بسبب صواريخ حزب الله    غزل المحلة يعلن التجديد لقائد الفريق لمدة موسمين    السفارة الفلسطينية بمصر تكشف تفاصيل امتحانات الثانوية للطلبة القادمين من غزة    شواطئ ودور سينما، أبرز الأماكن فى الإسكندرية لقضاء إجازة عيد الأضحى    المتحف القومي للحضارة المصرية يحتفل بالذكرى الثالثة لافتتاحه    عيد الأضحى 2024 | أحكام الأضحية في 10 أسئلة    الجمهوريون يصوتون بالنواب الأمريكى لمحاسبة وزير العدل لازدرائه الكونجرس    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    محافظ الشرقية يفتتح النصب التذكاري للشهداء    عضو إدارة الأهلي السابق: خبيت حسني عبد ربه لضمه.. وخطفت لاعبا من داخل الزمالك    خبر في الجول - جمعة مشهور يتولى تدريب الترسانة خلفا لحسين شكري    وزير التجارة يبحث مع اتحاد المصنعين الأتراك مقومات الاستثمار بمصر    بنك مصر يتعاون مع شركة أمان ليك لخدمة عملاء قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    تطورات جديدة في بلاغ سمية الخشاب ضد رامز جلال    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    أسواق عسير تشهد إقبالًا كثيفًا لشراء الأضاحي    عاجل- الرئيس السيسي يتوجه اليوم إلى السعودية لأداء فريضة الحج    قرار جمهوري بتعيين الدكتور فهيم فتحي عميدًا لكلية الآثار بجامعة سوهاج    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    "المحطات النووية": تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الرابعة بالضبعة 19 نوفمبر    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    3 عروض جديدة تستقبل الأطفال في عيد الأضحى 2024.. تعرف عليها (صور)    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    رضا عبد العال: أرفض عودة بن شرقي للزمالك    «يوم الحج الأعظم».. 8 أدعية مستجابة كان يرددها النبي في يوم التروية لمحو الذنوب والفوز بالجنة    دعاء ثامن ليالي ذي الحجة.. اللهم اني أسألك العفو والعافية    فطار يوم عرفات.. محشي مشكل وبط وملوخية    صور | احتفالا باليوم العالمي للدراجات.. ماراثون بمشاركة 300 شاب بالوادي الجديد    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    «مستقبلي بيضيع وهبطل كورة».. رسائل نارية من مهاجم الزمالك لمجلس الإدارة    في وقفة عرفات.. 5 نصائح ضرورية للصائمين الذاهبين للعمل في الطقس الحار    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    ضبط أحد الأشخاص بسوهاج لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الشهادة الثانوية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره لطريق الواحات    في أول ليالي عرضه.. «ولاد رزق 3» يزيح «السرب» من صدارة الإيرادات    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    عاجل| رخص أسعار أسهم الشركات المصرية يفتح شهية المستثمرين للاستحواذ عليها    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    كندا تعلن عن تزويد أوكرانيا بصواريخ ومساعدات عسكرية أخرى    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    إيران: ما يحدث بغزة جريمة حرب ويجب وقف الإبادة الجماعية هناك    وزارة الصحة تستقبل سفير السودان لبحث تعزيز سبل التعاون بالقطاع الصحى بين البلدين    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    البرازيل تنهي استعداداتها لكوبا 2024 بالتعادل مع أمريكا    رئيس هيئة الدواء: السوق المصرية أكبر الأسواق الإفريقية بحجم مبيعات حوالي 7 مليارات دولار سنويًا    ناقد رياضي ينتقد اتحاد الكرة بعد قرار تجميد عقوبة الشيبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على خلفية الرسوم المسيئة .. رئيس المجلس الأعلى للمسلمين بألمانيا ل"المصريون" : الغرب يعتقد أن تجربته مع "الكنيسة" تصلح للعالم اجمع

