رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الاتفاق النووي الإيراني تسبب في ما وصفته الصحيفة بالعراك وراء الكواليس بين الولاياتالمتحدة من جهة وإسرائيل والسعودية من جهة أخرى ؛ حيث اعتبرت الصحيفة الأخيرتين هما البلدان الأكثر تضررا من وراء ذلك الاتفاق بين الغرب وإيران . وذكرت الصحيفة – في مقال أوردته عبر موقعها الإلكتروني اليوم /الأحد/ - أن النفور السعودي الإسرائيلي من الاتفاق النووي الإيراني بالإضافة إلى توافقهم "بحكم الواقع" ضد الاتفاق قد يظهر الجوانب الخفية وراء هذه المفاوضات ، مضيفة أنه في حال أصبحت إسرائيل الحامي والمدافع عن الدولة السنية ، على حد تعبير الصحيفة ، فإن هذا قد يؤتي بفائدة دائمة لأمن إسرائيل ، بل وقد يمهد الطريق لإحراز تقدم في القضية الفلسطينية بدون الوساطة الأمريكية المعتادة. ورجحت الصحيفة أن المفاوضين لم يكونوا على دراية بتداعيات الاتفاق الذي أبرموه مع إيران ، لافتين إلى أنه مثلما يوجد ضباب إبان الحروب فإن هناك ضباب أيضا إزاء اتفاقيات السلام ، مضيفة أن أحد المشاكل التي تحاصر اتفاق جنيف هو تقييد برنامج إيران النووي ، مشيرة إلى أنه يوجد خلاف حاد بين المراقبين حول المخاطر والفوائد المحتملة من هذه الانفراجة بين إيران والغرب بعد 34 عاما من العداء . وأشارت الصحيفة إلى أن هناك ملاحظة تاريخية تحذيرية تتمثل في اتفاقية "سايكس بيكو" المشهورة في عام 1916 ، والتي قسمت الشرق الأوسط إلى حدود مصطنعة ، لا تزال تتسبب في الأزمات في منطقة الشرق الأوسط إلى هذا اليوم . ولفتت الصحيفة إلى أن أحد الأسباب التي أدت إلى إبرام معاهدة كامب ديفيد بين الرئيس المصري الأسبق أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين هو الخوف المتبادل بينهما من أن تحاول الولاياتالمتحدة فرض اتفاق سلام شامل على البلدين. وذكرت واشنطن بوست أن انفتاح الولاياتالمتحدة تجاه إيران قد يترك أيضا أثره على ما وصفته بالصراع بين السنة والشيعة في المنطقة الذي يتسبب في حرب دامية بالشرق الأوسط بين ما أسمته الصحيفة بالقوى السنية والأخرى الشيعية بالوكالة في المنطقة ، كما في سوريا والعراق والبحرين ولبنان . وحذرت الصحيفة من أنه في حالة فشل الولاياتالمتحدة في إدارة ما اسمته بشراكتها مع إيران ، فإنها سوف تتسبب في انتشار الصراع الطائفي كالنار في الهشيم في المنطقة برمتها تجاه المتطرفين من الجهاديين السنة ومقاتلي حزب الله الذين يسيطرون بشكل متزايد على الصراع في سوريا وعدد من الأماكن الأخرى . وأكدت الصحيفة على أن أوباما محق بشأن الابتعاد عن الصراع السني الشيعي ، بينما نوهت إلى أن هذا القرار قد يجعل المنطقة أكثر خطورة جراء خطر غير مقصود من شأنه أن يؤدي إلى أن تستبدل الولاياتالمتحدة حلفائها السنة في الشرق الأوسط بشركائها الشيعة الجدد. وأوضحت الصحيفة أن ما تخشاه دول الخليج والإسرائيليين هو أن يصاحب إحياء الولاياتالمتحدة علاقاتها مع إيران إنهاء الولاياتالمتحدة لعلاقاتها مع المنطقة، وهو الأمر الذي جعل الرئيس الأمريكي باراك أوباما يتحدث بشكل متواصل حول إنهاء الحروب في الشرق الأوسط، مضيفة أن غموض أوباما بشأن استخدام القوة العسكرية في سوريا يثير مخاوف تلك الدول؛ حيث رأوا أن هذا الموقف يعد تمهيدا للتراجع الأمريكي في المنطقة . ودعت الصحيفة أوباما إلى توضيح أطر الاتفاق مع إيران وضرورة التأكيد على أنها تعد بديل للإطار الأمني الإقليمي التي ستظل الولاياتالمتحدة الضامن الوحيد له . واختتمت "واشنطن بوست" مقالها بأن أي اتفاق مع إيران يعد أكبر نجاح لأوباما، بينما أوضحت أنه يجب على الجميع أن يفكر في المخاطر المحتملة، حتى في ظل تذوق آفاق هذا الانتصار الدبلوماسي.