نائب محافظ الجيزة يزور مطرانية الأقباط الأرثوذكس بطموه للتهنئة بعيد القيامة المجيد    شاهد| قوات الاحتلال تطلق النار على شخصين حاولا الخروج من ركام منزل مدمر في طولكرم    الإصابة تبعد لاعب بايرن ميونخ عن مباراة ريال مدريد في إياب الأبطال    بالصور.. محافظ الشرقية من مطرانية فاقوس: مصر منارة للإخاء والمحبة    محافظة الجيزة : دعم قطاع هضبة الأهرام بمنظومة طلمبات لتحسين ضخ المياه    25 مليون طن، زيادة إنتاج الخضراوات في مصر خلال 2023    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    الإجازات الرسمية في شهر مايو 2024.. وقائمة العطلات الرسمية لعام 2024    بالصور.. محافظ الوادي الجديد يزور كنيسة السيدة العذراء بالخارجة    إصابة 9 أشخاص خلال مشاجرة بالأسلحة النارية بمدينة إدفو    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    لأول مرة، باليه أوبرا القاهرة يعرض "الجمال النائم"    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن مشروع تبليط هرم منكاورع    وكيل صحة الشرقية يتفقد طب الأسرة بالروضة في الصالحية الجديدة    استشاري تغذية يقدم نصائح مهمة ل أكل الفسيخ والرنجة في شم النسيم (فيديو)    التعادل السلبي يحسم السوط الأول بين الخليج والطائي بالدوري السعودي    أمريكا والسفاح !    السفير الفلسطيني بتونس: دولتنا عنوان الحق والصمود في العالم    قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة عامل دليفري المطرية |تفاصيل    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين بالخطف والسرقة بالإكراه    غرق شاب في قرية سياحية بالساحل الشمالي    5 خطوات لاستخراج شهادة الميلاد إلكترونيا    "حريات الصحفيين" تثمّن تكريم "اليونسكو" للزملاء الفلسطينيين.. وتدين انحياز تصنيف "مراسلون بلا حدود" للكيان الصهيوني    شروط التقديم على شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. والأوراق المطلوبة    صالون الأوبرا الثقافي يحتفل بيوم حرية الصحافة بمشاركة النقيب    رمضان عبد المعز يطالب بفرض وثيقة التأمين على الطلاق لحماية الأسرة المصرية    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    رسميا .. مصر تشارك بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس 2024    بعد القضاء على البلهارسيا وفيروس سي.. مستشار الرئيس للصحة يزف بشرى للمصريين (فيديو)    دعاء تعطيل العنوسة للعزباء.. كلمات للخروج من المحن    إصابة 8 في انقلاب ميكروباص على صحراوي البحيرة    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    لاعب تونسي سابق: إمام عاشور نقطة قوة الأهلي.. وعلى الترجي استغلال بطء محمد هاني    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل وحل 154 منها بنسبة 99.76% بالقليوبية    تشييع جنازة الإذاعي أحمد أبو السعود من مسجد السيدة نفيسة| صور    «الصحة» تعلن أماكن تواجد القوافل الطبية بالكنائس خلال احتفالات عيد القيامة بالمحافظات    بعد رحيله عن دورتموند، الوجهة المقبلة ل ماركو رويس    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    توريد 398618 طن قمح للصوامع والشون بالشرقية    المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ" .. الليلة مع أسامة كمال في مساء dmc    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكائيات سقوط الخلافة ، ويوم مات كبيرنا..!! عبد الرحمن عبد الوهاب
