إن المحارب و السياسي المحنك لا يُلجيء خصمه إلى خيار واحد بحيث يصبح ليس لديه ما يخسره فلا يكون أمامه حينئذ إلا الثبات و الصمود الذي يوشك أن يحير عدوه و لو كان يملك من قوة البطش و السلاح ما يملك ، و معلوم في مناهضة الثورات أن البقاء لأطولهم صمودا و أقواهم ثباتا. دعونا نتخيل حلولا لإخراج مصر من أزمتها الحالية ، لنحلم فما من شيء إلا و بدأ بحلم ، فلولا حلم عباس بن فرناس ما استمتعنا بركوب طائرة ، و لولا المرات العديدة التي فشل فيها أديسون ما أضأنا دنيانا بتلك الاضاءات الباهرة. تتمثل خطة الرشد فيما يلي تشكيل لجنة من الحكماء و لنقترح أسماء من نراهم من الحكماء و العقلاء كالعوا و محمد عمارة و البشري و فهمي هويدي و بشير عبد الفتاح و معتز عبد الفتاح و ممثل عن كل من الأزهر و الكنيسة غير محسوبين على السلطة الحالية و بعض عقلاء العلمانيين لا الغلاة منهم كالدكتور البرادعي و عمرو حمزاوي ، تكون مهمتهم التوسط في التحاور المتبادل بين الدكتور مرسي و المجلس العسكري للاتفاق على نقاط المخرج من الأزمة و يكون الاتفاق و من ثم تنفيذه كحزمة واحدة و يتمثل ذلك في 1. اقناع الدكتور مرسي بإعلانه التنحي و بالطبع الافراج عنه و تحصينه ، فالكل يعلم أنه رجلا وطنيا صالحا و لعل الله أراد به خيرا من حيث نحسبه شرا ، و يكون ذلك متزامنا و في مقابل النقاط التالية: 2. الافراج عن جميع المعتقلين السياسيين من الاخوان و غيرهم كخطوة أولى من بوادر حسن النية. 3. اسقاط جميع التهم عن المتهمين السياسيين ، فالجميع يعلم أنها تهم كيدية سياسية استخدم فيها القضاء للأسف كأسوأ ما يمكن. 4. الاتفاق من قبل لجنة الحكماء و المجلس العسكري على تعيين رئيسا مؤقتا و حكومة مؤقتة لتسيير الأعمال لحين انتخاب مجلس النواب و الرئيس المؤقت لحين انتخاب رئيسا للجمهورية 5. الخروج الآمن- في الدنيا- لقادة الانقلاب على الشرعية على أن لايكون لهم دور سياسي في أي مرحلة قادمة ، و يكفيهم ما ارتكبوه من مجازر في حق فئة من الشعب المصري و مآلهم إلى الله الذي لا يظلم الناس مثقال ذرة. 6. تحمل الدولة للديات الشرعية للضحايا المنصوص عليها في الكتاب و السنة و صرف معاشات مناسبة لأهالي و أبناء الضحايا. 7. العمل المؤقت بدستور 1971 بتعديلات المستشار البشري الست التي لم يختلف عليها أحد فيما نعلم إلا من شذ. 8. إجراء انتخابات نيابية في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ الاتفاق. 9. تشكيل لجنة منتخبة بواسطة الأعضاء المنتخبين من مجلس النواب من خمسين أو مائة عضو بحيث تكون تلك اللجنة من غير أعضاء المجلس النيابي ، و ذلك لاجراء التعديلات الدستورية المناسبة على الدستور المستفتى عليه في ديسمبر 2012 و التي يتم الاتفاق عليها بين أعضاء اللجنة المشكلة ، و تكون مدة هذا العمل شهرين من تاريخ تشكيل تلك اللجنة ثم عرضه للاستفتاء العام في غضون شهر من تاريخ اقراره من اللجنة. 10. إجراء انتخابات رئاسية وفق الدستور الجديد في غضون شهرين أو ثلاثة من تاريخ إقرار الدستور إن تم اقراره. 11. تشكيل حكومة كفاءات لا تنتمي لأي حزب من الأحزاب القائمة. 12. و أهم نقطة ترشيد الاعلام و اسكات الآصوات المهيجة الغير مسئولة و هم معروفون بالاسم. 13. إجراء المصالحة الوطنية العامة بالالتقاء و التحاور و الترفع عن لغة التخوين و العمالة و السب و الشتم و الاقصاء ، على أن تبدأ إعلاميا عن طريق عقلاء الاعلاميين المحترمين من أول يوم للاتفاق. أحسب أن مثل هذا الحل المتصور له أعداء من جميع الأطراف ، فالسلطة الحاكمة ترى نفسها في موقف القوة و السيطرة على الخصوم ، و جبهة تأييد الشرعية تتذكر الدماء المسفوكة ظلما و عدونا فيزيد ذلك من سقف مطالبها احترما لدم الشهداء ، و العلمانيون و من نحى نحوهم كالناصريين و أدرابهم و أصحاب المصالح و الشهوات يخافون أشد الخوف من عودة البلد لأن تحكم بغيرهم من الاسلاميين أيا كان مسماهم خاصة و أنه ليس لهم ثقل بالشارع و لولا التدخل الخشن للجيش ما استطاعوا أن يفعلوا شيئا إلا المناكفة السياسي ، و هؤلاء للأسف يبدو أن لهم مشكلة مع الدين نفسه كما صرح بذلك غير واحد منهم في مقاطع فيديوهات منتشرة، و تتعارض مصالحهم و أهواؤهم مع استقرار مصر. و لكنا نستطيع القول ، إنه لو توفرت الإرادة السياسية و النية الصادقة و الترفع عن المصالح الشخصية و الفئوية ، و إيثار مصلحة مصر لانفرجت الأزمة و لاشك. فهل من مجيب ...اللهم اهد قومنا ، و ألهمنا رشدنا و قنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن.