لم تخف التعديلات التي أقرتها لجنة التعديلات الدستورية، برئاسة المستشار طارق البشري، والتي شملت العديد من بنود الدستور الخاصة بمسألة الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وجود غضب لدى البعض من قصر التعديلات على عدد من مواده، وعدم إجراء تعديل شامل على الدستور كما طالب كثيرون، وطالت الانتقادات تشكيلة اللجنة نفسها بسبب عدم التوسع في عضويتها. وقالت المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا ل "المصريون"، إن هناك خللا انتاب لجنة التعديلات الدستورية يتمثل في عدم تمتعها بتوافق وطني أو أرضية شعبية واسعة، بالإضافة إلى أنها فرضت السرية منذ بدئها بالمخالفة لكل الأعراف في وضع الدساتير، مطالبة بضرورة وجود حوار وطني واسع في مثل هذه المرحلة الفارقة في حياة مصر ومستقبلها. واعتبرت الجبالي أن التعديلات كانت بمثابة مفاجأة للمصريين لما تحمله في طياتها من "مخاطر جمة ولما حدث من قبل اللجنة من تجاوزها لحدود الصلاحيات الممنوحة لها"، وأشارت خصوصا إلى النصوص المادة 75 التي نصت على فكرة المنع المطلق لمزدوج الجنسية. إذ قالت إن تلك المادة تنطوي علي شكل من أشكال التناقض القانوني لما قامت به من حرمان المواطنين لحق من حقوقهم في الترشح لانتخابات الرئاسة، ولم تسمح للمواطن المزدوج الجنسية في حال تخليه عن الجنسية الأجنبية، ما اعتبره دليلا على الإصرار على عدم ترشح مزدوج الجنسية. كذلك اشترطت اللجنة ألا يكون المترشح للرئاسة متزوج من أجنبية، وتاء التأنيث – بحسب رأيها- معناها عدم وجود مجال للترشح سوي للرجال مما يعد تمييزا ضد المرأة المصرية وهو ما يعد مخالفة للمادة 40 من الدستور، التي لا تسمح لأي أحد أي كان موقعه أن يميز بين المواطنين بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة. وانتقدت الجبالي المادة 76 أيضا، خاصة الجزئية الخاصة بضمانة ترشح الأحزاب لرئاسة الجمهورية، حيث اشترطت وجود مقعد علي الأقل في البرلمان، وهو ما يمثل "فرمانا" من اللجنة في حالة ما إذا قرر حزب سياسي قرر مقاطعة الانتخابات، بحرمانه حينها من الترشح للرئاسة، مما يعوق عمل الأحزاب. أشارت أيضا إلى المادة المتعلقة باللجنة العليا للانتخابات، حيث أن التعديلات قدمت عنها الكثير من التفاصيل، فيما يتعلق بالفصل في الطعون وغيرها وهو ليس مكانه الدستور، حيث لا يوجد دستور يضع في مواده الإجراءات الخاصة والتفاصيل التي يكون محلها الطبيعي القوانين. وانتقدت الجبالي أيضا التعديلات على المادة 93، التي جاءت لتنص على قيام المحكمة الدستورية بالفصل في عضوية أعضاء مجلس الشعب، وهي بذلك نقلت هذا الاختصاص من محكمة النقض إلى المحكمة الدستورية التي ليست مجلسا دستوريا وإنما محكمة قانون. وقالت إن الفصل في العضويات الخاصة بالبرلمان تحتاج إلى قاضي وقائع، معتبرة نقل الاختصاص على هذا النحو يشير إلى عدم دقة القانون، كذلك فإن المحكمة الدستورية- حسب وصفها _ مكونة من دائرة واحدة مكونة من 20 عضوًا لن يكون لهم القدرة علي فصل هذا الكم من الطعون. ورفضت الجبالي المادة 179 المضافة، التي رهنت الدعوة إلى إعداد دستور جديد بقيام رئيس الجمهورية بالدعوة لذلك وموافقة رئيس الوزراء عليها وموافقة نصف المجلسين، وقالت إن هذه المادة جعلت الشعب محصورا بين هؤلاء والتفوا جميعهم على إرادته. كذلك أشارت إلى أن إجراء انتخابات مجلسي الشعب والشورى أولا قبل انتخابات الرئاسة سيكون مخالفا لكل المطالب التي تنادي بإجراء الانتخابات الرئاسية قبل التشريعية. من جانبه، قال الفقيه القانوني حسام عيسى، الأستاذ بكلية الحقوق جامعة عين شمس إن التعديلات الدستورية يجب أن تعد من الناحية السياسية وليس من الناحية القانونية فقط، مشيرا إلي أن وضع الدستور ليس عملية قانونية وإنما عملية سياسية يقوم بها كل ممثلو القوى الحية في المجتمع وليس رجال القانون. وطالب بضرورة أن يتم الاستعانة برأي كافة فئات المجتمع من فلاحين وسياسيين وعلماء وفنانين وصناع، حيث أن المجتمع بها الكثير من التناقضات والمصالح المتضاربة التي لابد من وضعها في الاعتبار، واصفا قصر تعديل الدستور على ستة أو سبعة أفراد من رجال القانون بأنها "يعد جريمة بكل معنى الكلمة".