نشر في المصريون يوم 22 - 07 - 2010

(1) دائما يرمز بيت العائلة للراحة النفسية والاستقرار الذهني ، يتفق على هذا التصور كل منا ، وهو تصور يرتبط بمشاعر غامضة من الطمأنينة والقوة ..فكل بلاطة وكل حجر لها معك من الذكريات الكثير ، هنا حبوّت و هنا درجت ، وتعلمت على الطبلية أبجديات الحياة , كان هنا أبيك الذي كان يحميك كبرعم صغير حتى تشب عن الطوق وتستوي رجلاً، وإخوانك الذين يكفلون الرعاية ، اجل بيت العائلة عادة يكون كالصدَفة التي تحميك ، والمحضن الذي يؤويك ..وأبيك الذي يدفعك في خطواتك الأولى إلى المسجد المجاور فيأخذك بيده إلى بيت الله لتتعلم الخضوع والانكسار للخالق الأعظم ، وتأخذ من البكاء في المحراب القوة والاستعانة بالله والوقود لمكابدة الحياة , لتتعلم السير والجرأة في مواجهة الحياة ، وتعلمك أمك أبجديات الرجولة والشمم قائلة لك :لا تهادن ظالما ..هنا تشكل العقل والذهن ابتداء، سواء من آية قرآنية معلقة في إطار على الجدار . او حتى مع لون دهان البيت أوحتى مع الأشكال البسيطة التي قد تنجم من تساقط الدهان الجيري فتنمو ذهنية وخيالات الإنسان .. كان البيت القديم به منور تجلس على الطبلية تستذكر الدروس تستشعر الأنس والدفء بجوار وابور الكاز.. وترمق عبر حديدات المنور كيف يتحرك القمر في السماء من بين السحب والغيوم.. لا شيء يحد أو يعيق الخيال..انه الانسجام أن تذاكر وهناك القمر ترقبه ما رفعت عينيك لأعلى ،والى جوار الكتاب والدفتر، لمبة الكاز نمرة 10، يلازمك في بيت العائلة تحديدا شعورا غامضا ،لم استشعره في أي مكان آخر ،
(2) اللهم إلا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ففي مسجد رسول الله تحس إحساس غامض من القوة ,انك مطمئن أو (مسنود) فإذا كنت مكسور الظهر من عاديات الأيام وحادثات الليالي .. ففي مسجد رسول الله ينشد الظهر ، وتحس انك تأوي إلى ركن شديد ، انه شعور بالقوة والارتياح أحيانا يعجز القلم عن التصوير ، ولكن عندما سألت أصدقائي المقربين عن هذا الشعور، ومنهم عادل عبد الحميد ، اقر بالفعل ..انه فعلا يستشعر ذلك في المسجد النبوي ، تحديدا ، أما عند الكعبة ، هناك تستشعر روعة الروحانيات العالية في هيبة وشموخ الكعبة وما تحمل من ذكريات لركب الأنبياء الكرام صلوات الله عليهم .. في المسجد النبوي ما أروع أن تجلس في الروضة ، أو حتى على الرصيف المجاور للمسجد النبوي ، كما لو كانت أرضك خاصة التي لا ينافسك فيها احد ، وارض أجدادك .. هنا رصيدك من المجد .. ولا يمكن ان تنتمي هذه الجدران وهذا الرصيد من الروحانيات والوجدانيات لأوقاف أي نظام كان .. إنها خاصتك أنت .. حيث انك كمسلم تنتمي إلى هذا النبي العظيم والكريم الذي يرقد في هذا المكان الشريف – صلى الله عليه وسلم . انه نفس الشعور لأحد السلف الذي كان لا يسير في المدينة المنورة الا حافي القدمين .. لأنه تراب مقدس ، سواء مشى عليه المصطفى يوما. أو دفن فيه المصطفى ، فاكسبه عبيرا وقدسية .
(3) اجل بيت العائلة هو ذاك هو الشعور الغامض المتوطن في جينات العربي الوراثية , منذ الفرزدق حينما تحدث عن بيتهم :
حينما قال :
بيت زرارة محتبي بفناءه ومجاشع وابو الفوارس نهشل
ولا يفوتنا في هذا السياق أن نذكر بيوت المجد المؤثل ، كمثل بيوت عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه سلم حيث قال:
لا ينزل المجد إلا في منازلنا كالنوم ليس له مأوى سوى المقل
فبيوت عبد المطلب وبني هاشم بيوت المجد بلا منازع بيوت ، بيوت نزل فيها جبريل عليه السلام دون بيوت العالمين.
