انتويت في العشر الأواخر من رمضان أن أتفرغ قليلًا لواجبات أنشغل عنها في الأوقات العادية, والسير في خضم الحياة, والأوضاع السياسية الملتهبة, حتي إنني أجلت كتابة المقالين الباقيين عن الجماعة المعصومة والمرسي المنتظر, لكن استفزني مقال مكتوب في المصريون للدكتور صلاح سلطان عن اعتصام رابعة لجماعة الإخوان بعنوان(بين اعتكاف المساجد ورباط رابعة), يستهله بأن الاعتكاف في المساجد سنة أما الرباط (الاعتصام) في رابعة فهو فرض على كل مسلم ومسلمة, مصري ومصرية من باب مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب حماية للشريعة الإسلامية شريعة وأخلاقًا وعبادة, ودفاعًا عن الضرورات الست الدين والنفس والعرض والنسل والعقل والمال.. إذن أيها المصريون.. غير المعتصمين في رابعة أنتم آثمون.. لأنكم تركتم فرضًا عليكم وواجبًا شرعيًا وهو الرباط في سبيل عودة مرسي أفشل رئيس مصري على مدار تاريخها, والذي لو استمر لأدى بالبلاد إلى كارثة محققة من الحرب الأهلية, والانفجار الاجتماعي نتيجة غيابه عن الواقع وسوء إدارة واختيار جماعته غير المسبوقة,.. هذا إذا لم تعتصموا,.. أما إذا كنتم من المعارضين لسياسات الإخوان واعتصمتم في ميدان من ميادين التمرد وأدركت أحدكم منيته في هذا الميدان, فتنطبق عليكم فتاوى وأحكام قادة الإخوان الذين استنبطوها من قول الصحابة لمشركي قريش في غزوة بدر (قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار) فأنتم في النار, لأنكم عارضتم الإخوان وساهمتم في إسقاط مرسي.. فنقلوا مناط حكم المشركين عليكم.. في تأويل وتلاعب بالأدلة.. وغسل لعقول شباب أغر متحمس لم يأخذ حظه من العلوم الشرعية أو معرفة بأصول الفقه, وكيفية استنباط الأحكام, وتحقيق وتنقيح مناطها, فيندفع دون علم أو روية كما يوهموه ليكون مشروع شهيد, ولم ينسوا المتاجرة بالأطفال بإلباسهم الأكفان في مظهر مستفز من أجل منصب كان في يدهم لكنهم لم يحافظوا عليه بالعدل, فسلبه الله منهم, ولا يريدون الاعتبار بل يصرون على الهروب للإمام ولا يريدون مواجهة الحقيقه المرة التي ذكرها الله للصحابه في غزوة أحد (قل هو من عند أنفسكم), ونسي الدكتور وهو يشير إلى سرقة الثورة, أن الإخوان أول من طعنوا الثوار وباعوهم في صفقات معروفة, ولم يحافظوا وقتها على الضرورات الست التي يستدعونها الآن, فقُتِل المصريون بدم بارد في محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو والعباسية, ولم يجهر الإخوان وقتها بحرمة الدم أو المحافظة على ضرورات الشريعة, وتعرت النساء أمام مجلس الوزراء, وفي كشوف العذرية ولم يستدع الإخوان قاعدة حفظ العرض بل قالوا (إيه اللي وداها هناك), وعُذِّب الشباب في معسكرات الأمن المركزي ولم يحافظ الإخوان على كرامة المصريين أثناء حكم مرسي رجل الشريعة, ومدد مرسي تراخيص الكباريهات والكازينوهات ل3 سنوات بدلًا من سنة ليرقص الناس ويمرحوا وهو ما يستنكره الدكتور صلاح الآن, ولم نسمعه يستنكر ذلك وهو رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية لأنها وقتها كانت ضرورة -بزعمهم- والضرورات تبيح المحظورات, وكل شيء له حل ومنفذ طالما تريده الجماعة, أما عن النصاري والعداء المصطنع الآن, لجذب البسطاء من المسلمين والشباب المتحمس فأذكّر سعادة الدكتور صلاح أن الشيخ حسن البنا كان عنده 3 نصاري في اللجنة السياسية لجماعته, ولم تنقطع زيارات الشيخ عمر التلمساني رحمه الله للبابا شنودة في حياته, وحضور الاحتفالات والأعياد المسيحية داخل الكاتدرائية, واستمر الأمر بعد وفاته, ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة هو الدكتور رفيق حبيب الذي استقال بإرادته. وترشح المسيحيون على قوائم الإخوان منهم على سبيل المثال لا الحصر جمال أسعد عبد الملاك, وأمين إسكندر, ومن الناصريين حمدين صباحي, ومن اليساريين كمال أبو عيطة, والبلتاجي يطلب من النصارى على منصة رابعة الانضمام إليهم, فلا داعي للمزايدة بهذا الجانب, أما مغالطة الدكتور في الأعداد فلها العجب فالذين كانوا عند رابعة 3 ملايين -بزعمهم- أما من كانوا في التحرير الذين شاهدتهم بأم عيني من إمتداد النادي الأهلي إلى كوبري قصر النيل بزحامه الشديد إلى التحرير كله وعبد المنعم رياض والمتحف وكل الشوارع الجانبية فكل هذا لا يتعدى ال250 ألفًا حسب رواية الإخوان, أو إنه فيلم وفوتو شوب.. ولله في خلقه شؤون! ومن ناحية الشرعية التي تتكلمون عنها أين كانت شرعيتكم وأنتم تؤيدون انقلاب العسكر على انتخابات الجزائر؟! وكان نحناحكم أكبر مؤيد للجيش وقتها الذي كان يقتل الساجدين المصلين! وأين كان جهادكم ورباطكم ضد الأمريكان في العراق وهو بلد إسلامي محتل وكنتم الوحيدون الذين لم تطلقوا طلقة ضدهم وكان حزبكم بزعامة محسن عبد الحميد يترك الناس تموت وهو يجهز للانتخابات؟ لأن مصلحة الجماعة وليس الدين تقتضي ألا تظهروا كإرهابيين بل مسالمين لتمدوا الجسور مع أمريكا وقد مددتموها حتى أوقعتكم في مستنقع الفشل والذي ستظلون تدفعون ثمنه طوال حياتكم نتيجة تخطيكم وتلاعبكم بالأحكام الشرعية وتطويعها للأهواء والتأويل, كما تفعلونها الآن من تشبيه الاشتباكات التي حدثت قبل ذلك أمام الاتحادية والمقطم بالغزوات في تشبيهات مضحكة مبكية, فالمقطم غزوة الأحزاب, والاتحادية بدر, ورابعة الآن رباط أفضل من الاعتكاف في الحرم, والشباب الذين تشحنونهم وتزجون بهم أمام المناطق العسكرية لكي يكونوا مشروع شهادة لعودة رئيس فاشل مغيب, لا أدري كيف يصدقون هذا الكلام؟! لكنني بعد أن قرأت هذا الكلام من رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية لم أعد أستبعد أن أرى شباب الإخوان يموتون من أجل أي شيء طالما أن مشايخهم على هذا الفهم.. وفي النهاية نقول (ليس لها من دون الله كاشفة) وأعود وأذكر أنني ضد أي إسالة لدم إنسان مصري مهما كان ومهما كانت الأسباب ويجب على الجميع تذكر أن من قتل نفسًا بغير نفسٍ أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا. دكتور /جمال المنشاوى عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.