أخيراً تم العثور علي السيدة " كامليا شحاتة زاخر" زوجة القس " تادرس سمعان " راعي كنيسة مارجرجس بمدينة " ديرمواس"، وقامت وزارة الداخلية بتسليمها الي كاتدرائية الاقباط الارثوذكس بالعباسية، ومنها الي " بيت الزوجية"، او الي احد الأديرة لتلقي مصير " وفاء قسطنين" زوجة كاهن " ابو المطامير". اختفاء " كاميليا شحاتة" كاد يفجر فتنة طائفية، فقد خرجت من دارها مساء الاحد قبل الماضي (18 يوليو)، وعلي الفور اقام زوجها الكاهن " تادرس سمعان" الدنيا واقعدها، واعلن ان زوجته مخطوفة، وعلي أثر هذا هتف القوم: " يا داهية دقي"، وخرجت الجماهير من " ديرمواس" وضواحيها، الي المقر البابوي بالقاهرة، وهناك قام المسيحيون بالتظاهر ضد النظام المصري، فالسيدة كامليا جري " اختطافها" من قبل احد المسلمين، وذكر الزوج الكاهن، انها تلقت علي هاتفها المحمول اتصالا من احد زملائها، قبل اختفائها.. ذكره بالاسم، مما يعني انه وراء عملية اختفائها. ولم تكن هذه هي المظاهرة الوحيدة للقوم، بل كانت هناك مظاهرة اخري في كنيسة الزوج الكاهن ب " دير مواس" بمحافظة المنيا، ولان البابا شنودة كان قد سافر الي الولاياتالمتحدةالامريكية للعلاج، فقد نُشر انه كان علي اتصال دائم للاطمئنان علي الموقف. وهو الذي ابتدع فكرة تظاهر اتباعه، في كل قضية، و جرب هذا السلوك من قبل، ووجد دولة رخوة، لا تمانع في أن تأتي له بلبن العصفور، وان تتخلي عن دورها، وتتعامل مع قداسته باعتباره رئيس واحدة من دول الجوار، و" والنبي أوصي علي سابع جار". البابا شنودة " ابن نكتة" وقد سألني عندما التقيت به: أتري لماذا أوصي النبي علي سابع جار؟.. منكم نستفيد.. فقال لان الجار السادس كان نصاريا!. مؤخراً تظاهر المسيحيون احتجاجا علي حكم المحكمة الادارية العليا الذي ألزم البابا بالموافقة علي الزواج الثاني لاحد اتباعه، فتحسس قوة الدولة، فوجد ضعفا أغراه بالاستمرار، إلي ان تحقق المراد، فصدر حكم سريع "ودليل علي العادلة الناجزة" من المحكمة الدستورية العليا بوقف الحكم الذي اغضب البابا، وقبل ذلك صدر قرار وزير العدل بتشكيل لجنة لاعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية الموحد، وتم ترضثة بابا الاقباط الارثوذكس علي حساب المذاهب الاخري. مصطلح " الاختطاف" ابتدعه اقباط المهجر للتدليل علي ما يحدث لبناتهم علي أيدي المسلمين المتوحشين في مصر، فبناتهم القاصرات يتم اختطافهن، بهدف اجبارهن علي الدخول في الاسلام والزواج من مسلمين، وذلك بتفسير حالات إسلام بعض الفتيات، لكن زوجة كاهن " دير مواس" ليست قاصراً، وكذلك "وفاء قسطنطين"، فالأولي عمرها 25 عاما، والثانية تكبرها ببضع سنوات، ومع هذا هتف القوم ووصفوا ما جري بأنه اختطاف، وتحركت كل أجهزة الدولة، المعنية وغير المعنية، من اجل البحث والتنقيب عن السيدة " كاميليا شحاتة"، التي اكتشفوا أنها حصلت علي إجازة خمسة عشر يوما من عملها كمدرسة، الأمر الذي يعني ان اختفائها كان بمحض اراداتها، وهي عاقل رشيد، ولم يكن اختطافا كما قال المتظاهرون، في المنيا وفي القاهرة. القس " تادرس سمعان" أوحي في البداية بأن هروب زوجته تم لاعتناقها الإسلام، وهو ما أكد عليه الأنبا أغابيوس