بيوت انطلق منها الشعاع الأول و انبثق منها ضياء السماء الباهر فملأ كل آفاق الكون .
وبعد مجيء محمد صلى الله عليه وسلم تحولت يابسة الكون ..منذ الفتوحات الأولى والتي انطلق عليها الأذان بكلمة لا اله الا الله محمد رسول الله ..أن تحولت الأرض التي ارتفع عليها الأذان إلى وقف إسلامي .. وميراثا لأجدادنا من الفرسان . و ها قد حكم الإسلام الأرض.وكانت روعة الإسلام أن تحققت الخلافة الإسلامية لقرون .. كملاذ لعباد الله .. وترفع راية لا اله إلا الله محمد رسول الله .. تذود عنها وتضحي في سبيلها..وتدافع عن المستضعفين .. ويوما ما قاد المعتصم جيشا لجب لصرخة امرأة قالت وامعتصماه .. حملها جهاز الاستخبارات إليه في سويعات ..فما أشرفها مخابرات المعتصم .
(4)انتقل والدي إلى رحمة الله .. قد كنت غائبا عن الساحة فقد كنت في بلاد الاغتراب ، وشقيقي الأصغر في اغتراب هو الآخر . وأخي الأكبر يناديه من خارج الغرفة المتوفي بها ،بأن يرد عليه ، ويستحلفه أن يرد عليه ،اجبني يا والدي . فلا يجيب ..!!
كانت وفاة الوالد مؤلمة ، وبالرغم من بعد مروري الى الخمسين عام ، ما زالت افتقده كصغير يفتقد إلى من يحميه من عاديات الدهر و حادثة الليالي كما لو كنت احتاج في لزيارة للمسجد النبوي حتى ينشد الظهر في ازمنة االانكسار ..
. كان حالي بعد وفاة الوالد كما قال نزار : "كيف أواجه سيف الزمان وسيفي انكسر" انه نفس الشعور المتبادل من بين الآباء والاجداد والاحفاد ساعة الفراق على العموم . فمازالت أتذكر يوم ان غرق طفل من القرية المجاورة في الترعة . فنزل القوم يبحثون عن جثته ومن بينهم جده وكان شيخا مسنا ، وفجأه عثر عليه جده المسن .. فحمله الشيخ المسن عاريا .. وانكب عليه يبكيه بكاء مرا.. بكاء تنتفض معه جسده وتنهمر دموعه .. بالرغم ان المسافة العمرية بين الجد والحفيد متناهية في القصر .. ولم تكن رفقة الصغير مع الجد إلا القليل من الأعوام .. ولكنها الرحمة والعاطفة التي يقذفها الله في قلب الأجداد للأحفاد . أو الآباء للأبناء .. ولكن اعتقد أن العكس ليس صحيح في هذه الفترة من الزمان .يوما ما قد حلل لي الوالد تلك النقطة ان ادم كان اب وليس ابنا ..
