بدأت اللجنة التشريعية بمجلس الشورى أمس أولى اجتماعاتها الخاصة بمناقشة قانون السلطة القضائية الذي أحالته الحكومة للمجلس يوم الأربعاء الماضي، والذي تجاهلت فيه التعديلات التي اقترحها نادي القضاة في مشروعه الذي أعده في بداية التسعينيات. واعتبر صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى في كلمته أمام اللجنة أن الاستجابة لاستقلالية القضاء تمثلت في الموافقة على استقلال ميزانيته وخضوعها لإشراف المجلس الأعلى للقضاء، ودون أن يتطرق إلى بعض بنوده الأخرى التي رفضها نادي القضاة. من جانبه، أكد المستشار محمود أبو الليل وزير العدل أن مشروع القانون يستهدف تحقيق استقلال القضاء، وأنه تم إعداده بعد دراسة مستفيضة من جانب المتخصصين في إدارة التشريع والمجلس الأعلى للهيئات القضائية ، بالإضافة إلى استطلاع آراء نادي القضاة من خلال مشاركة رئيسه وسكرتيره العام في مناقشات اللجنة التي تدارست أحكام المشروع ، وهو ما نفاه أعضاء النادي الذين انسحبوا من المباحثات بعد أن رفضت وزارة العدل إطلاعهم على نص المشروع. وأكد الوزير أن الصياغة جاءت في النهاية لتحقق توازنًا دقيقًا يتيح المزيد من استقلال القضاء والحرص على إدارة العدالة بتوفير فضاء محايد. ونفى الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية بدوره ما تردد عن أن وزارة العدل لم تأخذ رأي نادي القضاة في المشروع، مؤكدا أن اللجنة المنوط بها إعداد المشروع ضمت عددًا من مساعدي وزير العدل ورئيس نادي القضاة وسكرتيره العام، وأنها اجتمعت قبل عرض المشروع على مجلس الوزراء لعرض أهم الأفكار على ممثلي النادي. وأضاف أن البعض يتعلل بأنه لم يتم عرض المشروع في صورته النهائية على النادي، موضحا أن الحكومة ومجلس الشعب هما الجهتان المختصتان بإعداد التشريع وعرض مشروعات القوانين، ولكن من حسن الفطنة استشارة أصحاب المصلحة واستطلاع رأيهم وتبني ما تقتنع به الحكومة، على حد قوله. وأشار إلى أنه بمجرد الانتهاء من إعداد المشروع تم إرسال نسخة منه إلى نادي القضاة ، ثم طلب المجلس الأعلى للقضاء استكمال المناقشات مرة أخرى بعد وصول الملاحظات التي أبداها النادي ، وبالفعل اجتمعت المجموعة الوزارية التشريعية وأدخلت تعديلات جوهرية عليه قبل إحالة المشروع للسلطة التشريعية. ونفى الدكتور شهاب أن تكون هناك خلافات بين الحكومة ونادي القضاة، مؤكدًا أن الخلاف بين القضاة أنفسهم حول عدد من القضايا ، وعلى رأسها تشكيل المجلس الأعلى للقضاء وهل يكون بالانتخاب أم بحكم الوظيفة. وأشار إلى أن الحكومة انحازت إلى رأي المجلس الأعلى للهيئات القضائية الرافض لمبدأ انتخاب أعضائه البالغ عددهم سبعة أشخاص ، موضحا أنهم يختارون بحكم مناصبهم وليس بالتعيين أو الانتخاب. ورأى أن فكرة الانتخاب قد تبدو ديمقراطية وممكنة في طبيعة العمل الذي يتم فيه الدفاع عن مصالح فئة معينة مثل الأندية والجمعيات إلا أنها ليست ممكنة في مجال القضاء ؛ إذ كيف يمكن لقاض أن يحكم بعقوبة على من انتخبوه، على حد تساؤله. ورفض الوزير أن تكون تبعية التفتيش القضائي لوزير العدل مثلما تردد، مؤكدًا أن مشروع القانون ينص على أن يعين مدير التفتيش والوكيل والأعضاء بموافقة مجلس القضاء الأعلى، على أن تكون التبعية الإدارية لوزير العدل. وبرر ذلك بأن هيئة التفتيش القضائي تحتاج إلى جهاز إداري كبير ، ومن ثم فلابد أن تقوم الوزارة بهذا الدور الإداري لأن أعضاء المجلس السبعة لا يستطيعون القيام به ، مؤكدًا أن وزير العدل لابد أن يكون هو المسئول برلمانيا وسياسيا أمام البرلمان. وأكد الوزير أن نادي القضاة الذي جاء باختيار الجمعية العمومية هو ممثل القضاة ولكن لا يمكن إدخال بنود تتحدث عن النادي داخل مشروع القانون لأن السلطة القضائية مستقلة. وأشار شهاب إلى أن نادي القضاة كان يريد أن تكون مدة الإعارة أربع سنوات وألا تتم الإعارة لجهات داخلية حتى لا تبدو وكأنها مكافأة من الحكومة ، وقال إن المشروع جعل مدة الإعارة ست سنوات لأية جهة داخل الدولة. ووصف الوزير إلغاء تبعية النيابة لوزير العدل في مشروع القانون الجديد بأنه إنجاز جبار في دعم واستقلال القضاء وتأكيد حصانته. في الإطار ذاته، وصف المستشار سري صيام مساعد وزير العدل لشئون التشريع قانون السلطة القضائية الحالي بأنه من أعظم القوانين التي تحرص على قدسية واستقلال القضاء، وأن النائب العام في مصر يتمتع بحصانة لا تتوافر لنظرائه في دول أخرى. وأوضح أنه تمت دراسة تشكيل مجلس القضاء الأعلى في عدة دول مثل فرنسا وإيطاليا وبلجيكا ، وتم التوصل إلى إن إدخال آلية الانتخابات في هذا التشكيل ستؤدي إلى نتائج بالغة الخطورة. وأكد صيام أن فكرة الانتخاب مرفوضة تماما، متسائلاً: كيف يمكن لهذا المجلس الذي يعين وينقل ويرفع الحصانة ويشكل محاكم التأديب أن يكون موضوعيا في هذه الأمور وهو يفصل بين من انتخبوه. وحول قضية الندب والإعارة، أوضح مساعد الوزير أن مجلس القضاء الأعلى هو الذي يملك هذا القرار ، وإذا وجد أنه من غير مناسب للندب في مكان ما فلن يوافق عليه، مشيرًا إلى أن الإعارة للدول العربية لن تكون إلا في حدود أقل من 25 في المائة من أعضاء المحاكم.