أجلت محكمة جنايات الإسكندرية - الدائرة 14- في جلستها السبت، محاكمة المتهمين باستعمال القسوة والتعذيب بحق الشاب خالد سعيد الذي قتل في الإسكندرية في يونيو الماضي، وهما: رقيب الشرطة عوض سليمان وأمين الشرطة محمود صلاح وشهرته محمود الفلاح - إلى 23 أكتوبر المقبل لحين حضور جميع الشهود، بالإضافة إلى حضور الدكتور السباعي محمد السباعي كبير الأطباء الشرعيين، مع استمرار حبسهما. وفجرت هيئة الدفاع عن الشاب القتيل عدة مفاجئات هامة، منها الإفادة التي حصلت عليها بتصريح من المحكمة من المستشفى الجامعي الرئيسي بالإسكندرية بشأن دخوله للمستشفى يوم الحادث - 7 يونيو الماضي- سواء في حالة الإصابة، أو وهو جثة هامدة. وأفادت المستشفى بصورة رسمية بعدم دخوله إلى المستشفى في يوم الحادث لا مصابا ولا جثة، ويعد ذلك تكذيبًا لما أكده من قبل مسعف، وسائق سيارة الإسعاف التي نقلت الصحية من الموقع الذي اعتدى فيه عليه رجلا الشرطة فى منطقة سيدي جابر، حيث أكدا فى أقوالهما أمام النيابة أنه لفظ أنفاسه الأخيرة في طوارئ المستشفى الجامعي الرئيسي بالإسكندرية (المستشفى الميري). قالت هيئة الدفاع للمحكمة إن تلك الإفادة من المستشفى تؤكد أن سائق سيارة الإسعاف والمسعف حملا الشاب خالد سعيد جثة هامدة من موقع الحادث، وهو ما يتفق مع شهادة عدد من الشهود أمام النيابة حيث أكدوا أن الإسعاف حملت الشاب جثة هامدة تحت ضغط رجال الأمن الذين حضروا لموقع الحادث. كما كشف الدفاع عن مفاجأة ثانية بخصوص لفافة المخدر المحرزة "لفافة البانجو"، التي قال الطب الشرعي فى تقريره إنه عثر عليها أثناء تشريح الجثة فى حلق الشاب القتيل، حيث أوضح أن هيئة الدفاع والمحكمة والنيابة حتى الآن لم تطلع على تلك اللفافة. من جانبها، طلبت هيئة الدفاع عن رجلي الشرطة المتهمين بقتل خالد سعيد التصريح بالتحري عن وجود خلافات بين أسرة خالد سعيد والشاب الضحية نفسه وقت الحادث نتج عنها الإصابات التي قررها تقرير الطب الشرعي. كما طلبت من المحكمة عدم قيد وصف التهم استنادا إلى المادتين 280 و282 من قانون العقوبات، وهما المادتان المتعلقتان بجرائم القبض على الناس وحبسهم بدون وجه حق، وطالبت بإخلاء سبيل المتهمين بضمان مالي تحدده المحكمة أو بدون، وكذا حظر النشر فى القضية وهو ما رفضته المحكمة. وطلبت بشرى عصفور رئيس هيئة الدفاع عن المتهمين من المحكمة، بالكشف عن أسباب عدم دفن جثة خالد سعيد إلا بعد 31 ساعة من يوم خروجها من المشرحة. في المقابل، شككت هيئة الدفاع عن المجني عليه فى تقرير تشريح الجثة للمرة الثانية والتي تمت بعد 11 يوما من دفنها، حيث أشارت إلى الحد الأقصى لتشريح الجثة بعد الوفاة في فصل الصيف 5 أيام وفى فصل الشتاء 7 أيام، وبالتالي يكون تقرير الطب الشرعي لتشريح الجثة للمرة الثانية مجرد معاينة نظرية وليست تشريحا، على حد قولها. وكانت سلالم محكمة جنايات الإسكندرية والمنطقة المحيطة بها بمنطقة المنشية شهدت مظاهرتين الأولى من شباب القوى السياسية في الإسكندرية، في مواجهة مظاهرة موالية للمتهميْن ويعتقد أنهم من جنود الأمن المركزي، وأفراد الشرطة بزى مدني، حيث ارتدى معظمهم "تي شيرتات" كتب عليها: "الحق أحق من خالد سعيد". وحوصرت المظاهرة الأولى، التي ردد المشاركون فيها هتافات متضامنة مع "شهيد الطوارئ"، مثل "كل الشعب خالد سعيد" و"عارفين إيه هو الإنجاز.. باعوا لإسرائيل الغاز"، و "باعوا القدس علشان التوريث... بكرة يبيعوا السويس"، و"وحدة وطنية وحدة.. ضد الشرطة إللي بتدبحنا". في المقابل، حظيت المظاهرة المتضامنة مع رجلي الشرطة بحماية أمنية، حيث رددت أسرتا المتهمين وعدد كبير آخر غير معروف انتماءاتهم ولا يظهر على هيئتهم الاهتمام بالعمل السياسي، مرددين شعارات مثل "لماذا نحارب الشرطة.. كل الهدف إثارة الفوضى"، وهتافات بها سباب لأهل خالد سعيد تصفهم ب "الصهاينة والأمريكان" وتنعته ب "شهيد البانجو"، على حد قولهم. وشهدت أجواء محاكمة خالد سعيد عدد من المشادات والاحتكاكات بين المتظاهرين المدافعين عن حق خالد سعيد والذين يتكونون من شباب المعارضة بمختلف انتماءاتهم والمطالبين بمحاكمة عادلة لقاتليه. فعلى الرغم من التشديد الأمني وعمل كردون أمني مكثف حول أسوار المحكمة بالمنشية والمناطق المحيطة بها بحضور اللواء محمد إبراهيم مدير الأمن الإسكندرية والعميد ناصر العبد مدير إدارة البحث الجنائي، إلا أن خارج المحكمة تحول لساحة لاعتداءات من قوات الأمن المركزي والمتظاهرين المؤيدين للشرطة على المتظاهرين المتضامنين مع خالد سعيد، حيث قاموا بإلقاء أخشاب كبيرة على المتظاهرين وإصابة عدد منهم بجروح من ضمنهم إناث مثل الناشطة رنوة محمد وحالات إغماء أخرى. وفى قاعة المحكمة، تم توزيع بيان صحفي يعتقد أنه من جهة الأمن بعنوان "الملف الأسود لخالد سعيد، وقد حمل صورته أثناء التصوير الجنائي له فى السجن، وقال البيان إن القتيل سيء السير والسلوك بمكان إقامته، وله سجل جنائي بقسم شرطة سيدي جابر فى قضايا مخلة بالشرف والأمانة، منها هروبه من الخدمة العسكرية، وحيازة واتجار فى المخدرات، وتحرش جنسي، وسرقة، وحمل سلاح أبيض، بالإضافة إلى مخالطة الأشقياء، الخطرين، والمدمنين، ومشهور عنه إدمانه للمخدرات "بانجو وحشيش، وأقراص مخدرة". وأشار البيان أيضا إلى سوابق حبسه أكثر من مرة فى قضايا مخدرات وغيرها، ومشهور بمحل إقامته باسم خالد أبو سنة، وخالد حشيش ، وخالد برشامة، وحصل على شهادة الخدمة العسكرية بدرجة أخلاق "رديئة"، واعتنق شقيقه الديانة اليهودية مقابل حصوله على الجنسية الأمريكية. وندد بيان آخر تم توزيعه فى المحكمة بمواقف الدكتور محمد البرادعى ، وأيمن نور، وحافظ أبو سعدة ومجلس حقوق الإنسان، وهى المواقف التي تابعت القضية ونددت بمقتل خالد سعيد. وطالبهم بضرورة تركيز الاهتمام بمقتل مروة الشربينى، ومحمد سليم بلبنان، وأشرف مروان بلندن، ومقتل الشاب عاطف بأمريكا، واعتقال العالم النووي أسامة زغلول على يد أجهزة الأمن الأمريكية منذ عامين، بدلا من تركيز الاهتمام بمقتل الشاب خالد سعيد. يذكر أن الجلسة الأولى للمحاكمة بدأت فى 25 يوليو الماضي بسماع أقوال ضباط مباحث القسم ومناقشة الطبيب الشرعي صاحب التقرير الأول وأعضاء اللجنة الثلاثية التي تم تشكيلها لتشريح الجثة وكبير الأطباء الشرعيين ومناقشة شهود الإثبات.