أعْرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه إزاء الاشتباكات بين قوات الاحتلال الإسرائيلية واللبنانية، التي أدَّت إلى استشهاد جنديين لبنانيين وصحفي ومقتل ضابط إسرائيلي كبير وجرح ضابطين آخرين، وجدّد دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى ضبْط النفس. وحثَّ السفير الروسي لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين الذي تسلَّمَت بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن لهذا الشهر، إسرائيل ولبنان "على احترام الخط الأزرق والعمل على وقف الأعمال العدائية". وأضاف تشوركين بعد اجتماع تشاوري لمجلس الأمن أنه تمت دعوة جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والالتزام بتعهداتِهم بموجب القرار 1701. من جهته قال مارتن نيسيركي المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: إن الأخير قلق من هذا الحادث ويدعو كلا الطرفين إلى إظهار أقصى درجة من ضبط النفس. وشهدت أمس قرى العديسة وكفركيلا والطيبة على الحدود اللبنانية مع الكيان الإسرائيلي اشتباكات بين قوات لبنانية وأخرى إسرائيلية أسفرت عن استشهاد جنديين لبنانيين وصحفي وجرح أربعة جنود آخرين ومقتل ضابط إسرائيلي برتبة مقدّم وجرح اثنين آخرين. وفي السياق أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مشاورات مع كبار ضباط الجيش الإسرائيلي لتقييم الموقف، فيما حذَّر وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك الحكومة اللبنانية مما سماها مغبَّة مواصلة "استفزازات" الجيش اللبناني في الفترة الأخيرة تجاه القوَّات الإسرائيلية. في المقابل ندَّد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري بالانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وطالب القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان والأممالمتحدة والمجتمع الدولي بالوقوف أمام مسئولياتها والضغط على إسرائيل لوقْف عدوانها والكفّ عن انتهاكاتِها. كما عقد المجلس الأعلى للدفاع اللبناني مساء الثلاثاء جلسةً طارئة برئاسة الرئيس ميشال سليمان، ودعا إلى التصدي لأي عدوان على لبنان. وقال بيان صادر عن المجلس: إن الرئيس سليمان أعطى توجيهاتِه "للتصدِّي لكل عدوان على أرضنا وأهلنا وجيشنا بكل الوسائل المتوفِّرة مهما كانت التضحيات". وأضاف البيان أن المجلس بحث الأمور المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي، محملا العدو الإسرائيلي المسئوليات الناتجة عن عدوانه الذي أسفر عن وقوع شهداء وجرحى وأضرار في الممتلكات. عربيًّا، أكد الرئيس السوري بشار الأسد في اتصالٍ هاتفي مع نظيره اللبناني وقوف بلاده الكامل مع لبنان، ودان الأسد "العدوان الإسرائيلي السافِر" على الأراضي اللبنانية، وقال إنه يعكس قلق إسرائيل من "بوادر الاستقرار" بلبنان بعد القمة اللبنانية السعودية السورية. ودانت الحكومة الأردنية الخروقات الإسرائيلية للقرار 1701 وطالبت بضرورة احترامِه، ورفضت أي انتهاكٍ لسيادة لبنان. كما دعا الرئيس المصري حسني مبارك أمس الأطراف كافة إلى ضبْط النفس بعد الاشتباكات التي اندلعت بين الجيش اللبناني والقوات الإسرائيلية، وأكَّد في اتصال أجراه مع رئيس الوزراء اللبناني حرْص مصر على أمن وسيادة لبنان وسلامته الإقليمية. ودانت دول مجلس التعاون الخليجي الست العدوان الإسرائيلي الغاشم على الجيش اللبناني، وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن بن حمد العطية في بيانه: إن الأعمال الإسرائيلية ضد لبنان وشعبة الشقيق تتنافى مع ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي. من جهته دان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الاعتداء الإسرائيلي على الجيش اللبناني وعده خرقًا خطيرًا للقرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، ودعا المجلس للتدخل الفوري وتحمل مسئولياته، وشدَّد على حق لبنان في الدفاع عن نفسِه وتأييد الجامعة له. دوليًّا، أبدت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي "قلقًا عميقًا" إزاء أحداث الاشتباكات، ودعوا الحكومتين إلى أقصى درجات ضبْط النفس. ودعتْ بريطانيا كلا من لبنان وإسرائيل لضبط النفس ودانت العنف الذي اندلع بينهما، كما أعربتْ فرنسا عن قلقها إزاء تبادل إطلاق النار على الحدود بين لبنان وإسرائيل. وطالب وزير الدفاع الإيطالي إجناسيو لاروسا طرفي النزاع بالعمل من أجل خلْق الظروف لاستقرار وسلام دائم في المنطقة، وقال إنه ليست لدى بلاده أي نيَّة بالانسحاب من قوة حفظ السلام الدولية (يونيفيل)، لكن على الكل أن يعلم أن "وجودنا هناك ليس إلى أجل غير مسمَّى". فيما دانتْ إيران بشدة التوغل الإسرائيلي في مناطق جنوب لبنان، وقالت: إن "الهجوم الهستيري" الذي شنَّتْه إسرائيل أثار مخاوف قائمة من "مغامرة جديدة" تقوم بها إسرائيل ضدّ لبنان.