قوبلت مبادرة الأنبا ماكسيموس رئيس أساقفة مجمع القديس ورئيس معهد أكسفورد اللاهوتي بالقاهرة الداعية إلى إنشاء معهد للدراسات المتخصصة في الحوار المسيحي الإسلامي والتسامح الديني بترحيب مشروط من علماء الأزهر، كونها ستساهم كبير في تحقيق التقارب المنشود وتبديد التوتر الذي يطفو على السطح من وقت لآخر بين المسلمين والأقباط وذلك إذا ما توافرت فيها الجدية بعيدًا عن الحوارات الإعلامية، في رد فعل قد يغضب الكنيسة الأرثوذكسية التي ترفض الاعتراف بالأنبا ماكسيموس. وأكد الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الأزهر يرحب بأي دعوة للحوار مع أي صاحب رأي أو فكر مخالف لتعاليم الإسلام، قائلا إن الإسلام لا يمانع في عقد مثل هذه الحوارات التي ترمي إلى التقارب، بل أنه دائما ما يدعو للحوار ويمهد الجسور له، موضحا أن المسلم يقبل الآخر إعمالا بقوله تعالى: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا". وأضاف أنه يرحب بترجمة هذه الدعوة على أرض الواقع، ولا يمانع من المشاركة فيها والمساهمة في إنجاحها، مشددا على ضرورة أن تتوفر لدى القائمين عليها الرغبة في الإصلاح وإيجاد حالة حوار يصل فيها في النهاية إلى قول فصل ولا يكون دعوة لتحقيق مآرب شخصية أو "فض مجالس"، على حد تعبيره. وحول تصريحات الرئيس حسني مبارك التي انتقد فيها غياب الخطاب الديني المستنير للأزهر والكنيسة، علق عضو مجمع البحوث قائلا: الخطاب الديني مثل أي شيء آخر بالحياة بحاجة إلى تجديد وتغيير، معيبا على الدعاة ميلهم إلى اللغة الجافة والجمود الفكري والتمسك بخطاب عفا عليه الزمن وأصبح باليت ولا يلاءم التطورات الراهنة، موضحا أن الفكر الديني بحاجة دائما إلى تغيير بما يلاءم العصر الذي نعيشه ويسايره. من جانبه، أبدى الشيخ الدكتور محمد عبد المنعم البري الرئيس الأسبق ل "جبهة علماء الأزهر" تفاعله مع المبادرة، لكنه قال إن نجاحها مرهون بتوافر الجدية لدى القائمين عليها من أجل تحقيق الهدف المرجو منها، عبر انتقاء المشاركين في الحوار انتقاءً جيدًا، وضرورة أن تكون الأمانة "لزيمة" للطرفين- المسلم والمسيحي- في الحوار المزمع، وأن تتسم تلك اللقاءات بالصدق للوصول إلى الحق والحقيقة عن بينة. وطالب بتوفير أسباب النجاح للمبادرة والتي تعتمد بصورة أساسية على توافر الإرادة من الطرفين، لأن القضية ليست في عقد لقاءات أو طرح مبادرات وإنما في إيجاد الإنسان المستوعب والمنصف الذي يريد إظهار أو معرفة الحق عن بينة، رافضا في الوقت ذاته الآراء المطالبة بتغيير الخطاب الديني بعيد تماما عن الصحة، فكل ما يحتاجه الآن هي نظرة، دون توضيح المقصود من ذلك. وأشار البري إلى واقعة اعتبرها تعكس غياب الصورة الصحيحة عن الإسلام لدى المسيحيين، حين شارك بإحدى لقاءات حوار الأديان بالمقر البابوي بنيوجرسي واقتبس كلمته من صفحة من مجلد مختارات الأحاديث والحكم النبوية عن السيدة العذراء مريم البتول وأن الإسلام يصفها بسيدة نساء العالمين، قائلا إنه تفاجئ وقتها بكافة الحضور يؤكدون له أنهم لم يسمعوا مثل هذا الكلام من قبل وأنه رأى على وجوههم نظرة إعجاب وإجلال لما قرأه عليهم وحرجا في ذات الوقت.