طبقا لبعض مسئولي الإدارة السابقين، فإن إدارة بوش أخفقت في إجراء المفاوضات مع إيران حول برنامجِها النووي في مايو 2003، لأن المحافظين الجديدين الذين دعوا إلى تغيير النظام والزعزعة، كانوا قادرين على منع أي اتصال دبلوماسي جدي مع طهران. ومنعت قوة النقض هذه من المحافظين الجدد، الإدارة من تبني أي بيان سياسة رسمية بشأن إيران. وأضاف المصدر نفسه، أن الفشل في تبني سياسة رسمية تجاه إيران في 2002 2003، كان نتيجة الإعاقة من قبل "عصابة سرية" من المحافظين الجدد في الإدارة، تحت قيادة نائب الرئيس دك تشيني. وقد حصلت العصابة السرية على ما أرادت: "لا مفاوضات مع طهران"! وحسب مدير مجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط، فإن عرض التفاوض الإيراني، أُرسل إلى وزارة الخارجية في أوائل مايو 2003 من قبل السفير السويسري في طهران، حيث أقر برغبة إيران بمخاطبة المخاوف الأمريكيةَ حول برنامجها النووي، بالرغم من أنه ما أشار إلى أي تنازل معين قبل المحادثات. وعرضت إيران أيضا إمكانية قطع دعم إيران أيضا لحماس والجهاد الإسلامي، وتحويل حزب الله منظمة سياسية اجتماعية تماما، طبقا للمصدر نفسه. وكان رد وزير الخارجية الأمريكية آنذاك باول في أواخر مارس 2003 ، طلب إيران بإنهاء "دعمها للإرهاب". بالمقابل، طالب الإيرانيون من الولاياتالمتحدة أنْ تعالج قضايا الأمن، رفع العقوبات الاقتصادية وتطبيع العلاقات، وكذا دعم إيران في عملية الاندماج بالنظام الاقتصادي العالمي. وينقل المصدر، أن العرض الإيراني صيغ ببركة اللاعبين السياسيين الرئيسيين في النظام الإيراني، ومن بينهم الزعيم الأعلى علي خمينائي. ومال الواقعيون، تحت قيادة باول ونائبه، ريتشارد آرميتاج، إلى رد إيجابي على العرض الإيراني. ورغم هذا، وبعد أيام من إيصاله، وبَخت وزارة الخارجية السفير السويسري لنقل العرض الإيراني! ولا يعرف إلى الآن كيف اتخذ قرار الرفض. ولكن كما أخبر المصدر، فإنه "كما هو الحال مع العديد من قرارات قضايا الأمن القومي، ليس هناك بصمات أصابع"، غير أن أصابع الاتهام موجهة إلى نائب الرئيس تشيني. بينما يلاحظ المصدر، بأن الموت الغامض الذي أصبح معروفا بين خبراء الملف الإيراني بمبادرة "صفقة إيران الكبيرة"، كان نتيجة عدم موافقة الإدارة على وضع سياسة تجاه طهران. وحسب مصدر مطلع، فإن ثمة مسودة حول سياسة أمن قومي أولية (NSPD) بشأن إيران دعت إلى الارتباط الدبلوماسي، كانت بصدد الإعداد بالتنسيق بين مختلف الوكالات لأكثر من سنة. لكنه كان من المستحيل الحصول على الاتفاقية الرسمية بشأن سياسة الأمن القومي (NSPD)، لأن المسئولين في مكتب تشيني وفي مكتب الخطط الخاصة في وزارة الدفاع تحت إشراف دوغلاس فيث، تبنوا سياسة تغيير النظام. ولا يخفي المعارضون لسياسة المحافظين الجدد، لومهم لكوندوليزا رايس وزير الخارجية حينها ومستشارة الأمن القومي الحالي، لفشل الإدارة في تجاوز المتطرفين داخل مراكز صنع القرار، حيث إن ملف صنع سياسة قومية تجاه إيران، أشرف على إدارته مستشار أمن قومي عاجز عن مواجهة العصابة. وفي ظل غياب سياسة رسمية تجاه إيران، كافح مكتبي تشيني وفيث في 2003، لصد اقتراح من قبل الواقعيين في الإدارة لإعادة فتح قناة جنيف مع إيران، التي كانت قد استعملت بنجاح في ملف الحرب على أفغانستان في 2001-2002، حيث رأى "الواقعيون" أن إيران يمكن أن تساعد في تثبيت أوضاع ما الصراع في العراق. وحاول المحافظون الجدد أن يمنعوا تلك الاجتماعات في ميادين السياسة التكتيكية، وكانت حجتهم أنهم لا يريدون أن يكونوا مدانين لإيران بشيء. ورغم هذا، فإن السفير الأمريكي في أفغانستان حينها زالماي خليلزاد، خُول بالاجتماع سرا في جنيف مع المسئولين الإيرانيين لمناقشة مستقبل العراق، عندها حاول المحافظون الجدد إعاقة المحادثات، من خلال تقديم طلب المعلومات المفصلة عن رؤوس القاعدة الكبار، المجوزة من قبل الإيرانيين. بينما اعتبرت إيران تلك المعلومات، ورقة مساومة لا تصب إلا في مصلحة واشنطن. وقد تبنت إدارة بوش سياسة في 2002، رفضت بمقتضاها، مشاركة أي معلومات مع إيران حول القاعدة أو المسلحة الأخرى. في الثالث من مايو 2003، وبينما كانت "صفقة إيران الكبيرة" في طريقها إلى واشنطن، عرض ممثل طهران في جنيف "جواد زاريف"، مساومة حول القضية: إذا أعطت الولاياتالمتحدةإيران أسماء قادة "مجاهدي خلق" التي تمسك بهم القوات الأمريكية في العراق، فإن إيران ستَعطي الولاياتالمتحدة أسماء أعضاء القاعدة المحجوزين لديها. ويذكر أن جماعة "مجاهدي خلق" استسلمت إلى القوات الأمريكية بعد الغزو، ورأى المحافظون الجدد فيها عامل ضغط محتمل في محاولة لزعزعة النظام الإيراني. بل وأكثر من هذا، أصبت منظمة "مجاهدي خلق"، التي صنفتها واشنطن في قائمة المنظمات الإرهابية، طرفا رئيسيا في صوغ السياسة البديلة التي أعدها المحافظون الجدد في الإدارة تجاه إيران. مع نهاية مايو 2003، نجح المحافظون الجدد في إغلاق قناة جنيف الخلفية. المصدر: العصر