أسقف مطرانية " دير مواس" الذي أكد خبر إسلام زوجة الكاهن الهاربة، وقال انها تعرضت لعملية غسيل مخ، وان هناك من " لعب في دماغها". بعد حملة الغضب، قامت أجهزة الأمن بعملية البحث والتنقيب عن " زوجة أبونا"، وتم " شحنها" من محافظة المنيا بالصعيد، إلي القاهرة حيث المقر البابوي، ليتأكد المتظاهرون، أنها " كاميليا" بشحمها ولحمها، وهنا انطلقت الزغاريد لتهز أركان البطريركية، وليتقدم جموع القساوسة بالشكر الجزيل لوزير الداخلية ورئيس الدولة علي هذا الجهد.. جريدة " الأخبار" انفردت دون سائر الصحف الاخري بذكر ان حرم الكاهن كانت لدي صديقة لها في القاهرة، بعد خلاف دب بينها وبين زوجها، قامت علي أثره بترك " عش الزوجية"، الصحف الاخري ذكرت انه تم العثور عليها في منزل والدها. ومهما يكن الأمر، فقد تبين – بحسب المنشور منسوبا للأجهزة الأمنية – ان " كاميليا شحاتة" قد خرجت من دارها غاضبة أو " مغبونة"، حسب التعبير الدارج لأبناء المنيا، وهذا ضمن حقوق المرأة، التي تقرها التقاليد، فمن حقها ان تترك بيت الزوجية غاضبة، سواء كانت زوجة لقس، او زوجة لواحد من عامة الناس. وسواء وجدوا الزوجة في بيت أبيها في المنيا، أو بيت صديقتها في القاهرة، فان هذا ينفي راوية الزوج، الذي لم يمنعه كونه واحد من رجال الدين من ان يؤلف قصة هي في الواقع من نسيج خياله، فقد ذكر ان الأمور كانت بينه وبينها علي ما يرام، وأنها اتصلت هاتفيا بابنها الذي كان بصحبة الوالد القس، الذي كان قد انتقل ليعقد قران في بلدة مجاورة.. ربما كان يهدف هنا ليؤكد علي انه جري اختطافها وتغييبها عنوة، قبل ان يهتدي الي فكرة إسلامها، علي النحو الذي ذكره جناب الأسقف. لعلمكم، فان من الكبائر لدي الإخوة المسيحيين إعلان مسيحية يوجد في عائلتها احد رجال الدين ( قسا او راهبا) إسلامها، ولهذا ثاروا ثورة عارمة في الواقعة التي نحن بصددها، تماما كما ثاروا بشأن واقعة " وفاء قسطنطين" زوجة كاهن " أبو المطامير" بمحافظة البحيرة. إذا صح ما نشره موقع " المصريون" من ان " زوجة سيدنا"، لا تزال حتي الآن في المقر البابوي بالعباسية، فاننا نكون ولاشك امام حالة مشابهة لحالة " وفاء"، التي أعلنت إسلامها، وبعد مظاهرة عارمة من المسيحيين، تخلت الدولة عن دورها، وقامت بتسليمها للبابا شنودة، الذي تولي نقلها إلي احد الأديرة، وعندما قال الدكتور زغلول النجار ان لديه معلومات تقول أنها قتلت، قيل أنها ستظهر عبر احدي شاشات التلفاز، لنفي ما قال، لكن هذا لم يحدث. عملية التسليم التي جرت، لا يمكن أن تقوم بها دولة، لاسيما وان من تم تسليمها انسانة من لحم ودم، وهي مواطنة مصرية، وان من تسلمها، ليس هو رئيس دولة الأقباط المستقلة، وكونه الزعيم الروحي للمسيحيين الأرثوذكس، فان هذا لا يعطيه حق تسلم المذكورة، وإرسالها إلي أي جهة، ولو كانت ديرا، او كنيسة، او حتي منزل، لكن يبدو ان الدولة المصرية تآكلت علي يد أهل الحكم، وصارت تتخلي رغباً ورهباً عن دورها علي هذا النحو المهين. لتبرير ما جري، فقد تم الترويج لقول ان " وفاء" قد تراجعت، وعادت الي المسيحية من جديد، ولكن يبقي سؤال: هل تراجعها يعطي لأي جهة، أو فرد، الحق في ان يتحفظ عليها في