حكاية مجلس الشعب مع المعاهدة المصرية الإسرائيلية ، هى نموذج كاشف لما يفعلونه بنا منذ ثلاثة عقود و يزيد . نوردها هنا كعبرة لكل من يعتبر . فالبرلمان مؤسسة بالغة الخطورة ، لا يجوز على أي وجه أن نتركها فى يد العابثين . * * * قلبت كامب ديفيد حياتنا رأسا على عقب خطفونا من أمتنا وباعونا للأمريكان وجعلوا من عدونا الصهيوني ، قطرا شقيقا وقبل أن نستوعب الموقف ، كانت الطبخة قد استوت ، والمؤامرة قد اكتملت ، والإجراءات قد استوفيت . وعلى رأس هذه الإجراءات ، أتت موافقة مجلس الشعب على المعاهدة المشئومة . و فى معظم برلمانات العالم تأخذ مثل هذه القضايا المصيرية جهودا شاقا ومناقشات حامية و حقيقية ، وتصويتا صادقا قد ينتهى بالقبول او الرفض . أما فى مصر وبسبب التزوير فكل شىء مضمون وسهل ، فيمكن ان تباع مصر كلها فى غمضة عين بمباركة مجلس الشعب وموافقته . والى حضاراتكم القصة الكاملة كما حدثت منذ 31 عاما : * * * الحكاية : • 26/3/1979 تم توقيع اتفاقية الصلح بين مصر وإسرائيل في واشنطن • 4/4/1979 وافق مجلس الوزراء بالإجماع في جلسة واحدة على الاتفاق . • 5/4/1979 أحيلت الاتفاقية الى لجان العلاقات الخارجية والشئون العربية والأمن القومي والتعبئة القومية بمجلس الشعب لإعداد تقريرعنها • فى 7/4/1979 اجتمعت اللجنة ودرست و اطلعت على 31 وثيقة تتضمن مئات الأوراق والمستندات والخرائط ، وفيها ما ينص على نزع سلاح ثلثى سيناء . • 8/4/1979 أصدرت اللجنة تقريرها بالموافقة على الاتفاق . • 9/4/1979 إنعقد مجلس الشعب برئاسة سيد مرعى لمناقشة الاتفاقية وتقرير اللجنة و قرر إعطاء 10 دقائق فقط لكل متحدث من الأعضاء . • 10/4/1979 أغلق باب المناقشة بعد إعطاء الكلمة ل 30عضو فقط • 10/4/1979 وفى نفس الجلسة اخذ التصويت على الاتفاقية وكانت نتيجته : o 329 عضو موافق o 15 عضو معترض o واحد امتنع o 13 تغيبوا • 11/4/1979 أصدر الرئيس السادات قرارا بحل مجلس الشعب ، وبإجراء استفتاء على الاتفاقية وعلى حل المجلس وعلى عشرة موضوعات مختلفة خبطة واحدة . • 19/4/1979 تم استفتاء الشعب على المعاهدة بدون أن تنشر وثائقها ، وبدون أن يتعرف على خباياها . • 20/4/1979 أعلنت وزارة الداخلية ان نتيجة الاستفتاء كانت كما يلى : o وافق الشعب على المعاهدة التى لم يقرأها ولم يتعرف على بنودها . o ووافق فى نفس الوقت على حل مجلس الشعب الذي كان قد وافق هو الآخر على ذات المعاهدة . o وجاءت نسبة الموافقة 99,5 % • و منذ تلك اللحظة ، أصبحت مصر ملتزمة رسميا بالمعاهدة . * * * مر على هذه الأحداث ، أكثر من ثلاثين عاما ناضلت خلالها ، ولا تزال ، كل قوى مصر الوطنية ضد هذه المعاهدة وضد قيودها وآثارها ، وطالبت بإلغاءها او بتجميدها او بتعديلها . وبذلت فى سبيل ذلك جهودا هائلة ، ودفعت أثمانا فادحة . ولكن بلا طائل ، فالمعاهدة باقية و مُفَعَّلة على قدم وساق . وبالطبع لم يعد أحد يتذكر الآن تزوير انتخابات 1976 ولا استفتاء 1979 وبطلان كل منهما . ولم يعد أحد يطرح بطلان المعاهدة لفساد الإجراءات وتزويرها . فالأمر الواقع الحالي إنها معاهدة صحيحة ومشروعة ، ومصدق عليها من مجلس الشعب . * * * وتكررت هذه المأساة ألف مرة ومرة * * * ان التزوير جريمة أمن قومي [email protected]