في أي معركة سياسية أو حربية أو من أي نوع يكون لكل طرف من أطراف الواقعة خطط بديلة و سيناريوهات محتملة و يتم التنقل بين خطة و أخرى وفقا لجو المعركة و تطور فصولها على الأرض ، و قد تتغير خطة المناورة بالكلية تبعا للظروف و الأحوال المحيطة. و هذا ما حملته أحداث 30 يونيو و ما تلاها حتى 3 يوليو يوم عزل الرئيس مرسي ، فحينما كانت الهبة الشعبية الكبيرة في عصر يوم الثلاثين من يونيو للمناداة بانتخابات رئاسية مبكرة بعد التعبئة الاعلامية الرهيبة طوال عام كامل على كل المستويات الاعلامية و التي لاشك أنها هيأت التربة للقيام بتلك المظاهرات الكبيرة على مستوى الجمهورية ، و مع ذلك انفض ليل ذلك اليوم و لم يتحقق لمناهضي الدكتور مرسي و حكومته ما أرادوا من اسقاط الرجل و حزبه ، حتى بدأت نظرات و تعليقات اليأس تنتشر بين أتباع ذلك الفريق ، و تعليقات الانتصار و القوة من جهة فريق الاخوان ، و أذكر أني رددت على كبير لهم معلقا على إعلانه فشل مخطط 30 يونيو في منتصف ليل ذلك اليوم بقولي " لم ينته المشهد بعد". و كأني بمناد آنذاك يرفع صوته " انزل بالخطة البديلة " ، فقد كان الفريق المناوئ للرئيس مرسي يتمنى أن لو أطاحت الهبة الشعبية به ، فلما لم يكن ذلك نزلوا بالخطة الخشنة البديلة في ازاحة الرجل ، و بالطبع لم يكن لأحد في مصر قاطبة قادرا على إزاحة الاخوان ، لا الشرطة و لا القضاء في مناكفاته الواضحة للرجل و جماعته و حكومته ،و لا القوى السياسية الهشة التي تحمل بذور الخلاف أكثر من حملها بذور الوحدة ، إلا أن يكون ذلك الطرف هو القوات المسلحة بما تملك من عناصر القوة الباطشة و السلاح الذي لا شك لولاه لما حدث ما كان ، و ما كنا نتمنى لجيش بلادنا أن ينزلق في هذا المسلك الذي أضر بمصر على المستوى الداخلي و الخارجي و الذي لا يستطيعون إلى الآن رأب صدع ما سببه ذلك التداخل الخشن. ثم كان أن تشبث كلا الفريقين بالمعادلة الصفرية التي لا ندري إلى أين تصل بمصر المنكوبة بأهلها ، فالفريق الذي يحسب نفسه منتصرا لا يريد أن يتزعزع قدر أنملة عن موقفه و إرادته إذعان الاخوان و مناصروهم و رضوخهم لما يسمى بخارطة الطريق التي لم يطبق منها شيء إلى الآن بل تحمل في طياتها أسباب الفشل خاصة بعد كل تلك الدماء التي سالت ، و فريق الشرعية الدستورية المتمسك بعنصر قوته و هو الانتخابات الرئاسية و شرعية رئيس لم يكمل مدته حتى أنه لم يصدر إلى الآن بيان رسمي لأي جهة من السلطة الحاكمة يدل على عزل الرجل أو تخليه أو تنحيه. هذه المعادلات الصفرية التي يتمسك بها كل فريق أدت لشلل شبه كامل في مرافق الدولة و تسببت في تصدع بنيانها الاقتصادي و السياسي و أخطره الاجتماعي، و التي لا ندري إلى أن يصل الأمر بالبلد في ظل عدم إرادة أي فريق الرجوع خطوة إلى الوراء و إيجاد مخرج لهذه الأزمة التي تكاد تعصف بمصر و تضعها على مشارف الدولة الفاشلة التي تستأهل أن يتدخل أراذل العالم لتحديد مصيرها بما يوافق أهواءهم و مصالحهم و من أهمه الحفاظ على أمن اسرائيل. أين الخطط البديلة للفرقاء المتصارعين ؟! فالحاكمون الباطشون الجدد يظنون أنهم يستطيعون بناء دولة سوية بمنطق البطش و الاذعان ، و في البنادق و السجون متسع لمعترض. و مناهضوا الانقلاب يراهنون على سقوط الدولة و قيام هبة شعبية أخرى و امتداد ثوري نراه يتنامى فعلا نقمة على وقف الحال و انقلاب المآل إلى ما هو أسوأ مما قاموا عليه في ثورة 25 يناير. هل ترانا نصل إلى شيء في ظل عدم وجود خطط بديلة لدى الطرفين ؟! ، إلا أن يكون ذهاب الدولة و انفراط عقدها... فهل يجدون بعد ذلك دولة يحكمونها ؟!. مازلنا نناشد الفريق الذي يظن نفسه منتصرا أن يكف عن البغي و العدوان و الظلم و يترفع عن أمور تجعله في نظر شعبه و العالم صغيرا كإشارة رابعة و اعتقال الفتيات و الانتقام و التشفي ، و أن يعمل - و السلطة بيده - على إيجاد مخرج لما نحن فيه و ما أيسره إن أراد و تنازل عن كبرياء بعض قادته ، فليس من المعقول أن يرتهن مصير مصر بفلان أو علان مهما علا شأنه و قدره ، و ليعلم هؤلاء الموهومون بالنصر أن الله قد أسقط قبلهم من القرون من هم أشد منهم بطشا و أكثر قوة. وما زلنا أيضا نناشد فريق الشرعية أن يبحثوا عن مخرج هم أيضا و أن يكون لهم خطة بديلة و لو بشيء من التنازل المؤلم من أجل أن تخرج مصر من كبوتها. و ننادي عقلاء مصر و حكماءها بأن يتدخلوا و يكونوا من أنفسهم لجنة حكماء تسعى بالخير بين الأطراف و إيجاد مخرج لتلك الأزمة العنيفة. و ليعلم الجميع بأن الله لا يصلح عمل المفسدين ، و أن التاريخ لن يرحمهم و أن الله من ورائهم محيط