أتحدث عن قيادات الدستورية, خصوصًا بعد الفتوى(التشريعية) الأخيرة بالمشاركة الانتخابية للجيش والشرطة مما يمثل خروجًا عن البديهيات والمنطق المناسب لبلادنا, لا داعي للتفنيد القانوني الدستوري لهذه الفتوى, فكل نقاط التفنيد معلومة لقضاة الدستورية لكنهم يصادمون البديهيات الثورية المنطقية (في ظروفنا الخطيرة الحالية من الأزمة في سيناء إلى كارثة سد النهضة بإثيوبيا) ونحن ندلل على ذلك بالآتي: -من ناحية المبدأ الفتوى لا يوجد مثيل لها في منطقتنا, وأمامنا مشوار طويل لاستيعاب التحول الديمقراطي وصولًا لتصويت الجيش والشرطة. -الدستورية مهمتها البديهية محددة, توضح حكمها بشأن القوانين التي يتم تشريعها هل هي دستورية أم لا؟؟ وإذا لجأت إليها أى جهة للسؤال عن دستورية أي قانون أو إجراء عند ذلك فقط عليها الإجابة, ليس من حق الدستورية أن تتدخل في أي قضية من تلقاء نفسها, وإذا فعلت ذلك تخرج عن مهمتها وفلسفة وجودها وبالتالي ستتدخل في نطاق السلطتين السياسية أو التشريعية, ستتحول إما لسلطة سياسية تنتصر لطرف سياسي ضد الآخر, أو تتحول إلى الجمع بين السلطتين القضائية والتشريعية بإصدار فتاوى تشريعية (مثل الفتوى الأخيرة), فمن الذي طلب مجرد التفكير في مراجعة حق التصويت للجيش أو الشرطة؟ وكيف سيكون الحال تجاه الإشكاليات الآتية: 1-ماذا لو انخرط أفراد الجيش أو الشرطة في العملية السياسية والانتخابية؟ من الذي سيشرف بنزاهة وحيادية على الانتخابات؟ ماذا لو انحازوا لحزب غير مقبول شعبيًا, هل سيتصادمون مع الشعب؟ 2-ماذا لو انحازت قيادات الجيش أو الشرطة لحزب معين وانحازت الكوادر والأفراد للحزب المضاد(في ظروف الاستقطاب الفارقة) ورفضوا الانصياع لتعليمات القيادات؟ ستتفكك فلسفة تماسك المؤسسة العسكرية أو الأمنية. 3- لو انحازت قيادات أو أفراد الجيش لحزب ما وانحاز أمثالهم في الشرطة للحزب المضاد, سنكون بصدد كارثة. 4- إعطاء حق التصويت يعنى إعطاء حق التأييد أو المعارضة, بكل السبل المشروعة, لأي من المرشحين.. يعني الضباط والجنود يشرفون على الانتخابات وفي نفس الوقت يدعمون المرشحين بإقناع المنتخبين بالمناقشة والمنشورات والمشروبات والصور... شيء عظيم... وبالمثل بعض جنود وأفراد الجيش أو الشرطة سيفعلون ذلك لأحد المرشحين والبعض الآخر من زملائهم يفعلون المثل للمرشح المنافس.. وتكون ملحمة عظيمة!! 5-المرشح النيابي أو الرئاسي من حقه التواصل والتسويق لنفسه تجاه كل من له حق التصويت, وبالتالي يدخل هو وأنصاره لهيئات ومعسكرات الجيش والشرطة لعمل حوارات وندوات ومناظرات بين المرشحين المتنافسين ويحدث كما يحدث بين أنصار المرشحين من احتكاكات, تصل للأسلحة وخلافه, في بعض أنحاء مصر!! 6-أحد المرشحين سيركز على سلاح المشاة والآخر على المدفعية وغيره على الأمن المركزي أو الأمن الوطني وتتطاحن هذه الإدارات, وإذا نجح أحدهم عليه تمييز من دعمه على من لم يدعمه, وبالمثل عليهم مطالبة المرشح الرابح ببعض الخدمات بالمقابل..... شيء عظيم. -هذه الكوارث ستؤدى إلى تفكيك المؤسستين, والجيش المصري هو الباقي لنا في مواجهة المخططات الإسرائيلية التي نجحت في تفكيك الجيشين العراقي والسوري. -نحن ندافع عن استقلال القضاء لكن ننتقد قضاة المخلوع كما كنا ننتقد أتباعه في المجلس العسكري السابق مع دفاعنا عن هيبة الجيش. -أما بالنسبة لأحكام الدستورية الأخيرة بشأن التأسيسية والشورى فنحن ارتضينا المسار الدستوري وليس الثوري والدستورية تحكم على ما أمامها من أوراق وإجراءات وهذا حقها, لكن لن يكون هناك أي تأثير لهذه الأحكام لأن البديهيات تؤكد أن الشعب أقر الدستور يعني وافق على التأسيسية التي أعدت الدستور الذي حصن أيضًا مجلس الشورى حتى يتم انتخاب برلمان جديد بدلًا من البرلمان الذي قام عسكر المخلوع بحله, كان المستهدف هو نجاح شفيق كرئيس بدلًا من مرسي حتى يتحالف مع أحكام الدستورية أولًا بحل التأسيسية (قبل إقرار الدستور) ليتم إعادة تشكيلها على هوى النخب المتوجه منذ عهد المخلوع وبالتالي يتم صياغة دستور يناسبهم, وثانيًا كان شفيق سيلغى فورًا مجلس الشورى بناء على حكم الدستورية الأخير يعنى لا دستور ولا برلمان ولا شورى والرئيس هو شفيق يعني لم تحدث ثورة, هل عرفتم لماذا أصدر مرسى الإعلان الدستوري؟ -هناك صراع بين المعينين منذ عهد المخلوع وبين المنتخبين من الشعب بعد الثورة, قريبًا سيضطر الجميع للانصياع للبديهيات الثورية التى يؤكدها الشعب في كل المحطات منذ يناير 2011.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.