مات والدي .. أي كبيرنا مات ،، وعندما يموت كبير العائلة ، ترى العجب العجاب ,, أحيانا لا يهتم الإنسان بصغائر الأمور او الحطام الزائل مهما إن كان . عفاء على الدنيا كلها بعد رحيل أبي , فليس هناك من بعده ما يستحق البكاء عليه .. الا انه في أعقاب الدفن ظهرت مؤشرات لانتهازيات القوم فكانت على المحك لتظهر لك منهجية التفكير و كيف يفكر القوم وتعلقهم بالحطام وليس تعلقهم بالأصول التي بها إن غابت تغيب الكثير من الأشياء ليقول لي اخي الاكبر لاول مرة أحس إنني عريان فقط بعد وفاة ابي هذا بالرغم انه مليونير.. إذن القضية ليست معايير مادية فهي متوفرة .. إلا أن هناك أشياء أهم بكثير .. ما اسوأ الاحساس باليتم وانت مثلا في سن الخمسين .. بالفعل لم تكن وفاته هلكة رجل واحد ولكن بنيان قوم تهدما .. انه احساس الابن تجاه الاب ودائما لا تختلف تصوراتك تجاه ابنك سواء اصغر ام كبر .. انه الابن المحتاج للرعاية .. منك ، وعند الله سبحانه خير العزاء.. فهونعم الخليفة في الاهل ..الآخرين ولم يبكوا عليه حق البكاء .. فليست النائحة كالثكلى ، اللهم الا انها كانت دموع تماسيح ..أن انقض على بيت العائلة هجوم كاسح حيث جاء أولاد وغلمان الأقارب والاغراب ..هذا يعبث بمحتويات خزائن الكنب الاستانبولي العتيقة( نسبة اللفظ إلى الأستانة عاصمة الخلافة يوما ) التي بها الأوراق المهمة وأرشيف العائلة وصور الذكريات وصكوك ملكية..ويأخذ ما فيها.. وهذا يحمل تلفازا والآخر مروحة .. والأخر .. اباجورة . ويمضون بها إلى بيوتهم، وتحول البيت إلى قاعا صفصفا .. إنها حالة مأساوية كيوم سقوط بغداد . يحكي لي احد الاقارب ان هناك كتاب لي اسمه متخلف عن ركب موسى بن نصيرا وهذا الكتاب كنت قد الفته في الغربة وارسلت منه نسخة مهداة الى الوالد .. وهو عبارة عن احدى وعشرين رسالة الى الخليفة .. ..كان الكتاب طريحا ومجندلا في احد الاركان .. يبدو انه لم يلتفت له احد .. او انه غير ذو قيمة ..في زمن يعشق ذبح الفرسان .منذ 61 هجرية الى اليوم ..
أفاطم لو خلت الحسين مجندلا وقد مات عطشانا بشط فرات
اذن للطمت الخد عنده فاطم واجريت الدمع من وجنات
.كان بالبيت مكتبة كبيرة منها ما هو اثري وموروث ومنها ما قد اشتريته مع والدي من دار الوفاء بالمنصورة ومنه الكتب الثرية التي كنت قد اشتريتها من سور الازبكية وسور الازهر في الثمانينات .. ومنه ما كنت قد اشتريته من سيمون جوتزي و الانجلو ايجيبشان ..ايام الجامعة ..
، بعد عودتي من الغربة ، قالوا لي أن المكتبة ضاعت أو حرقت .. وصودف ان وجدت كتابا لي وقد كتب عليه اسم لشخص غريب. عرفت يومها أن دمنا قد تفرق بين القبائل .. وأتساءل منذ متى ضاع دمنا بين القبائل هل منذ سقوط الخلافة ؟ أم منذ أن مات أبي ؟ اذكر يوما كتبت رسالة إلى الخليفة .. قلت فيها " سيدي متى تعود ؟! سيدي يكفى ُكحّتك وسعالك في قصر الخلافة فترتج قوى الكفر منا ، ويعمل الكفر لنا ألف حساب ..!! فأصبح يتندر بها صديقي حلمي خشان مع محمد حيده ..في جلساته بالدار العالمية للكتاب الإسلامي .
(5)ولو سألوني .. ما هو الأثير لديك في كل تلك الصفقة مما انتهبه القوم .. لقلت لهم رؤية القمر عبرالمنور،و أريد المكتبة والطبلية ووابور الكاز وبعض أشيائي الخاصة مثل محاولات الترجمة الأولى لنشرات أخبار ، ربما يفتقد الإنسان إلى أشياء خاصة بسيطة كنت اهتم بها وأنا في مقتبل العمر ، ولكنها كبيرة بقيمتها المعنوية ..!! يعنيني مثلا .. ترجمة لبيكتال لمعاني القرآن ذات تجليد فخم .. ومجموعة كتب تعلم الألمانية من صوت ألمانيا .. ومجموعة المؤلفات الكاملة بالانجليزية لجبران ومنها قصة حياة جبران بقلم ميخائيل نعيمة حيث انني اجهزت عليه قراءة في ليلة واحدة. ولم اجده بالاسواق الى الان... وماكبث لشيكسبير.. يعنيني كتاب الإسلام وأوضاعنا السياسية لعبد القادر عوده وهو أول كتاب أهداه لي الوالد يوم أن كنت في الخامسة عشرة كان له الاثر في تحولاتي الفكرية.. ليس بقيمتها المادية تحدد الأشياء ولكن بقيمتها المعنوية وما تحمل من ذكريات . كان هناك كم من القواميس وكتب الأدب وبعض الدواوين الشعرية و الرواية والمسرح .. كل هذا ذهب إدراج الرياح ..
