كشف الأرشيف الحكومي الإسرائيلي للمرة الأولى عن رسائل متبادلة بين الرئيس المصري الأسبق أنور السادات ورئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة جولدا مائير، التي مهدت للسلام بين الجانبين، وذلك بمناسبة مرور 40 عامًا على اتفاقية وقف إطلاق النار في 18 يناير 1974. وأوردت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، مقتطفات من نص رسالة بعث بها السادات لمائير جاء فيها: "هذه هي الرسالة الأولى منذ 26 عامًا التي يبعث بها رئيس مصري لرئيس الحكومة الإسرائيلية"، وكانت الرسالة التي يعود تاريخا إلى 17 يناير 1974 جزءًا من مجموعة رسالة متبادلة بين الجانبين بمناسبة التوقيع على اتفاقية فصل القوات بين مصر وإسرائيل مع نهاية حرب أكتوبر. ونقلت الصحيفة عن السادات قوله في الرسالة: "عندما عرضت مبادرتي للسلام في عام 1971 كنت أعنيك أنت، وعندما هددت بشن الحرب كنت أقصدك بهذا التهديد، والآن عندما أتحدث عن السلام الدائم بيننا فإنني أقصدك أيضا". وجاء في الرسالة التي نقلها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر: "لم يكن بيننا أبدًا أي اتصال، الآن لدينا هنري كيسنجر الذي يثق فيه كلانا، لنساعده ونتحدث الواحد مع الأخر عبر وساطته ولا نفقد هذه الصلة". ووفقا للوثائق الأرشيفية، فإن السادات كشف أن الرسالة التي بعث بها الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر للحكومة الإسرائيلية في الماضي، لم تكن إلا خدعة منه لتل أبيب، وأن رسالته لمائير هي أول توجه من نوعه من قائد مصري لنظيره الإسرائيلي. وذكرت "هاآرتس" أنه في اليوم التالي ردت مائير على رسالة السادات برسالة أخرى جاء فيها "في الواقع رسالتك ترضيني جدًا، وآمل حقًا في استمرار العلاقة التي بنيناها من خلال الدكتور كيسنجر، وأن تثبت تلك العلاقة نفسها لتكون نقطة تحول هامة، ومن جانبي، سأفعل كل ما بوسعي لبناء الثقة والتفاهم فيما بيننا، شعوبنا تحتاج وتستحق السلام". مائير أضافت "إنني واثفة وبشدة من أن السلام هو الهدف الذي يجب أن نوجه إليه كل طاقتنا، إنني في الواقع سعيدة بأن لدينا الدكتور كيسنجر الذي يثق كلانا به، وعلى استعداد لتقاسم حكمته ومواهبه فيما يتعلق بالسلام". وقالت الصحيفة العبرية إن الذي بادر بفكرة الرسائل كان وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر للقضاء على حالة عدم الثقة التي كانت سائدة بين السادات ومائير. وخلال لقائه مع مائير في 17 يناير 1974، تم الاتفاق فيه على التفاصيل النهائية لوقف إطلاق النار بين القاهرة وتل أبيب، في هذا اليوم بعث كيسنجر برسالة شفوية من السادات كان قد أبلغه إياها خلال زيارته القاهرة قبل يوم من واحد لقاء رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك. وأضافت أنه بعد 10 أيام تقريبًا من ذلك اليوم تم تبادل رسائل أخرى بين القاهرة وتل أبيب؛ إذ بعث السادات برسالة لمائير ووزير دفاعها موشي ديان حملها سمحا دينيتس، السفير الإسرائيلي بالولايات المتحدة، وطلب فيها السادات من تل أبيب عدم وضع صعوبات أمامه فيما يتعلق بالعالم العربي وتأييد اتفاقية لفصل القوات مع سوريا. ولفتت إلى أنه في ردها الذي بعثت به للسادات قالت مائير إن "تل أبيب جاهزة للتفاوض مع دمشق في أي وقت، بشرط أن تسلم الأخيرة قائمة الأسرى الإسرائيليين وتوافق على زيارات الصليب الأحمر لهم، وتضع نهاية للوضع المزعج الذي تعيش فيه عائلات الأسرى والمفقودين".
