لماذا هذا الهلع والخوف الذي قد يقودنا إلى متاهات تضاف إلى ما نحن فيه ونحن في غنى عنها؟ إنها حقيقة فعلاً، فإنه لا توجد آثار جانبية تذكر تؤثر على مصر جراء بناء السد الإثيوبي، لماذا تنظرون تحت أرجلكم فقط؟.. نعم سيمتلئ السد ب60 / 70 مليار متر مكعب بعد بنائه، ولكن ممكن أن يكون على دفعات ثم يعود ال flow (التدفق) الطبيعي كما كان سابقاً، لأن الفكرة من إقامة هذا السد هي توليد الكهرباء لإثيوبيا، أما مياه الزراعة، فإنها تأتيهم طبيعية وغزيرة على صورة أمطار، وذلك على معظم أراضي إثيوبيا، ولو زَرعت إثيوبيا أراضيها كلها من مياه السد، فإن ذلك سيأخذ منها مئات السنين حال استغنائها عن مياه المطر، (وهذا مثال خيالي)، وعندها سيكون لدى مصر قائمة من البدائل لهذا النقص (غير المخيف) كإقامة سدود في الأراضي المصرية للاستحواذ على هالك البحر الأبيض المتوسط أو تفريعات جانبية... إلخ. وسنقول حينها شكرًا إثيوبيا فقد أجبرتِنا على التطور وزراعة أراضٍ جديدة لم نفكر فيها سابقاً، كما أنه لن يكون هناك مجال لأخطاء توشكى ثانية، فلن يجرؤ حاكم منذ ثورة يناير أن يتلاعب بمصير الشعب المصري مرة ثانية. عند التعاون المشترك المنشود بين مصر وإثيوبيا، فإنه من الممكن لإثيوبيا أن تطيل الفترة الزمنية لامتلاء السد حتى لا يحدث نقص مفاجئ محتمل للمياه في حوضي مصر والسودان، وذلك بتحويل المسار ثانية أو تفريغ منسوب المياه إلى تحت منسوب فتحات التوربينات (المولدات).. الحلول لا نهاية لها عندما تكون العلاقات طيبة بين البلدين. ولكن هل نسينا أن تفريعة إثيوبيا ونيلها الأزرق ليست هي الوحيدة التي تمد نهر النيل باحتياجاته؟! إن مصدر المياه القادم من (النيل الأزرق - بحيرة تانا)، لتغذية نيل مصر لا يقارن بالقادم من (النيل الأبيض - فيكتوريا). قارئي العزيز أرجو أن تقارن بين بحيرتي تانا وفيكتوريا في الخريطة المختصة، وعندها ستزول مخاوفك وستتفرغ لحل مشاكل مصر الحالية. ملحوظة هامة: تعيش أستراليا على مياه الأمطار، ولكنها أقامت الكثير من السدود والتي لا تحتجز المطلوب منها من المياه دائماً، ولكن الله معها لا يتركها، وفي أوقات قلة الأمطار أو مخزون السدود تبدأ حملات المحافظة على المياه (ترشيد الاستهلاك)، ونرى صبية صغارًا يعاتبون آباءهم على عدم غلق الصنبور بإحكام، ونرى أيضاً تلاحمًا بين المزارعين والشعب الذي يهب لنجدتهم وتعويضهم مادياً ومعنوياً!! ألا تشتاقون أن تروا هذه الروح الجميلة وقد عادت لمصر؟! لعلها تعيد ما افتقدناه. لا تنزلقوا إلى أعمال غير قانونية مثلما انزلق عبد الناصر وأغلق خليج العقبة، فلذلك تحية للجيش الذي يطالب بالحلول الدبلوماسية ليس لعجزه عن القيام بواجباته، ولكن للقيام بواجباته في الطريق الصحيح فقط.