تعنى كلمة "اعترض" فى قاموس "مختار الصحاح"، للرازى أنه "أصبح كالخشبة المعترضة للنهر".. فتكون المعارضة فى مفهومها العام هى مخالفة المطروح لما يقدم من آراء وقضايا.. وهناك معارضة مفيدة وأخرى غير مفيدة.. فالمعارضة المفيدة هى التى تبغى الصالح العام، وذلك بتقديم النصيحة المخلصة لوجه الله الكريم، فهى حتى وإن كانت مخالفة لما هو مطروح، إلا أنه ليس من وراء تقديمها مصلحة شخصية، أو مغنم أو منصب، وإنما ارتقاء البلاد والعباد.. وأما المعارضة غير المفيدة، فهى التى تهدف إلى عكس ذلك.. وهى تأخذ أبعادًا مختلفة، فهناك من أسوأ أنواع المعارضات غير المفيدة: المعارضة من أجل المعارضة.. فلا يهم الطارح أو المطروح، ولكن المهم هو وضع الخشبة لمنع تدفق المياه! وهناك معارضة ظاهرها جيد وباطنها تخريبى، وهناك معارضة تهدف إلى إسقاط ماهو قائم لتحقيق مغنم شخصى أو مادى أو منصب سياسى.. وهناك من يعارض الطارح بغض النظر عن المطروح، فلا قيمة لقضية مطروحة طالما جاءت من طارح بعينه! وهناك فئة أخرى يندرج بعضها تحت "المعارضة"، وهى من "الفلول"، التى تدافع عن وجودها، لأنها تعجز عن الحياة فى جو نقى بعد أن ظلت تعيث فى الأرض فسادًا لمدة ثلاثين عامًا.. فهى تسعى بكل قوتها لإسقاط النظام الجديد، لاستعادة النظام السابق، وذلك بإنفاق الملايين (من الأموال المنهوبة)، لتخريب البلاد وإشاعة الفوضى، حتى تتحقق مقولة زعيمهم: أنا أو الفوضى! إننى أعجب من هؤلاء الذين يدافعون عن النظام السابق، بل ويعتذر بعضهم له وكأننا نحن المخطئون فى حقه فى محاولات لتزيين الكوارث التى تسبب فيها على مدى ثلاثين عاما، تراجعت فيها مصر تراجعا غير مسبوق فى تاريخها فى كافة المجالات: الاقتصادية، والصناعية، والزراعية، والعلمية، والاجتماعية.. إلخ، وأعجب أكثر أن يكون من بين هؤلاء مثقفون يعرفون من الخفايا ما يجهله غيرهم.. فهم بذلك إما مستفيدون من النظام السابق استفادات تجعلهم يدافعون عنه، أو أنهم كانوا عاجزين عن التصدى لهذه الكوارث وآثروا السلامة والصمت وهم يعلمون دورهم فى هذه الكوارث.. لم يكن تقدم مصر وازدهارها من أولويات اهتمامات النظام السابق.. كما لم يكن ضمن اهتماماتهم رفع الغبن عن الفقراء من أبناء مصر، (رغم تكرار هذه الأكذوبة فى كافة الخطابات: رفع المعاناة عن محدودى الدخل)، أو تحقيق العدالة بين الناس، ولكن اهتماماتهم انصبت على نهب المليارات المنظم ليزداد الفقير فقرا ويزداد اللص ثراء! فى مقال مهم للأستاذ يعقوب عبد الرحمن [منشور فى جريدة الشعب صفحة 12 بتاريخ 10 مايو 2013 بعنوان: "محمد سلماوى ومحاولات تجميل القبح"]، ذكر فيه الفساد فى بعض المجالات فى النظام السابق مثل الفساد فى الصحف، والاقتصاد، وغرق العبارات، وسقوط الطائرات، وتصدير الغاز، وانهيار العقارات، وصحة المصريين (الفشل الكلوى، والسرطان، وأكياس الدم الملوثة)، والتعذيب، وقتل الناس فى السجون.. كبعض من كل فى عهد النظام السابق، ويختتم مقاله بقوله: "وسيقول التاريخ كلمته، وسيثبت أن حسنى مبارك هو من أسوأ الحكام الذين تولوا حكم مصر، إن لم يكن أسوأهم على الإطلاق". أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]