هذا هو رأي ، وفي نفس الوقت لمن يريد أن يقول لا فليذهب وليدلي بكلمته ، وفي النهاية علينا جميعا أن نحترم النتائج التي سيأتي بها صندوق الانتخابات ، كنت يوم الخميس في مؤتمر بحلوان للجماعة الإسلامية حول التعديلات الدستورية والجمعة كنت في ميدان التحرير ، صليت الجمعة في عمر مكرم وكان شيخ الجامع في خطبته يحدث الناس عن اختبار الديموقراطية الذي تواجهه مصر . ذهبت إلي مظاهرات محدودة في الميدان تقول لا للتعديلات وقد عطلت الطريق والمرور ووضعت عناصر الجيش في موقف معادي تهتف ضدهم لأنهم يريدون فقط تسهيل عملية المرور ، وحين قلت لهم إنني سأصوت بنعم للتعديلات الدستورية انقلبوا ضدي وأخذوا يهتفون ضد الإخوان المسلمين ، قلت لهم لست من الأخوان ولكنهم فصيل وطني شأنه شأن بقية فصائل الحركة الوطنية المصرية وعلي كل القوي السياسية أن تحترم قرار الأخري ووجودها معا . قلت لمن يقول لا من المتظاهرين اذهب وقل ما تريد ولكن لا تعتبر نفسك وقرارك هو الوحيد الصواب فمن يقول نعم وأنا منهم من أبناء الثورة وصناعها والتحرير ليس ملكا لمن يقول لا ولكنه ملك للأمة المصرية كلها وملك للمصريين جميعا من يقول نعم ومن يقول لا . مشهد التوتر الذي كان باديا علي المتظاهرين في التحرير أشعرني بأنني قراري بقول نعم للتعديلات الدستورية هو الصواب . هناك حالة استقطاب وتوتر كبيرة داخل المجتمع المصري ولو فتحنا الباب أمام تعديلات كاملة للدستور فإن ذلك ربما يقود إلي احتراب داخلي بين أصحاب الآراء المختلفة خاصة وأن العواطف تحرك الكثيرين وقصف المشاعر ككرات النار الملتهبة يمكن أن يشتعل في أي وقت ويذهب بمكتسبات الثورة إلي مايريد أعداؤها . هتف من يقولون لا ضدي حين قلت نعم وحينها هتفت لمصر وقلت تحيا مصر ، فبهتوا لأن مصر تجمع من يقول نعم ومن يقول لا ، ومصر بكل أبنائها تقف أمام اختبار حقيقي للديموقراطية اليوم ، ولأول مرة نذهب جميعا للاستفتاء ونحن لا نعرف نتائجه ، نريد للثورة أن تنجح في اختبار الديموقراطية كما نجحت في اختبار الثورة والصمود أمام نظام مبارك . أنا مع الفلسفة التي تقول إن التعديلات الدستورية التي تمت وقام عليها نخبة من أكثر أبناء الوطن نزاهة واستقلالية وحبا لمصر علي رأسهم المستشار طارق البشري هي خطوة محترمة وراسخة نحو تعديل شامل للدستور وأن حالة مصر لا تحتمل التغيير الشامل وإنما انتقال مؤقت وآمن نحو ملامح حقيقية لنظام سياسي ديموقراطي لا يوجد فيه تأبيد لبقاء الرئيس في السلطة ولا يوجد فيه حالة طوارئ مؤبدة ولا يوجد فيه تزوير للانتخابات وإنما إشراف قضائي كامل ، وهناك تنافس علي منصب الرئيس بشروط معقولة وهناك شروط للرئيس تضمن الأمن ا لقومي لوطن لا يزال أعداء كثيرون يتربصون به وعلي رأسهم عدو الأمة التقليدي الكيان الصهيوني ، والأهم من ذلك كله أن يعود الجيش إلي ثكناته فلأول مرة نري ليبراليين يقولون للعسكر ابقوا احكموا البلاد ولا تغادروها إلي ثكناتكم حتي لا يأتي مدني يمكن أن لا يكون منتسبا لتياراتهم الفكرية . علي الجميع أن يخوض المرحلة بشروطها ولا ينتظر لكي نمهد له الظروف ونهئ له الأرض ، عليه أن يلوم كسله وأن يبدأ فورا ويتقبل نتائج اختيار الأمة والشعب سواء جاء بالإخوان أو المستقلين أو غيرهم ، هذه هي الديموقراطية أيها الأخوة لا تعرف وضع شروط مسبقة للعب ولا تعرف استثناء لفصيل بسبب آرائه أو معتقداته كما لا تعرف ا لتعالي علي الشعب صانع الثورة الحقيقي واتهامه بأنه لا يعرف أين يسير وأن النخبة هي التي تحدد له اختياراته ، الشعب كان أسبق بخطوات من النخب وعلينا جميعا أن نسمع لصوته ، الشعب كل الشعب ، المصريون جميعا بكل فئاتهم السياسية وطبقاتهم الاجتماعية وأجيالهم المتعددة ومسلميهم ومسيحييهم ، هذا هو اختبار الثورة وعنوان نجاحها . لا يوجد حق مطلق أو خطأ مطلق في السياسة والاجتماع وما يحدد مواقف الإنسان الاجتماعية والسياسية هو السياق الاجتماعي والسياسي الذي تمر به مصر وهو سياق علي محك الخطر ، ومن هنا فإنني أغلب أمن مصر واستقرارها ومرورها من عنق الزجاجة التي تواجهه علي تعديل دستوري شامل قد يقود البلاد إلي احتراب داخلي مفتوح نحن في غني عنه في اللحظة الحاضرة . ميدان التحرير هو ملك لمصر جميعا والثورة ملك لكل أبنائها من يقول نعم ومن يقول لا ، واختبار الثورة الحقيقي اليوم هو المشاركة في الاستفتاء واحترام نتيجة التصويت أيا كانت ، ولتتواضع النخبة وتعرف أن الشعب الصامت يتكلم اليوم وعليها أن تكف عن صراخها وتقف صامتة لتسمع صوت الشعب وتصغي إليه فصوت الشعب هو الحقيقة التي يجب أن نصغي إليها جميعا .