النوبة لم تطلب من الدولة غير الاعتراف بها وبكامل حقوقها الدستورية والقانونية والمدنية مثل سائر المجتمعات المصرية . النوبة لم تسعي يوماً ما وراء الانفصال أو الخروج من الكيان المصرية أطلاقاً ولم ولن تحمل السلاح في وجه مصر ، ولكن هناك قلوب فاسدة وحاقدة علي النوبة دون أسباب وترمي بسمومها لإثارة الفتن والضغائن وتشويه صورة النوبي العاشق لمصر ولترابها . النوبة جسد ينزف الدماء من شدة الجروح وتنادي وتغيث من أجل العودة للديار القديمة والعتيقة خلف السد العالي. لماذا ياشعب مصر وعقلائها نتهم النوبة بالانفصال ؟ لماذا نطلق الإساءة والتهجم لمجرد النقاش ؟ لماذا تحول القضية النوبية لساحة معركة وتراشق لمجرد الطرح والحوار؟ ومتي نرتقي لدائرة النقاش ؟ أم نظل في فلك التطاول والرشق بالحروف والكلمات لمجرد المطالبة بالحقوق والسعي وراء الوعود والأحلام ؟ النوبة ياحكماء مصر كانت ومازالت جزء من مصر ومن حق النوبة المطالبة بالأرض والجذور التي عاش فيها الآباء والأجداد ونثروا بين أركانها بذور العشق للمكان والزمان ، فكيف ننسي أرضنا وهي توزع علي الغرباء ، ومن حقنا أن نطالب ونطالب بإصرار وصمود وصبر وكفاح ونتحدى مروجي الشائعات والأحقاد وأعداء النجاح ، والنوبة باقية ما دامت مصر باقية لأخر الزمان . النوبة كانت ومازالت العمق الإستراتيجي للحدود الجنوبية لمصر وبوابة أفريقيا وليست وليدة اليوم أو أمس بل نمت وترعرعت مع بداية التاريخ الإنساني وكانت همزة الوصل بين الشمال والجنوب . النوبة يا أهل مصر ليست عزبة أو قرية أو مدينة أو مجتمع بل أمة كاملة تجمع عدة ملايين من أفرادها ، حاصرها الشتات منذ بناء خزان أسوان عام 1902 ، وكتب لها الهجرة نحو البلاد والشمال حتى جاء السد العالي وأكمل الشتات والطرد الجماعي دون غفران ، واليوم توزع الدولة أرض آباءنا وأجدانا للغرباء والمرتزقة ونحن ليس من حقنا الشجب والمطالبة والاعتراض ، أي قانون مدني أو سمائي يكتب لنا التشرد والشتات ، وأي عدل يتشدق به قانون الغابة للأقوياء وأي ظلم يحرم الروح عن الجسد والوجدان ، وأي ثقافة كاذبة تبثها الإعلام ، وأي حكمة تقتل أحلام البسطاء ، وتدور في فلك جدال وحوار مع عقول خاوية تفرض الواقع المؤلم لمجموعة غير مدركة وغير واعية تخدم الفساد الغير أخلاقي لطمس الحضارة والتاريخ والتراث والإرث اللغوي لعدم تطابق أفكارهم الهدامة والظالمة وترشق أصحابها بكل الأساليب القذرة والخيانة والانفصال وزرع الفتن والمكايد دون أدني وعي وثقافة . ( إذا أردت أن تعرف حضارة شعب أقرا تاريخهم ) فكيف تهاجم النوبة وأنت لا تعرف خطوطها وسلوكها وكيانها وعنوانها وقدرها وعراقتها وروعة جمالها ، تلك هي الطامة والمصيبة الكبرى لجدال الجهلاء والمنافقين والكاذبين ، التي لا تروي الظمأ ولا تشبع جائع ولا تعيد حق مسلوب أو مظلوم . النوبة اليوم في أشد الحاجة الماسة لفهم المضمون والجوهر والباطن والظاهر عبر عقلية واعية وقادرة في علاج الجراح وليس تعميقه وفهم المطالب دون تجريحه وتعقيده والسعي في مد جذور التلاحم دون تفريقه ، ونبذ الفرقة وتحريمه . رحال النوبة جمال القرشاوي