نحن من أقوى الناس إيماناً بالأخوة الإنسانية ، ووعياً بالمصير الإنسانيّ الواحد أو المشترك ، وحرصاً على التواصل الإنسانيّ والحضاريّ بين البشر ، والحوار الإيجابيّ المؤدّي إلى التعارف والتفاهم والسلام والتعاون على درء كلِّ خطر وتحقيق كلّ خير ولا يكون الحوار مجدياً إلا إذا كان صادقاً أميناً منصفاً صريحا .... بهذه الكلمات بدأ الدكتور نديم إلياس رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا حواره معنا عن قضية الرسوم الكاريكاتورية التي رسمتْها ونشرتْها أَوّلَ الأمر في الدانمارك صحيفةُ ” يلاندس بوستن “ أوسع الصحف الدانماركية انتشاراً تحت عنوان : ” وجوه محمد “ ، ثم أعادت نشرها صحف أوروبية محترمة باسم التضامن مع حرية الرأي ، وكلُّها رسوم جارحة شائنة  نلاحظ تعدد آليات تشويه صورة العرب والمسلمين في الإعلام الغربي وكان آخرها الرسوم الكاريكاتورية الآثمة ... فما هي أهم آليات العقل الأوربي المنتج لهذا الخطاب الإعلامي المعاصر؟ وما هو تفسيركم لهذه الظاهرة وما دوافعها؟  لا يوجد "عقل أوربي" أوحد كما أنه لا يوجد عقل عربي أو مسلم أوحد ، بل هي عقول عديدة وأنماط مختلفة ، ويغلب على التفكير الأوربي اعتقاده بأن التنوير الذي أنقذ أوربا من ويلات سيطرة الكنيسة واستبداد البرجوازية وهيمنة الدكتاتوريات في القرون الوسطى وما بعدها هو الحل الأوحد لمشكلات العالم أجمع. يدفعهم هذا إلى محاولة تنحية الأديان من ساحة التأثير السياسي ، بل الاجتماعي كذلك ، ولا يقتصر ذلك على الإسلام فحسب بل يشمل النصرانية وبقية الأديان ، ولا يقتصر ذلك على الحيز الأوربي بل يحاولون "إنقاذ" العالم من الهيمنة السياسية للأديان ، فالاستهانة بالأديان إنما هي عرض تلقائي لهذا التفكير. أضف على ذلك أن مبدأ التعددية السائد في الغرب – وهو إيجابي في حد ذاته _ يعطي حريات متساوية لكل الأطراف ويفرض في نفس الوقت منافسة كل طرف للطرف الآخر . وليس كل ما نعانيه من مواقف الآخرين هو عداء مستأصل ضد الإسلام، بل كثير منه منافسة ومدافعة تقتضيها التعددية السياسية والفكرية المذكورة . وتتركز هذه المواجهات ضد الإسلام لعدم وجود منافس فكري حضاري آخر ، فأنا أرى كثافة هذه المواجهات مؤشراً إيجابياً يدل على قوة الإسلام وعمقه الفكري ورصيده الحضاري. ووجود المسلمين في الغرب يضع أمام أعين المنافسين الآخرين البديل الآخر . وهم بالرغم من إيجابيات كثيرة في سلوكهم الفردي ونشاطهم التنظيمي مقصرون في جوانب أخرى ، ولم يصلوا بعد إلى المستوى الذي تقتضيه المنافسة التعددية المشروعة.  إذاً كيف نفهم حملة إيذاء الرسول صلى الله عليهم وسلم وتشويه صورة الإسلام من خلال الرسوم الكاريكاتورية؟ هل هو حرية تعبير وصحافة ؟  ليس الأمر كما يصوره الدانمارك مجرد حرية التعبير والصحافة .. لقد كان الجو قبل نشر الرسوم مسمماً بالتحرش بالإسلام والمسلمين إلى درجة تصريح وزير من حكومة الائتلاف المكونة من اليمين واليمين المتطرف " أن المسلمين كالطاعون والكوليرا" وتصريح وزير آخر " المسلمون ورم خبيث في مجتمعنا" ولم تحاول الحكومة احتواء المشكلة التي بدأت في سبتمبر 2005م بل رفض رئيس الوزراء استقبال وفد من السفراء العرب وعمل على تصعيد المشكلة وتحاول الحكومة الآن إلصاق التهمة بالمسلمين في الدانمارك مدعية أنهم نقلوا المشكلة المحلية إلى العالم الإسلامي ولا ننسى أن الصحيفة معروفة من قبل بعدائها للمسلمين والأجانب ونشرها للرسوم هو جزء من حملة مستمرة لبذر العداء والشقاق بين المسلمين وغير المسلمين في الدانمارك.  