(6)عندما سقطت الخلافة كان الوضع مماثلا – كيوم أن مات كبير العائلة .. أصبحت بعدها ارض الوطن الكبير مصيبة فحواجز ومخافر وكلاب كما قال نزار.. وأصبحت الأرض ملكا مشاعا ومضاعا .. بلا صاحب لكل الانتهازيين من الاستعمار .. ربما كان أكثر الكتاب تصويرا لها . الأستاذ مؤمن عبد الرحمن في كتابه المسيرة الإسلامية بين المد والجذر .. يوم ان احست الشعوب كانها ايتام .. على مأدبة اللئام .. استغل اليهود الحال وجاءوا على ارض قالوا إنها أرضهم .. وبالرغم من النهب لارض ليس لهم ، ومن الغرابة انهم اظهروا حزنهم أن ليس بفلسطين بترول ..( صفاقة) ففي تصورهم كان السطو على الارض غير كاف اذ ينقصه البترول.
تقول جولدا مائير : دعني أقول لك شيئا أنا فيه ضد موسى – عليه السلام – انه أخذنا في الصحراء لأربعين عاما لكي يأتي بنا إلى المكان الوحيد في الشرق الأوسط الذي ليس به بترول ..
.. Let me tell you the one thing I have against Moses. He took us forty years into the desert in order to bring us to the one place in the Middle East that has no oil!
Golda Meir
ولكن ها هو البترول يصلهم في الحقيقة من عند الأكراد على انقاض العراق العظيم ، ناهيك عن الغاز الطبيعي المجاني..
(7) أصبحت الشعوب الإسلامية عشية سقوط الخلافة والى الآن . كيوم مات أبي والانقضاض على محتويات البيت ، وما زالت تبحث الشعوب والأدباء عن سيدي الخليفة كي يمسح على رؤوس اليتامي و يحنو على مسن يمشي بلا مأوى يحمل في يده كسرة خبز وفي يده الأخرى قنينة بلاستيكية متسخة ويصب الماء على الكسرة فتخطئها عيناه .. لأنه ضعيف البصر ، ناهيك أن كسرة الخبز لا تسمن ولا تغني من جوع ..تبحث الأمة عن سيدي الخليفة ليلملم أطفال المسلمين المتشردين من الشوارع و من تحت الجسور و يكفل المتسولين عند إشارات المرور فيمنحهم المأوى ووجبة دافئة وتحفيظا للقرآن اويصلي بهم جماعة ..
(4) ضاعت الخلافة وكانت هجمة الانتهازيين .. فهناك من يبحث عن بئر بترول أو منجم ذهب أو منجم حديد.. وتحولت ارض الخلافة العامرة إلى زرائب سايكس بيكو و الحقوق الأدبية لمصطلح "زرائب " للشاعر الكبير سميح قاسم .. خمسون عاما أتى اليهود كعصابات إجرامية وشنوا حروبا واحتلوا الأرض اعتبروها بلا صاحب .. بالرغم أن لدينا أسانيد من السماء في سورة الإسراء، وقاموا بمجازر لتفريغ المدن ليستوطنها اليهود .. كمجازر كفر قاسم ونحالين ودير ياسين وأسموها يومها حروب الاستقلال ولا مانع في الزمن الحالي أن يهنئهم بعض رؤساء العرب في عيد الاستقلال .
تقول جولدا مائير :
Peace will come when the Arabs will love their children more than
they hate us.Golda Meir
سيأتي السلام عندما يحب العرب أطفالهم أكثر من كراهيتنا ..