أي مكان، وأن يخفيها عن الأعين، وكأنها من " المتعلقات الشخصية" لقداسة البابا شنودة. ليس لدي رغبة لمناقشة فرضية إسلام السيدة " كاميليا شحاتة زاخر"، الذي قد يكون السبب الحقيقي وراء اختفائها، علي النحو الذي ذكره زوجها، وقام الأسقف بالتأمين عليه، وقال ان هناك من " لعب في دماغها"، وقام بعملية غسيل مخ لها. وهي ان أسلمت، فهذا حق من حقوقها الدستورية، وهي ليست قاصراً ليتم فرض الوصاية عليها من زوج، أو كنيسة، أو بابا. لا بأس، سنصدق الرواية التي يتم الترويج لها لان، وهي انها تركت " عش الزوجية" بإرادتها، لان الزوج يسئ معاملته، وأنها ذهبت الي بيتها أبيها، او الي منزل صديقتها، ففي أي شرع يقوم جهاز الأمن بسحبها من هناك، وتسليمها للكنيسة، وإعلان انه تم العثور عليها، وكأنها احدي متعلقات الزوج الكاهن، او انها " شاة" شاردة، وعلي الشرطة ان تردها لأصحابها، بدون أن نستمع لرأيها؟ إنها إهانة لحقت بهذه السيدة، ومن عجب ان المنظمات التي تصدع رؤوسنا بالحديث الي حد الملل عن حقوق المرأة، لم يفتح الله عليها ببيان يدين هذه المعاملة، التي لا تليق بجارية، في زمن الجواري. منذ عدة شهور خرجت البنت وأمها إلي مجلس الدولة في إطار حملة تنديد بقرار رفض قضاة المجلس تعيين الإناث قاضيات، واعتبر البعض هذا القرار فيه انتقاص من حقوق المرأة، وكنا نعلم من يقف وراء هذا الحشد، لكن عندما اختفي المحرض لم نجد أحدا يدافع عن حق " كاميليا شحاتة" في ان تغضب، او نحتج علي سوء معاملتها، وأن تذهب الي بيت أبيها، أو الي أي مكان آخر. لم يهتز للناشطات في مجال حقوق الإنسان رمش، و " كاميليا" تعامل علي أنها جارية، فيتم سحبها من بيت أبيها في المنيا، او بيت صديقتها في القاهرة، وتسليمها للمتظاهرين ليقروا عينا، وتخرج بيانات التأييد للرئيس مبارك، ولوزير الداخلية علي هذه الجهود الجبارة، في البحث والتنقيب، وكأن البحث كان عن " حافظة نقود" للكاهن. أدهشني رئيس ما يسمي بمنظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان " نجيب جبرائيل" وهو يدعو الي رفع رواتب الكهنة، وذلك بعد ان ألهث بشكر الرئيس ووزير الداخلية وجهاز مباحث امن الدولة. وبرر سيادته هذا المطلب حتي لا يضطر الكاهن الي دفع زوجته للعمل، مشيرا الي ان عمل زوجة الكاهن خارج مسكنها هو السبب في كثير من المشكلات. وهو كلام لابد وان يثير شكوكا في رواية الخلافات الزوجية، لكننا لن نلتفت الي كل هذا، فالحاصل ان الرجل يرفض عمل المرأة هنا، مع انه حق من حقوق الإنسان، يستوي فيه زوجة الكاهن، مع زوجة الشيخ!. ان سؤالا يتبادر الي الذهن هنا، وهو موجه لرئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، وأين حقوق الإنسان، والسيدة حرم الكاهن، تسلم له، أو للكنيسة، علي أنها ضيعا او متاعا، او شيئا من متعلقا أبونا " تادرس". والسؤال الأهم الي متي يظل الأرثوذكس يمارسون الابتزاز وسياسة " العين الحمراء" في مواجهة الدولة، يغريهم علي ذلك رخاوتها؟ أقول الأرثوذكس، لان أتباع الكنائس الاخري لا يمكن ان يجرؤا علي فعل مثل هذا العمل. عموما لا جناح علي القوم ولا تثريب عليهم، فالعيب علي هذا الخضوع المغري لكل مبتز. [email protected]