ولقد وضحنا هذا الإطار العام في أول تصريح أدلينا به في أكتوبر 2005م وأضفنا إلى ذلك. 1) أن استياء المسلمين ليس لمجرد انتقاد الرسول صلى الله عليه وسلم وانتقاد الإسلام فلقد تعامل المسلمون مع النقد العلمي الموضوعي على مر القرون، بل كان المسلمون الأوائل هم الذين ترجموا الفكر الأغريقي المفعم بالشرك والكفر وتعاملوا معه علمياً ، ويشجع القرآن الكريم على الحوار من منطلق مجرد متساو: ( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) والمسلمون قادرون من خلال هذا الحوار العلمي على إظهار الحق وإقامة الحجة. 2) تعتبر الرسوم بمفهوم القانون تحريضاً عاماً يعاقب عليه قانون الدانمارك وقوانين جميع الدول الغربية ولو استبدلنا صورة موسى بصورة محمد عليهما الصلاة والسلام لتحرك المدعي العام لمنع التحريض ضد السامية واليهود والرسالة التي تحملها الرسوم واضحة تماماً ومفادها أن المسلمين في الدانمارك بل في العالم أجمع على مر القرون مجرمون وقتالون ... فإذا كان نبيناً إرهابياً قتالاً سفاحاً فالمسلمون كلهم كذلك وهذا تحريض عام يعاقب عليه القانون. 3) نحن حريصون على حرية الصحافة والتعبير والفن ونفهم الخلفيات التاريخية النازية في أوربا التي تؤكد هذا الحرص . إلا أن التعامل مع هذه الحريات خرج عن حدود المنطق والعقلانية وتحول إلى تشنج لا مبرر له وآن الأوان لأوربا أن تعود إلى المنطق والعقل فكل حرية يجب أن تحدد لكيلا تتعدى الحقوق والحريات الأخرى. 4) تنص الدساتير الأوربية في أوائل بنودها أن " الكرامة الإنسانية لا تمس ومعتقد كل إنسان جزء من كرامته بغض النظر عن تقدير الآخر لصحة هذا المعتقد أو خطأه ، وإذا كانت كرامة البشر لا تمس فكيف تسمح أوربا لنفسها بمساس كرامة الذات الإلهية وأنبياء الله عز وجل؟ 5) الحرية الفردية مرتبطة بالمسئولية الفردية ... وإذا لم يحدد القانون حداً لحرية الفكر والصحافة ولم يعاقب على تجاوزها فلا أقل من أن يضع كل كاتب وصحفي وفنان وسياسي حدوداً لنفسه تحكمها الإنسانية واللياقة والشعور بالمسؤولية وإذا كان اندماج المسلمين وتحقيق لحمة المجتمعات الغربية أولوية يفرضها أمن تلك البلاد وسلامتها فإن استعداء المسلمين وتجريمهم والتحريض العام ضدهم ليس غباء فحسب بل تقويض لأمن المجتمع وتآمر على سلامته.  إذاً ردة فعل العالم الإسلامي منطقية؟  ردة فعل العالم الإسلامي من هذه المنطلقات تعتبر منطقية ، ومن حق كل مسلم إبداء استنكاره ورفضه بكل السبل والوسائل المشروعة والقانونية دون استخدام العنف ومساس السفارات والمنشئات والأفراد والمقاطعة الاقتصادية صورة مشروعة للتعبير عن الرأي والاحتجاج والضغط.  هل أوربا بلا مقدس؟ وما هو الحل من وجهة نظركم لضمان حرية التعبير وقداسة المقدس؟  