حذر الدكتور علي السلمي، وزير التنمية الإدارية الأسبق من وجود عمالة زائدة وبطالة مقنعة والكثير من العمالة المؤقتة داخل الجهاز الإداري بالدولة، وهو النظام الذي تم العمل به لفترات طويلة دون أي وعود مستقبلية بالتعيين أو الاستقرار، وقال إنه إذا لم يتم وضع هذا الأمر في اعتبار الحكومة الجديدة مع فتح باب طلبات التوظيف فسيشكل كارثة كبيرة خلال المرحلة المقبلة. ووصف السلمي في تصريح ل "المصريون" إجراء تلقي طلبات التوظيف الحالي من قبل الحكومة ب "السريع وغير الواعي"، مشيرا إلى أنه كان في حاجة لمزيد من الدراسة والشرح، حيث كان من الواجب شرح ماهية وطبيعة هذه الطلبات للناس، ومواجهتهم بمدى إمكانية توفير فرص العمل. إذ أن الحكومة بها حوالي 6 مليون موظف وليست في حاجة لعمال أو موظفين جدد، كما يؤكد السلمي، وبالتالي فإنه عليها القيام بتوفير فرص عمل مختلفة ومنتجة والقيام بمشاريع استثمارية مختلفة وفتح الباب للتشغيل في مجالات كثيرة، راهنا توفير فرص العمل ببدء مشاريع إنتاجية حقيقية خلال الفترة القادمة. وطالب الحكومة الحالية التي أعلنت فتح الباب لتلقي طلبات التوظيف بأن تفصح عن الوسيلة التي ستأتي بها بهذه الوظائف، وأن تكون صريحة مع الناس، وان تخبرهم بالطريقة التي ستدفع بها لهم أجورهم، خاصة مع الإعلان عن عدم وجود موارد كافية في الخزانة العامة للدولة، وحذر من تكرار الخطأ مرة أخرى، وطالب بالبعد عن اللعب بمشاعر المواطنين بأن تكون هذه الوظائف مجرد وظائف وهمية. وشاطره الرأي الدكتور عبد الرحمن عليان أستاذ الاقتصاد جامعة 6 أكتوبر، مؤكدا أن القطاع الحكومي يعاني من المتضخم وليس به أي فرصة لوظائف جديدة. وأشار إلى أن هناك بعض الأفراد تم تعيينهم خلال الفترة الأخيرة على سبيل "الرشوة الانتخابية" لشراء بعض الأصوات الانتخابية، إلا أنه يمكن لقطاع الأعمال والقطاع الخاص استيعاب هذا الكم من العمالة إذا استقرت الأمور ودارت العجلة الإنتاجية، بل أن هناك فرصة لاستيعاب أكثر من ذلك إذا تولدت لدى هذه العمالة الكفاءة والجودة العالية. وأوضح عليان أن الوظائف التي ربما تعرض علي طالبي التوظيف لن تتفق بالضرورة مع المؤهلات الحاصلين عليها، ولكنها ستعبر عن احتياجات الفترة الحالية واحتياجات سوق العمل، مطالبا الشباب في الفترة الحالية قبول الوظائف التي تعرض عليهم إذا تم ذلك وقامت الحكومة بالفعل بتوظيفهم. بدوره، أكد الدكتور شريف قاسم أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن ما يعرفه هو أن القطاع الحكومي متخم بالعمالة ولديه في نفس الوقت عدد كبير من العمالة المؤقتة غير المثبتة، معتبرا أن فتح الحكومة الباب لتلقي طلبات التوظيف كانت من المفاجآت التي أصابته بالدهشة، حيث أعلنت عن تلقي طلبات التوظيف دون الإعلان عن المجال الذي سيتم فيه تشغيل العمالة. وتنبأ قاسم باحتمالية أن يكون فتح باب تلقي طلبات التوظيف ليس من أجل التوظيف _وإن كان من الممكن أن يكون من أجل هذا الغرض بالفعل _ وإنما من أجل دراسة الحالة الاجتماعية للشباب، وتكوين بنك معلومات عن الراغبين في العمل للتعرف علي تخصصاتهم بحيث تكون جاهزة في أي وقت، حيث أنه من الممكن أن يتم التعاون مع الشركات الاستثمارية العالمية، وبالتالي تقديم عمالة لها بعد التعرف على جودة وكفاءة هذه العمالة وتخصصاتها من خلال الطلبات التي تم التقدم بها. وأشار إلى أنه ربما يكون الهدف من فتح طلبات التشغيل القيام بإجراء اجتماعي يعيد دور الدولة، وهو ما اعتبره بلا شك أمرت محمودا لكن لا بد له من دراسة اقتصادية حقيقية. ورأى أسامة غيث الخبير الاقتصادي أن تلقى الحكومة طلبات التوظيف "تفريغ للشحنات"، حيث أنه لا يعتقد أن هناك أماكن في الجهاز الحكومي أو المحليات لاستيعاب هذه الطلبات الجديدة للتوظيف واستيعاب العمالة المؤقتة. وأضاف غيث إنه كان من الأولى والأصدق أن يتم الوفاء بمطالب العمالة المؤقتة أولا والبالغ عددهم مليون ونصف في زيادة أجورهم ووضعها في الشكل الآدمي، حيث أن الأعمال المؤقتة الموجودة في وزارة الزراعة والمجالس المحلية عىي سبيل المثال بها نوع من العبودية، بحسب تعبيره. وقال إنه "إذا كان وزير المالية رجلا جادا، ولا أعتقد ذلك، لكان وضع حلولا عملية أولا لهذه الفئة، أو قام بالاستجابة للقضايا الملحة أولا كتنفيذ حكم المحكمة فيما يتعلق بالحد الأدنى للأجور"، مشيرا إلي أن ما يقال الآن يخرج عن التفكير المالي والدقيق ويدخل في إطار الدعاية فقط.