لا أتحدث عن كرة القدم ... وإن كانت في الحقيقة تستحق المقاطعة ، بل والشطب من حياتنا ، بعد الذي رأيناه جميعا من أشاوس الزمالك في مباراة الشرطة المآساوية ، حتي ولو تعرض الأبيض لظلم تحكيمي ، ما كان يجب أن ننحدر إلي مثل هذا الدرك الأسفل من الأخلاق .. أعود للموضوع الرئيسي ، وأعني هنا الحملة الخاصة بمقاطعة اللحوم ، والتي ستبدأ فعليا من الخميس القادم .. فهل ياتري سنشارك فيها أم سنتخذ من ( تكبير الدماغ ) منهج لنا كعادتنا في أغلب حملاتنا القومية ، التي تخرج في الآخر بلا هوية ، لنسقط كالجوال الذي بلا قدمين .. !! عن نفسي سأفعل ، لكن بكل صراحة لم أعد أثق فيمن حولي ، ولا أقصد هنا الأخوة المجاهدين من أمثالي وأمثالك الذين يحاربون ويقاطعون لأجل عودة الإحترام للسوق المصري .. بل عدم ثقتي يرتكن في الأساس علي صفات سيئة منبوذة مريضة تفشت في مجتمعنا بصورة لم يسبق لها مثيل ، من مثل تلك الصفات ، الجشع مثلا ، فلو قاطعت سيادتك اللحوم ، هل تضمن عدم إرتفاع أسعار الأسماك والدواجن ، البديل الرسمي للعجاني والبتلو ..؟؟ بكل تأكيد سترتفع أسعارها بصورة مبالغ فيها .... لا بما تفرضه إقتصاديات السوق المحترم ، بل بإقتصاديات اللصوص والحرامية ، خاصة أننا في الواقع بلا إقتصاد ، وبلا إحترام ، ومع ما جبلنا عليه من جشع ، بجانب خلو قلوبنا من الرحمة التي هي أساس عقيدتنا ، سيسارع تجار الأسماك بإستغلال حملة المقاطعة لصالحهم ، لا لصالح الشعب الغلبان ، وسيناضل كل منهم لتعبئة ( طاولات ) الأسماك بملايين الجنيهات من جيبي وجيبك ، ولن يختلف حال تجار ( الكاك كاك ) عن أقرانهم من تجار ال ( البساريا والشبار ) . إذن فلا بديل عن مقاطعة الدواجن والأسماك هي الأخري ، لو أردنا إنجاح الحملة ... لكن هل تضمن في تلك الحالة أن تستقر أسعار العدس والفول والطعمية ، البديل الطبيعي لما سيتم مقاطعته ..؟؟ عن نفسي أيضا ، وبما إكتسبته من خبرات في مجال علم النفس البشري المصري ، لا أستطيع أن أضمن معاملة تتسم بالرحمة من تجار تلك السلع ، لذا فلن تصيبني الدهشة لو علمت أن سعر كيلو العدس قد إرتفع ليصل إلي أربعين جنيه ، وأن قرص الطعمية الإسكندراني أبو سمسم ، قد تجاوز سعره الثلاث جنيهات ، أما طبق الفول فلن تستطيع أن تحصل عليه إلا عند تجار الحشيش والأقراص المخدرة .. إذن فلنقاطع أيضا الفول والطعمية ، وبلاها عدس أو كشري ، علينا بأكل العيش ( الحاف ) .. لأن هذا هو ما كتبه الله علينا بسبب تخاذلنا وهواننا وقلة حيلتنا وضعفنا ، وبعد أن نسينا الله فأنسانا أنفسنا . لن أضمن لسيادتك أيضا حتي العيش الحاف ، لأنك في تلك الحالة ستصرفه علي ( الروشته ) وربما ستأخذه ( حقن ) في العضل ، سيما أن تجار الدقيق ، واللصوص من أصحاب المخابز وتجار الأقوات ، لن يرحموك ، وسيصبح الرغيف أبو ( شلن ) .. ب ( شلن ) أيضا ، لكن من ذوات الكف الكبير .. إذن فلنفعل مثل ماري أنطوانيت ونأكل ال ( بيتي فور ) وال ( بسكويت ) .. فكرة رائعة ..... ولكن هناك فكرة أكثر منها روعة ، ثم أنها عملية للغاية .. علي بها يا صديقي العزيز أرجوك .. بلاها حملة ، وبلاها مقاطعة ، وبلاها مواقف حاسمة ، وخلينا مع الرايجة أحسن ، و نمشي جنب الحيط عشان نعرف نعيش .. يعني إيه ....؟؟؟ يعني كيلو اللحمة يبقي ب 70 جنيه أو حتي 100 جنيه ، مش مهم ، المهم إن عيالك بخير ، وصحتك زي البمب ، والحياة لونها بمبي ، وفي قول آخر بمبي مسخسخ ، وبعد إذنك كدا شوية .. هاتسيبني في ( المقاطعة ) دي لوحدي وتروح علي فين ....؟؟؟ ألحق الجزار ، علشان ( أقطع ) حته من بيت الكلاوي ...