بعض الصحف الأوربية نشرت نماذج من الرسوم لتعريف القارئ بأبعاد المشكلة والبعض الآخر نشرتها لتأكيد حق النشر وتثبيت حرية الصحافة وبعضها نشرتها استفزازاً وتأييداً للصحيفة الدانماركية ، وأوربا كما ذكرنا سابقاً لا تنطلق من حمية للدين النصراني والتزام به ، بل فقدت حتى النصرانية احترامها لدى الأغلبية العظمى ممن ينتمون اسماً إليها ، ولكن مشكلة الرسوم دفعت كثيراً من الغربيين إلى النقد الذاتي . فبالإضافة إلى تصريحات كبار المسؤولين في الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي وعدد من الدول الأوربية أنهم يتفهمون ردة فعل المسلمين ، فقد دفعهم الأمر إلى التفكير في التعامل مع قيمهم الدينية بشكل خاص وصرح مسئولو الكنائس أنهم طالما تحملوا الاستهزاء بالقيم النصرانية من قبل الصحافة ولم يكونوا من قبل يجرؤون على نقد لاحدودية الصحافة والفن، وجرأهم رد فعل المسلمين إلى المشاركة في نقد التطاول على القيم الكنسية واستغرب عامة الغربيين الذين كان بعضهم يمارس طقوس دينية على استحياء من ثأرة الملايين في العالم الإسلامي دفاعاً عن نبيهم وقيمهم ، وسأل كثير منهم أيتحرك ملايين البشر حباً لشخص واحد ؟! نعم من مكاسب مشكلة الرسوم أنها أيقظت الغرب من اللامبالاة الدينية والقيمية ، وطالب وزير العدل الهولندي بعد مقتل فان غوخ بتحديد حرية الفن احتراماً لحرية الدين وشعرت أوربا أن الأمن الاجتماعي يتطلب الاحترام الحقيقي لكرامة كل إنسان بما في ذلك كرامة معتقده ، وينبغي على العالم الإسلامي الاستفادة الآن من هذه الفرصة لفتح حوار دائم مع أوربا والغرب حول مفهوم القيم والحريات بمشاركة المؤسسات الكبرى في العالم الإسلامي كالرابطة ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأزهر والتقبل لدى الغرب موجود الآن أكثر من أي وقت مضى ومساهمة المسلمين بهذا العطاء الفكري للبشرية جزء من الإصلاح الذي أمرنا به : (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) وتعريف واقعي بالرصيد الإنساني الحضاري لدعوة الإسلام.  دائماً نلقي بالمسؤولية على الغير ... ألسنا كمسلمين في الشرق والغرب شركاءُ في المسؤولية ؟  شركاءُ في المسؤولية عن الصورة المنَفِّرة التي تُرسم للإسلام يجب أن نعرفَ ذلك ونعترفَ به بأمانة وصدق وإن أخجلنا وآلمنا هذا الاعتراف ، وألا نَخدع أنفسَنا ونخدِّرَها ونُريحها بإلقاء مسؤولية هذه الصورة المنَفِّرة على الأعداءِ المحاربين ، والطامعينَ المتآمرين ، وبعضِ أصحابِ العقائد والمذاهب الحاقدين ، والإعلامِ الضالِّ المُضَلِّل ، أو المضَلِّل وهو يعرف الحقيقةَ ويُضَلِّل .. يجب أن نجابهَ أنفسَنا بشجاعة وصدق ، وأن نواجه واقعنا بشجاعة وصدق ، وأن نضع أيديَنا على جِراحاتنا وإن آلمتْنا الجراح ، وألاّ نهرب من أنفسِنا ومن واقعِنا بإلقاءِ التَّبِعاتِ كلِّ التبعات على الآخرين ، وإن كان كثيرٌ من هؤلاء الآخرين يحملون كثيراً من التبعات .. إنّنا بواقعنا السيِّء المخزي في أكثر دولنا وبلادنا نرسُم لأنفسِنا ، وللإسلامِ من خِلالِنا ، صورةً قبيحةً مُنَفّرة .. يَزيدُها حقدُ الحاقدين ، وافتراءُ المفترين ، وتضليلُ المضللين على اختلافِ عناوينهم وأساليبِهم ووسائِلهم ، قُبْحاً وتنفيرا إنّنا في واقعنا الراهن ، رغم ما أكرمنا الله تعالى به من مواقع استراتيجية فريدة ، وثروات ٍ طبيعية وفيرة ، وتاريخٍ عريقٍ مُشرّف ، ورسالةٍ عظيمةٍ للدنيا وفي الدنيا .. إننا في واقعنا الراهن رغم ذلك كلِّه من أكثر دول العالم تَخَلُّفاً وسُوءَ حال نحن متخلِّفونَ علميّاً ، متخلِّفونَ تكنولوجياً ، متخلِّفونَ فكريّاً وثقافيّاً، متخلِّفونَ عسكريّاً وسياسيّاً واجتماعيّاً وصِحِيّا ، نحن متخلِّفون، نحن متخلِّفون، إنّ قلوبَنا لَتَتَمَزَّق وتَتَحرَّق عندما نقول هذا ، ولكن لا بدَّ لنا أن نقول، في أكثر بلادِنا لا يَزال يَرْتَعُ الاستبدادُ والظلمُ والفساد ، وتُوأَدُ الحريةُ والعدالةُ والكرامةُ وأكثرُ حقوقِ الإنسان ، في أكثرِ بلادِ المسلمين رغمَ كلّ ما ظهر في أرضها ، وهطل من سمائها ، ونَبَتَ في ترابِها ، ودخل إليها بصُورٍ مختلفة وأسبابٍ مختلفة من ثرواتٍ كبيرة وفيرة .. ما يزال فيها الجهلُ المظلمُ ، والمرضُ المهلكُ ، والفقرُ الْمُدْقِع ، والمعيشةُ المتدنيّةُ التي لا تليق بإنسان أو حيوان .. هذا الواقعُ السيّءُ الذي يُناقضُ إسلامَنا ويناقضُ ماضينَا ، ويناقضُ مطامحَنا وآمالَنا لمستقبلنا .. هذا الواقعُ السيِّءُ هو الذي يرسُم لنا – بالدرجة الأولى – الصورةَ القبيحةَ المنفِّرةَ التي يُضَخِّمُها بمختلف الدوافع والمقاصد المضخِّمون ، ويتلاعبُ بها المتلاعبون ، ويَسْخَرُ بها منّا أشكالاً وألواناً الساخرون ، وتَتَّخِذُها – أو تتخذ بعضَها – دولٌ كُبرى ذريعةً لسلب سيادتِنا وحريَّتِنا ، وفرضِ نفوذِها وهَيْمَنَتِها ، ونهبِ أرضنا وثروتنا ، والعدوانِ خارجَ بلادِنا وداخل بلادنا على ديننا وثقافتنا ، لنكون خارج بلادنا وداخلَها كما تريدُه وترسُمه لنا في كلِّ مجالٍ من مجالاتِ الحياة ، وقد غَدَونا كما تريدُه لنا تلك القُوى والدول في كثير من الأمور ، ولن يتغيَّر ما نحن فيه من البلاء إلا إذا غيَّرنا أوّلاً ما بأنفسِنا . هذا هو المنطَلَقُ وهذا هو الطريق. إذا أردنا أن تكونَ صورتُنا جميلة فيجبُ أن نجعلَ حقيقتَنا جميلةً ساطعةً ، بل رائعةَ السُّطوع والجمال ، لا يُفلحُ في الافتراءِ عليها أو تشويهها المفترون المغرضون. أما أن نطلب لواقعنا القبيح صورةً جميلةً فهو ضربٌ من ضروب العَبَثِ والمحال. لا بدَّ من تغييرٍ وتصحيحٍ وإصلاحٍ سِلْميٍّ فعّالٍ بَصيرٍ عميق في بلادِ المسلمين ، وحياةِ المسلمين ، ليكونوا أكثر انسجاماً مع دينهم وحاجاتهم ومطامحهم وآمالهم ، وليكون لهم مكانُهم واحترامُهم ودورُهم الحميدُ المؤثِّر في عالمهم وعصرهم  الذاكرة التاريخية للغرب والمخزون الثقافي لديه يقوم دائماً على الثنائية فالأنا الغربي سيظل هوية فارغة إذا لم يوضع في مقابلة طرف (آخر) يتعرف من خلاله إلى
نفسه وهاهي وسائل الإعلام الغربية تصنع (الإسلام وتبني صورته بالشكل الذي يمكن أن يجعله يقوم بوظيفة (الآخر) هل صراع الحضارات هو الحل؟  صراع الحضارات ليس استراتيجية يفكر فيها ولاتكتيكاً يخطط له بل هو ظاهرة وسنة إلهية إلى حد ما ، ولا يجوز أن تتحول إلى وسيلة لتقويض أي حضارة ، فالمنافسة الحضارية وتدافع القوى وتداول القيادات من سنن الأمم والأقوام ، فلماذا لا يكون المسلمون قادرين على كسب التنافس الحضاري . ونحن في حاجة إلى عودة وتحليل – ليس موضوعه الآن – لقول الله عز وجل " فاستبقوا الخيرات" ، و " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" ، و " يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم" ، و " لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً" فالمقصد من التدافع ليس تحطيم الصوامع والبيع والصلوات والمساجد بل حمايتها جميعها. أما من يريد أن يملي علينا صراع الحضارات بمفهوم هيمنة القطب الأحادي وتدمير الشعوب ومكتسباتها فهو الإفساد في الأرض الذي يأباه الإسلام والمنطق والعقل ، ولقد استطاع الإسلام المحافظ على مكتسبات جميع الحضارات واحتفظ للشعوب بخصوصياتها الصالحة وهي حرية الفكر والعقيدة والكرامة الإنسانية ، وبالرغم من ضعف العالم الإسلامي اليوم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً إلا أنه يشكل المنافس الحضاري الوحيد ، بل هو النموذج المتفرد المنطلق أصلاً وتفصيلً من منطلقا قيمية فكرية ، فلا غرابة أن تتركز عليه الهجمات وتتوجه ضده المنافسات.  في ضوء ما سبق ما هي رؤيتكم لما يعرف بحوار الأديان هل هو وسيلة لتعميم المسيحية أم أنها وسيلة للدعوة والتواصل الحضاري؟  