كنت شاهدا على ما حدث مما يسمى بالمثقفين أمام مقر مكتب وزير الثقافة دكتور علاء عبد العزيز, لم أصدق نفسي وأنا أرى تصرفات صبيانية يدعي أصحابها أنهم النخبة التي أوكلت لها السماء مهمة تشكيل وعي أهل الأرض! لم أكن أتصور أن هؤلاء هم من يدعون أنهم رموز مصر والمصريين, ألفاظهم منحطة، هتافاتهم مجموعة من الشتائم والبذاءات, أهدافهم لا معنى لها ولا قيمة سوى التكريس لاستمرار شلة الفساد المعروفة في نهب أموال الدولة باسم الثقافة, فهؤلاء نهبوا مال مصر باسم الجوائز والمهرجانات، وتمثيل مصر في المحافل المختلفة. لقد كان أكثر الموجودين ينتمون إلى حظيرة فاروق حسني التي تم شراؤها وشراء ضمائرها مقابل السكوت على جرائم الاستبداد والتوريث والنهب التي مارسها النظام, وكذلك من أجل تقديم فن هابط وأدب بذيء لا يعبر عن هوية مصر, ثم يقوم حشاشو اليسار وكهنة النظام بتلميعهم وتسليط الضوء عليهم باعتبار أنهم مبدعون! وفي ذات الوقت قامت هذه الحفنة عديمة الموهبة والأدب بإقصاء كل المواهب الحقيقية والجادة لكي ينفردوا وحدهم بالسيطرة على كل منافذ الإبداع, ومروجين لإشاعة باطلة مفادها أن المبدع لا يمكن أن يكون متدينا, وأن الإبداع مخاصم للدين, فكانت الصورة النمطية هي المبدع الحشاش والمبدع الانتهازي والمبدع ذي العلاقات النسائية المتعددة. وبمجرد أن جاء وزير من خارج الحظيرة والشلة, امتلأت الساحة بالضجيج والعواء والنباح, لكن الصدمة التي لم يكن يتوقعها أحد أن يقوم هؤلاء بمحاصرة مقر مكتب الوزير واقتحامه, ومنعه من الدخول في بلطجة (ثقافية) لم تحدث من قبل وبمباركة أمنية خائنة تكتفي بدور المشاهدة، وربما التشجيع غير المعلن. لقد اكتفى ضباط الداخلية بالصمت الأبله وهم الذين كانوا يهرولون لحماية مدينة الإنتاج الإعلامي من قبل أنصار الشيخ حازم, ما يؤكد ما قلناه من قبل في أكثر من مقالة عن تواطؤ الداخلية مع جماعات البلطجة والعنف ضد الرئيس المنتخب. وكالعادة صمت الإعلام المرتشي والأفاك والكاذب أمام ما يحدث، بل بارك تلك الممارسات بدعوى المحافظة على هوية مصر, وكأن تلك الهوية تعشش في عقول هؤلاء الصبية وحدهم. والعجيب أن بعض المثقفين الذين كنا نعتبرهم شرفاء وأصحاب قضية وطنية واضحة مارسوا فضيلة الصمت إزاء كل تلك التجاوزات، ما أكد أنهم أيضا من أصحاب المصالح والطمع في المناصب, لكنهم يتظاهرون بالزهد والعفة السياسية! لقد سقط الكثيرون في معركة وزير الثقافة, وبقى بعض الشرفاء الذين ندعوهم للوقوف بجانب الموضوعية والانضباط السياسي والثقافي ضد بلطجة المثقفين وتواطؤ الداخلية! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.