واجه وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي اتهامات برلمانية لاذعة تضمنتها عدد من الاستجوابات البرلمانية خلال اجتماع مجلس الشعب أمس، وذلك على خلفية علاج زوجته بالولاياتالمتحدة على نفقة الدولة، فيما تشير التقديرات إلى أن نفقات العلاج تجاوزت المليوني جنيه، وهو ما أثار موجة غضب شديدة ضد الوزير الذي يمتلك أكبر مستشفى خاص بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. جاء ذلك وسط محاولات نواب الحزب "الوطني" الشوشرة على مقدمي الاستجوابات والحصول على التأشيرات بصورة استفزت الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس الذي صاح فيهم قائلا: "هذا منتهى الاستهتار بواجبات العضوية ولو كنت من الحزب "الوطني" ما كنت قد رشحت نائبا يسعده هذا السلوك، وسوف أحيل أي نائب يقف أمام الوزراء للحصول على تأشيرات إلى لجنة القيم للتحقيق معه". واعتبر محمد عبد العليم داود- وهو واحد من 12 نائبًا تقدموا باستجوابات بهذا الخصوص- الجبلي "إفرازًا لزواج السلطة والثروة في مصر" واتهمه بأنه "يدير وزارة الصحة باعتباره بزنس مان قادمًا من دار الفؤاد" المستشفى التي يملكها، وأنه ينتمي ل "مجموعة رجال الأعمال والاحتكارات التي تدمر الشعب المصري حالياً". وقال إن الجبلي "قام بتسخير سلطاته كوزير للصحة لدعم "البزنس الخاص به في مستشفي دار الفؤاد ولصالح المستشفيات الاستثمارية على حساب المستشفيات الحكومية التي انهار أداؤها بشدة في عهده علي عكس ما كان في عهد الوزيرين السابقين إسماعيل سلام وعوض تاج الدين". وأشار إلى "أن الجبلي لم يكتف بعمل عقود لصالح دار الفؤاد أثناء توليه الوزارة وإصدار القرارات لصالح المستشفيات الاستثمارية والخاصة وشركات الدواء الأجنبية لكنه دمر قيادات وزارة الصحة بعد أن جلب زملاءه وأحباءه في دار الفؤاد". واتهمه باستغلال حالة الفزع في مصر من انتشار إنفلونزا الخنازير لصالح رجال الأعمال العاملين بقطاع الصحة، وأضاف متوجهً له بالقول: "زميلك وزير المالية قال جبنا أمصال إنفلونزا الخنازير بأكثر من نصف مليار جنيه وزرعتم الرعب في قلب الشعب المصري، وقلت حنعمل قبور جماعية، ثم تبين أنه كانت هناك مبالغة متعمدة حتى يستفيد المحتكرون في قطاع الصحة زملاء الوزير". لم يكتف النائب عند هذا الحد من توجيه الاتهامات إلى الوزير، بل اتهم الجبلي بالمسئولية المباشرة عن تلويث ترعة الإسماعيلية، قائلا له: "هناك مصنع مملوك لأخيك تسبب في تسميم وتلويث ترعة الإسماعيلية وهذا مثبت في تقرير جهاز المحاسبات وهذا وضع تتحمله أنت كوزير". واتهم داود الجبلي بتصفية الوحدات الناجحة في وزارة الصحة، مثل هيئة المصل واللقاح لصالح الاستيراد من الخارج، وإسناد عملية توريد 500 سيارة إسعاف لأحد الموردين من أصدقائه بالأمر المباشر مقابل 202 مليون جنيه كما ذكر تقرير المحاسبات، وأنه قام بتجهيز مركز سوزان مبارك بالإسكندرية بمبلغ 10 مليون جنيه. وكان الدكتور سرور قد حذر النواب المتقدمين بالاستجوابات من التعرض لموضوع علاج الكبار على نفقة الدولة، وقال محذرا: "إنه إذا تعرض أي نائب إلى هذا الموضوع فسوف اضطر إلى إيقاف المناقشة فورا لأن هذا الموضوع سيكون محل مناقشة في استجوابات أخرى". ورغم التحذير تطرق عدد من النواب لتكاليف علاج الكبار على نفقة الدولة، وقال "عبد العليم داود" : "أتمنى علاج أبناء دائرتي يا وزير الصحة في الخارج وفي المستشفيات التي يعالج فيها الوزراء وزوجاتهم في أمريكا"، حيث تعالج زوجة وزير الصحة حاليا في الولاياتالمتحدة على نفقة الدولة. من ناحيته، قال النائب فريد إسماعيل إن الوزراء أصبحوا يحصلون على الملايين للعلاج والإقامة والضيافة بالخارج في تحد لمشاعر المرضى والفقراء، وكان أبرزهم وزير المالية الملياردير يوسف بطرس غالي الذي حصل على أكثر من مليون جنيه لعلاج عينه بالولاياتالمتحدة. وأشار إلى وقائع فساد عديدة في وزارة الصحة على رأسها ما ذكره من أنه تم إسناد عملية تجهيز مركز سوزان مبارك بالإسكندرية بقيمة 10.2 مليون جنيه إلى حد الموردين بالأمر المباشر دون مناقصة. من جهته، قال النائب بهاء الدين عطية، إن هناك خمسة أنواع من الفساد في وزارة الصحة هي السرقة والاختلاس وفساد التعاقدات ونظم الشراء وتقديم الخدمات العلاجية وعمليات تسجيل الدواء، ووصف انهيار المبنى القومي للأورام بالجريمة التي أضرت ب 200 ألف أسرة. أما النائب عزب مصطفى فاتهم وزير الصحة بأنه يعطي المتحدث الإعلامي باسم الوزارة 100 ألف جنيه شهريا ولمدير الشئون المالية والإدارية 50 ألف جنيه وقد قام بترقيته لمنصب مدير رغم أنه تعرض لجزاء في عام 2004. في حين اتهم النائب أكرم الشاعر وزير الصحة بأنه يدير الوزارة بصورة فردية لمصلحته الخاصة، بينما اعتبر النائب جمال زهران أن وزير الصحة انتهى عمره الافتراضي هو وحكومة نظيف وعليه أن يرحل بعد أن سخر الوزارة لمصالحه الشخصية. من جانبه، اكتفى الجبلي بيان مكتوب قام بتوزيعه على مندوبي الصحف لم يرد فيه على الوقائع الواردة في الاستجوابات، وقال إن ما تضمنته هذه الاستجوابات مجرد أقاويل مرسلة وعامة وفضفاضة وتستند لأحاديث صحفية.