الحوار الديني والسياسي والحضاري لابد منه وهو وسيلة يستفيد منها الطرفان لاشك ، ولا يكون مثمراً إلا إذا اتفق على قواعده مسبقاً ويجب أن يكون محدد الهدف وأن يجري بين أنداد متساوين وبأسلوب الجدال الحسن الذي أمرنا به ، وقد يكون الهدف جزئياً كدعوة الطرف الآخر إلى دين الطرف الأول ... فليكن ذلك ، ولكن يجب أن يكون هذا الهدف الجزئي متفقاً عليه ، فإذا لم يتوصل إليه انتهى الحوار بالتي هي أحسن ... " فإن أعرضوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون" ولكن للحوار أهدافاً أخرى قد تكون هي أيضا جزئية كالتبادل الثقافي أو التنسيق أو الواجبات الإنسانية وغير ذلك ، ولاينبغي أن نخشى الحوار خشية من التنصير أو إملاء الطرف الآخر بل يجب أن ننطلق من الثقة بالنفس بعد الاعتماد على الله عز وجل وأن نكون قد وصلنا إلى مستوى الأنداد لكيلا نغلب على أمرنا وأن ننتبه ألا يغرر بنا في متاهات حوارية تشغلنا عن متابعة أهدافنا وأولويتنا.  منذ تولي السيدة مركل منصب الاستشارية يلاحظ أن هناك توافق إلى حد ما بين ألمانيا و أمريكا بشأن العراق وفلسطين... هل هذا الأمر بداية لانهيار التحالف الفرنسي الألماني الأوربي الذي تجسد إبان الحرب على العراق؟  لم يتغير موقف ألمانيا الأساسي من قضية فلسطين أو قضية العراق ، فثوابت الموقف الألماني من قضية فلسطين إثبات حق وجود إسرائيل وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وشجب انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.. وهذا لم يتغير، وتجاه قضية العراق رفض التدخل العسكري الأمريكي واعتباره مخالفاً للقانون الدولي وعدم المشاركة في الحرب أو أي عمل عسكري في العراق مع العمل على ترسيخ الديمقراطية والحرية هناك والمساهمة في إعماره ، وهذا أيضاً لم يتغير ، وقد كان للسيدة مركل موقفاً مؤيداً لأمريكا عندما كانت في المعارضة ، ولكنها عادت إلى هذه الثوابت بعد انتخابها مستشارة ورئيسة لحكومة الائتلاف بين الحزب المسيحي والاشتراكي ، وأعتقد أن موقف فرنسا وأوربا يتطابق مع ذلك إلى حد كبير مع اختلاف في بعض الجوانب كمشاركة بعض الدول الأوربية في الحرب بنسب مختلفة كبريطانيا أو بعد الحرب كأسبانيا وإيطاليا وبولندا ، والمنافسة بين أمريكا والاتحاد الأوربي قائمة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية وهيمنة القطب الأوحد وغير ذلك، وهذا يؤكد ما ذكرناه حول آليات العقل الأوربي ومبادئ التعددية التي تؤدي إلى تصارع داخلي داخل كل جبهة بغض النظر عن دين مشترك أو انتماء عرقي واحد. * د. نديم إلياس ، ولد في مكة المكرمة عام 1945 وتلقى بداية دراسته الشرعية فيها ، وأقام في ألمانيا منذ عام 1964م وتولى منصب الأمين العام للطلبة المسلمين في أوربا ، ويرأس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا منذ نشأته عام 1994 م له العديد من الإسهامات المقروءة والمسموعة باللغتين العربية والألمانية منها : خطواتي الأولى في الإسلام ، ألف سؤال حول الإسلام، الإسلام دين الحقوق والحريات، المسلمون والألفية الجديدة، رسالة في علم التجويد، ترجمة مختصر رياض الصالحين والأربعين النووية ، وبفضل الله سبحانه وتعالى انتهى والأستاذ عبد الله الصامت من ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الألمانية والتي تعد الترجمة الإسلامية الأصيلة التي أصلحت ما أفسدته الترجمات الأخرى التي قام بها مستشرقون.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.