إذا كانت الحكمة الإنسانية تقول أن: "وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة" فان المشاهد الوطنية الأخيرة التي اجتاحت عالمنا العربي تبرهن على أن: "وراء كل ثورة عظيمة..ليس فقط امرأة واحدة وإنما نساء وفتيات عظيمات". ولم أدهش بأن أول حوار أجرته معي الصحافة الإيطالية أثناء أحداث الثورة المصرية تطرق إلى دور المرأة في قيام الثورة واستمرارها، ولم يختلف الأمر كثيرا في الحوار الثاني الذي اهتمت خلاله الصحفية بسؤالي عن حجم مشاركة المرأة في الحياة السياسية بمصر في السنوات الأخيرة ومدى تفاعلها مع الأحداث الجارية. أدرك جيدا أن الرجل هو الأصل في الخلق وفي الحياة وهو من تعملنا من روحه النضال ومن قوته الشجاعة، ومن إصراره الصبر، غير أنني أردت أن أخص الأنثى بحديثي اليوم تكريما لها في شهر مارس المبارك الذي يضم أكثر من عيد لها وفي مقدمتهم عيد المرأة وعيد الأم. ورغم محبتي لأمي وتقديري لجميع الأمهات إلا أنني أتصور أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق امرأة أكثر حنانا وجمالا وروعة من أم الدنيا " مصر" فوحدها هي تستحق كل حب وتقدير وطاعة..وحدها تستحق أن أنحني لها عند كل صباح لأقبل يديها الطيبتين ثم أتوضأ من نيلها الطاهر قبل أن أسجد قرب قدمها لأستشعر الجنة الكامنة تحتها كما هي تحت أقدام كل الأمهات الفضليات. وما بين الصلوات أطوف حولها، أتأملها، أتوقف عند كل مدينة من مدنها لأقبل جبهة كل أم مصرية فقدت أحد أبنائها أثناء ثورة 25 يناير الشعبية التي وصل عدد الشهداء فيها إلى 500 شهيد من بينهم الكثير من الفتيات الصغيرات ما بين مسلمات ومسيحيات امتزجت دمائهن ليكتبن أروع الملاحم في الوحدة الوطنية الحقيقية التي لم تعد في حاجة إلى إثباتها بعقد مؤتمرات وإقامة ندوات للخروج بتصريحات هلامية من أجل تبييض وجوهنا أمام العالم الغربي. قبلة على رأس المناضلات اللاتي أمد الله في أعمارهن من أجل استكمال مسيرة البحث عن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية على أرض مليئة بالخيرات الهائلة كأرض مصر. قبلة على رأس كل مصرية- ومصري- قررت الوقوف في وجه الفساد ونهب الوطن فأخلصت في عملها أو خرجت لتشارك بالمظاهرات المليونية في جميع الميادين في العاصمة وبقية المدن الباسلة ك"السويس". وتهنئة قلبية للعروسة الشابة (علا عبد الحميد) التي اختارت أن يكون عقد قرانها أثناء أحداث الثورة وحفل زفافها بين المصريين وسط أكبر ميادين القاهرة "التحرير" الذي قادنا إلى تحرير أنفسنا من الخنوع . وفي النهاية لا أملك سوى تقديم أرق تهنئة لكل امرأة في عيدها، وتهنئة لكل أمهات العالم خاصة في فلسطين وتونس ومصر وليبيا واليمن والجزائر، تهنئة لأرواح الشهداء الأبطال الذين باتوا يسكنون بين حنايا أرواحنا..تقفز صورهم أمام أعيننا من آن لاخر فنبتسم ابتسامة باكية لم تعرفها ملامحنا من قبل لكنها تجعلنا نعرف حجم المسؤولية الواقعة علينا من الان فصاعدا!