* المرونة الزائدة من "أبو زيد" كانت سببًا فى تفاقم الأزمة مع إثيوبيا · النظام الإخوانى فى السودان كان سببًا فى تعقد الأزمة مع إثيوبيا * الببلاوى وقنديل وشرف تحدثوا عن السد بدون وعى
كشف الدكتور نصر علام, وزير الموارد المائية والرى الأسبق, عن الأخطاء التى ارتكبتها الحكومات السابقة فى التعامل مع سد النهضة, بدءًا من حكومة الدكتور عصام شرف وحتى رحيل حكومة الببلاوى, مؤكدًا أن الجميع تعامل مع القضية وكأنها قضية فرد وليس شعب. وأكد فى حواره ل "المصريون", أن المرونة الزائدة التى كان يتعامل بها الدكتور محمود أبو زيد, وزير الموارد المائية والرى الأسبق, كانت من أهم أسباب تفاقم الأزمة مع إثيوبيا, حيث إن القصة تحتاج إلى الشدة, على حد وصفه. وأضاف, أن النظام الإخوانى فى السودان يسعى جاهدًا إلى الوقيعة بين مصر وإثيوبيا, وذلك بتخطيط من قيادات الإخوان فى الخارج, مشيرًا إلى أن مصر كانت تمر بفترة ضعف أما الآن فإنها استردت عافيتها.
بداية.. ماتعليقك على استقالة الببلاوى فى هذا التوقيت ؟ تأخرت كثيرًا وكان يجب على الببلاوى الرحيل مبكرًا, ففشله فى قضية سد النهضة فقط كفيل بإقالته, وكان يجب عليه ألا يستمر حتى الآن, فقد تأزم الوضع أكثر وأصبحت الأزمات التى تحيط بمصر كفيلة بسقوط أى حكومة قادمة. وأعتقد أن أنجح الوزارات فى حكومة الببلاوى هى وزارة الخارجية, حيث قام الوزير بعدة زيارات خارجية ساهمت فى الضغط على إثيوبيا وساهمت أيضًا فى إقناع الدول الخارجية بموقف مصر.
من تعتقد سبب الأزمة مع إثيوبيا ؟ فى عام 2008 وافقت مصر على أن تقدم إثيوبيا دراسات جدوى عن السد، وكان هذا بمثابة اعتراف ضمنى بالسد الإثيوبى، وكنت أرى تلك الموافقة تعنى ضياع حقوق مصر التاريخية من المياه. وعندما توليت الوزارة فى عام 2010 كلفت فريق من الجامعات بدراسة أضرار سد النهضة، ووجدوا أن أضراره على مصر "كارثية" وفى 2010، قمت على الفور بإرسال تلك الدراسات للبنك الدولى لوقف التمويل, وبعثت وزارة الرى والخارجية بعثة خارجية لتدور على العالم لإقناعهم بأخطار بناء سد النهضة. وبعد ثورة يناير وضعف الدولة اقتصاديًا وسياسيًا قفزت إثيوبيا على المشهد، فكانت الدولة قبل ثورة يناير فى حالة تسمح لها, بأن تُدافع عن حقوقها أما بعد الثورة وانشغال المصريين بتقسيم التورتة فحدث أن إثيوبيا بدأت فعليًا فى بناء السد.
ما أسباب التوتر بينك وبين الدكتور محمود أبو زيد, وزير الرى الأسبق ؟ لا توجد عداوة شخصية بينى وبينه, وانتقدت فقط طريقته فى التفاوض حول الاتفاقية الإطارية التى تشمل التعاون بين دول حوض النيل، وأعتقد أنه وقع فى خطأ استراتيجى, لأن مصر لديها اتفاقيات سابقة، وبالتالى كان يمكن تأجيل أى اتفاقية جديدة.
وجهت إليك انتقادات بالتشدد فى التعامل مع إثيوبيا ؟ وزير الرى الأسبق, الدكتور محمود أبو زيد كان يرانى متشددًا فى التعامل وكنت أراه مرنًا بطريقة زائدة عن الحد, وكنت أرى أن المرونة المصرية يقابلها, تعنت زائد من الجانب الإثيوبى, واستسلامنا له يعنى ضياع حقوقنا. ولم تكن لدى خلافات شخصية مع "أبو زيد" وكانت مشكلتى مع الحكومة بأكملها, ولكن أبو زيد هو من تصدى للدفاع وبالتالى كنتُ مضطرًا للمواجهة.
هل سببت أخطاء "أبو زيد" تفاقم الأزمة ؟ الأخطاء التى وقع فيها أبو زيد, بعضها استراتيجى وبعضها تفاوضى، ولكن الحقيقة أن أزمة سد النهضة بدأت بعد ثورة يناير وكان أبو زيد غير موجود بالحكومة, ونحن جميعًا فى خندق واحد وإذا استشعرت إثيوبيا أن هناك خلافات بيننا فيمكن أن تستغل ذلك لصالحها.
هل أخطأت مصر بالتفاوض مع إثيوبيا ؟ انتقدت أبو زيد عندما دخل فى مفاوضات جديدة مع إثيوبيا, فكيف نتفاوض عن حقوقنا؟ فمصر لها حقوق تاريخية فى المياه ويجب عدم التنازل عنها, كذلك فإن إثيوبيا من المفترض أن تلتزم بعدم تغيير أى بند فى الاتفاقية الإطارية قبل الرجوع إلى مصر والسودان.
