دق تقرير لجنة الإنتاج الصناعي والطاقة بمجلس الشورى ناقوس الخطر حول الحركة المرورية على الطرق المصرية، وتفاقم مشكلة الاختناق المروري وما يشكله ذلك من خطورة بالغة تهدد التنمية في مصر وتدهور مستوي الأمان وزيادة فقد الأرواح والإصابات والعجز والتأثير الضار على الممتلكات الخاصة والعامة، وتعاظم مبالغ التأمين والتعويضات المطلوبة لمواجهة مثل هذه التداعيات الخطيرة. أرجع التقرير مشاكل المرور بالقاهرة الكبرى إلى غياب التخطيط العمراني الشامل في مصر، فضلا عن التكدس العمراني في حيز عمراني ضيق، وزيادة أعداد السيارات الخاصة، علاوة على تضارب وشيوع المسئولية نظرا لتعدد الهيئات والجهات الحكومية المسئولة عن منظومة المرور في القاهرة الكبرى. وحدد التقرير متوسط عدد القتلى على الطرق في مصر حسب آخر إحصائية بنحو سبعة آلاف قتيل سنويا، بخلاف أضعاف هذا الرقم من الجرحى في حوادث الطرق بينهم عدد كبير من السائحين، وتأتي حوادث المرور كثاني أهم أسباب الوفاة في مصر بعد أمراض القلب، فيما تؤدي حوادث الطرق إلى خسائر سنوية تبلغ 16 مليار جنيه، فيما قدر التقرير حجم التلفيات في السيارات بحوالي 18 ألف سيارة سنويا. وكشف التقرير ارتفاع عدد الحوادث من 23 ألف حادث عام 2007م مقابل 20 ألف حادث عام 2006م بزيادة 15% مع ارتفاع معد الوفاة بنحو 37% وارتفاع معدل الإصابات إلى 50% ومعدل الحوادث بنحو 25%. وقال التقرير الذي استند إلى دراسات مصرية إن على رأس أسباب المشكلة قصور شبكة الطرق المتاحة وتبديد جزء كبير من طاقاتها الاستيعابية وقدرتها على تصريف المرور نتيجة الإشغالات التي حولت جانبي الطرق إلي جراجات بالليل والنهار وقللت من سيولتها المرورية. إضافة إلى عدم الانضباط الذي يسود الشوارع واستخدام حلول جزئية لا تفيد كثيرا، والقصور في السياسات والقرارات غير السليمة التي جعلت من البنية الأساسية للعاصمة والعناصر الرئيسية للحركة في القاهرة منظومة فوضوية الطابع تغيب عنها الاستراتيجيات الواضحة، وسوء تنظيم الإمكانات وعجز التخطيط عن إدراك الأسباب الحقيقية للمشكلة. وأرجع التقرير تفاقم الأزمة إلى زيادة التسهيلات والقروض والاستثمارات التي يتم توجهيها لشراء السيارات الخاصة والتي ووصلت إلى 17 مليار جنيه في عام 2007م لتمويل شراء أكثر من 123 ألف سيارة خاصة مقارنه ب38 ألف أوتوبيس وباص. فضلا عن الآثار السلبية للقوانين الاشتراكية خاصة قانون العلاقة بين المالك والمستأجر بالمساكن القديمة التي جمدت القيمة الإيجارية وحرية التحرك الطبيعي خارج المدن، وزيادة الارتفاعات في المباني بحوالي ثلاثة أضعاف الارتفاعات التي كانت سائدة في الأحياء الجديدة، بينما ظلت شوارعها بنفس السعة الضيقة التي كانت تخدم القصور والفيلات مثل أحياء الزمالك وجاردن سيتي والمعادي. وأكد التقرير أنه طبقا للدراسات الدولية فقد صنفت الطرق المصرية ضمن الأقل كفاءة والأكثر خطورة وفوضوية فيما تتراوح تكلفة إنشاء الكيلومتر الواحد من الطرق ما بين 3 إلي 4 ملايين جنية وتحتاج العينات 7 مليارات جنية علي مدي 10 سنوات، في حين أن المتاح منها 200 مليون جنية سنويا من الاحتياجات فقط. وحول الحلول لمواجهة الأزمة المرورية، كشف الدكتور عبد العظيم وزير محافظ القاهرة في تقرير عن نقل 16 وزارة إلي المدينة الحكومية الجديدة علي طريق القاهرة / السويس والطريق الدائري علي مساحة 2700 فدان وأيضا تفريغ مجمع التحرير وتحويله إلي معارض للفنون التشكيلية وأنشطة ثقافية. وطالب التقرير بوضع خطة عاجلة وسريعة لإعادة الانضباط إلي منظومة المرور بالعاصمة، يأتي في مقدمتها حظر إنشاء إسكان إداري جديد للحكومة والقطاع العام داخل الحيز الصحراوي العمراني الحالي، ونقل الوزارات غير السيادية بكافة هيئاتها وأجهزتها، وكذلك المعسكرات وبعض الجامعات والكليات العسكرية إلي المدن والمجتمعات الجديدة مع التطبيق الحازم والفوري لتشغيل الجراجات بقوة القانون. كان اللواء شريف جمعة مساعد وزير الداخلية كشف أمام اللجنة أمس أن مجلس الوزراء يدرس إنشاء هيئة تضم وسائل النقل المختلفة سواء كان نقل عام أو سرفيس أو مترو أو التاكسيات وخلافة. وأضاف أثناء مناقشة طلبات مناقشة عن أزمة المرور في مصر أن رئيس مجلس الوزراء شكل لجنة لوضع معايير للأشراف علي وسائل نقل الركاب حتى يكون هناك تنسيق مبين هذه الوسائل. وأكد أن القاهرة ومناطق الجذب أدت إلى حدوث اختناقات مرورية لأنها لم تحظ بالدراسات المرورية قبل إنشائها، لذلك صدر قرار بعدم حصول أي مبنى علي رخصة إلا بعد عمل دراسة مرورية للمكان الذي سيقام فيه، وأشار إلى أن أسطول نقل الركاب في القاهرة لا يكفي كل المواطنين، لذلك إذا وجدت وسيلة مواصلات محترمة سيكون لها تأثير إيجابي على الحركة المرورية في العاصمة. وقال مساعد وزير الداخلية إن وسائل النقل الخاصة والسرفيس تنقل يوميا 6 مليون مواطن بالقاهرة كما تنقل هيئة النقل العام حولي 3 مليون مواطن ومترو الأنفاق 3 مليون مواطن، وأضاف أن حجم المركبات التي تدخل القاهرة وتخرج منها عن طريقة 16 منفذ ومدخل حوالي 14 مليون مركبه يوميا. وأوضح أن هناك عدم تناسب بين حجم السيارات وحجم المشكلة المرورية وبين الحلول التي وضعت في السابق لها، وأشار إلى أن وزارة الداخلية بدأت التفكير في فرض رسوم على دخول السيارات في مناطق معينة بوسط القاهرة على دخول السيارات في أوقات الذروة إلى هذه المناطق.