وقال بن غوريون : لن يكون هناك سلام في المنطقة ما دام الإسلام شاهرا سيفه ..
وما زالنا نراوح مكاننا ، ليجعلوننا نضن بأبنائنا عن التضحية ، ومازالوا يعملون لإجهاض أي نهوض روحي كيلا يشهر الإسلام سيفه ..
في غيبة الخلافة تحول قصر الخلافة العظمى في تركيا إلى متحف ، وأصبح لكل بقعة جغرافية علم ونشيد .. وثمة قطاع طرق في كل ترانزيت، ولا مانع أن يمسك كل شعب للأخر "شومة" ويقف متحسبا ومستنفرا لأخيه من خلف أسوار سايكس بيكو ..او ياتوا بالاغراب على ظهر الدبابات ليقيسوا حوائط منازلنا!! .. وألغام حدودية تنفجر بالريموت كونترول من قبل الغرب .. فتتحارب الشعوب وتسيل الدماء . على مترات مربعة . ولا مانع ان يتحارب العرب مع بعضهم البعض من اجل كرة القدم ، وصار الكل ينظر تحت مواطئ القدم وليس إلى راية الخلافة العظمى في الأفق البعيد ..كخلافة عظمى يتيه بها التاريخ ويضج لها الزمان .
(6)والغرب يفهمون ذلك فلقد قال لورنس براون " اذا اتحد العرب والمسلمون في إمبراطورية عربية أصبحوا لعنة على العالم وخطرا ، أما إذا بقيوا متفرقين فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير " اليوم طرح سايكس بيكو القائم على أنقاض الخلافة نجم عنه فئات من اللصوص والمجرمين سرقوا كنوز الأمة وأنفقوها في المقامرات وعلى الغواني الحسان .. لينتهي الأمر إلى تجزئة المجزأ وتفتيت المفتت .. كما حدث في العراق .أن صار للأكراد بترول كما أسلفنا ،ستصل أنابيبه إلى ميناء حيفا قريبا .. وكل من اراد ان ينهب فهو حلال له .. سواء امريكان او غير امريكان .. سواء اكان نهب مبطن ام نهب معلن ..وانتهى الأمر بأن تصهين القوم .. وهاهو السودان ايضا تم تقسيمه .. أصبح العالم العربي والإسلامي سوقا للحرامية واللصوص في ظل غياب الخلافة . ناهيك عن السطو المسلح الذي يقوم به الغرب في بعض الأحيان كما حدث ايضا في العراق مؤخرا. ومازال القوم يبحثون عن الخليفة ويبثون إليه رسائل بقهر السنين العجاف .عساه أن يعود ..
يوما ما كنت اركب السيارة الى جوار صديق لي.. فوجدنا مجموعة من الشباب المستهتر في ازمنة القرن الواحد والعشرين ..فقلت له .. هل يمكن لهذه النوعية من الشباب الناعم المترف ان تحرر فلسطين والمسجد الاقصى ..؟ او يصمد في ميدان قتال ضد الاعداء ؟ ! فقال لي ما يدور في ذهنك .. هو يخصك انت .. ولا احد يفكر فيه ..فاحتفظ بافكارك لنفسك .. لأن ليس هناك من يؤمن منها ..وليس هناك من هو مستعد لان يؤمن بها ..!!فهل احتفظ بالفعل بافكاري لنفسي ام اخطها في مقالات ؟ ما جدوى الكتابة والسهر .. والمعاناة . في زمن نحن فيه غرباء ..وان القوم ليس عندهم استعداد لتقبل مثل هذه الافكار..!!
اخبرتهم نصحي بمنعرج اللوى فلم يستبينوا النصح الا ضحى الغد
..سقى الله زمان الخلافة والفرسان يوم أن كان ينتفض كبيرنا غضبا يتهدم العالم وترتعد اوصال الكفر.. وتبا لأزمنة الانكسار التي انتهب فيها الغلمان أرشيف وصكوك الملكية من خزائن الكنب الاستانبولي . .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.