أعلنت إثيوبيا عن بناء 30 % من السد.. هل ترى ذلك تحديًا واضحًا لمصر ؟ طبعًا, الأمر كله تحد واضح لمصر, وكنا دولة تحبو أثناء حكم مبارك, والآن نحاول أن نتصدى للمواجهة. أما إعلان إثيوبيا عن بناء سدود جديدة فذلك لتكسير "مقاديف مصر", ولتدمير مقاومة مصر وهذه الطريقة الإثيوبية معروفة لدى الجميع ولا يملك المسئولون آلية التعامل مع هذه الطريقة الإثيوبية. الهدف الأساسى لإثيوبيا أنها تُقلق الشعب بالاضطرابات الداخلية فيستمرون فى بناء السد وطريقتهم معروفة.
هل سببت فترة حكم الإخوان زيادة الأزمة بين مصر وإثيوبيا ؟ أثناء حكم الإخوان, عانت مصر كثيرًا وضعفت فى تلك الفترة، والصراعات الداخلية زادتها ضعفًا على ضعف, ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء كانوا واقعين فى "غرام إثيوبيا" تمامًا. وبعد الثورة كنت الوحيد الذى يرى أن السد له أخطار "كارثية" على مصر, وتصريحات المسئولين السابقين مثل عصام شرف الذى قال إن السد ممر تنمية للجميع وقنديل وبهاء الدين اللذين قالا إنه لن تنقص كوب مياه من مياهنا, والببلاوى الذى قال إن السد مصدر رخاء لنا, جميعهم لا يعلمون شيئًا ويتحدثون بدون وعي.
ما تعليقك على تواصل قيادات من الإخوان مع إثيوبيا ؟ لا أهتم بذلك, ولكن – أذا صحت هذه الأخبار- فتكون مجرد اجتهادات منهم للضغط على الحكومة الحالية, وعلينا النظر بواقعية إلى الأمور وعدم الالتفات إلى تلك الأخبار التى تتداولها وسائل الإعلام, وتعودنا خلال السنين الماضية أننا لا ننتج ونتكلم أكثر مما نعمل ولا أشغل بالى بهذه الأمور.
هل تلقيت رسائل تهديد من إثيوبيا ؟ شخصيًا, كنتُ من أكثر الخبراء اللذين هاجموا إثيوبيا منذ البدء فى بناء سد النهضة, ولم أتلق أى رسائل تهديد, وأتحدث فى الإعلام عن أخطار السد, أما إذا كان حدث ذلك مع البعض, فأعتقد أنها حالات فردية, ولم أتعرض لضغوط دولية ولا مصرية ولا أتقبل ذلك ولا يجرؤ أحد على ذلك.
هل يمكن أن تستفيد مصر من كهرباء السد الإثيوبى ؟ إذا لم يكن للسد أضرار فيمكننا التعاون مع إثيوبيا وشراء الكهرباء منها, ولكن أعتقد أن السد ستكون له أخطار كبيرة، وبالتالى لا يمكن أن نشترى كهرباء من دولة تهدد أمن مصر.
كيف تقيم التقارب الإثيوبى السودانى حاليًا ؟ التقارب الإثيوبى السودانى, نتيجة حتمية للتباعد بين مصر والسودان, فيجب على مصر ألا تتخلى عن السودان لأنها تمثل البعد الجنوبى الاستراتيجى, وأننا ننتقد فقط قرارات الحكومة فى السودان وأن الشعب السودانى يعى جيدًا أن مصر والسودان بلد واحد.
هل تعتقد أن النظام الإخوانى فى السودان يُمثل عائقًا أمام المفاوضات ؟ كل شىء وارد, مصر ليست دولة "منبطحة وسهلة", وموقفنا ضعيف جدًا وعلينا أن يكون لنا موقف قوى وبدأ هذا الموقف عند زيارة روسيا وبدأنا نضغط على إثيوبيا وبدأ المسئولون الإثيوبيون يدلون بتصريحات مترددة وخشنة مما يظهر ارتباك.
من تعتقد أبرز المرشحين للرئاسة الآن؟ لا توجد أسماء محددة أتوقعها للرئاسة, ولكن بصفه عامة فإن المرشح يجب أن يكون لديه خلفية "عسكرية وسياسية", ويجب أن يمتلك مرونة كافية فى التعامل, وإذا وجدنا الشخص المناسب فعلينا أن نجده فى هذا المكان ولا نتخلى عنه بسهولة.
هل وجود شخصية عسكرية فى الحكم يساهم فى الضغط على إثيوبيا ؟ موقفى هو دعم المشير السيسي, ووجود شخصية عسكرية بالتأكيد سيكون أحد أسباب الضغط على إثيوبيا والمرحلة القادمة هى مرحلة السيسى بكل تأكيد, وأعتقد أن لديه بعد استراتيجى وسياسى وأمنى وتحركاته تدل على وعى كامل بما يحدث عندنا ولا أعتقد أن هناك منافس له.
هل تتوقع انفراجة قريبة فى الأزمة مع إثيوبيا ؟ لا أعتقد أن الأزمة يمكن حلها بتلك السهولة, فيبدو أننا مازلنا فى الشوط الأول من المباراة وقد تأخذ الأزمة مع إثيوبيا منحنيات أخرى إذا لم تحل قريبًا، ولا أقصد بذلك الحل العسكرى.