الغضب آفة كل إنسان، مذموم عند العقلاء وأصحاب الجَنان، كم أفسدت هذه الآفة من حال وكم أنهت من آجال.وكم ألقت بأناس في غياهب السجون بعد أن كانوا بالسعادة ينعمون.وكم فرحة أحالتها هذه الآفة ترحة.بل وأبدلت الوفاق شقاقاً والمودة بُغضاً وطلاقا فأضحى البيت عنواناً للأنين والآهات بعد أن كانت ترفرف عليه السعادة والضحكات. وكم من أناس مُقدَّرين هوت بهم تلك الآفة إلى أسفل سافلين. من أجل ذلك كان مقياس العقل والحكمة والسيادة والرفعة هو مدى سيطرة الإنسان على غضبه مظهراً في أشد الظروف حلمه وأدبه. فبالله عليكم من الذي يقتل ومن الذي يقذف ويشتم ومن الذي ينهر ويوبخ ومن الذي يلعن ويطلِّق ....أزعم وأظنني صادقاً أنهم أناس قد سيطر عليهم الغضب فكان مصيرهم العقاب أو العتَب.أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أوصني فقال له المصطفي صلى الله عليه وسلم لا تغضب فأعاد الرجل سؤاله فأعاد الرسول جوابه لا تغضب عدة مرات ، فقال الرجل فتفكرت فإذا الغضب يحمل الشر كله. فالغضب جمرة من النار يقذف بها الشيطان كل غضبان فيرتفع ضغطه ويندفع الدم بشدة الى الدماغ فيعطل احيانا مراكز العقل والإدراك وتنتفخ الأوداج وتحمر العينان ويغيب العقل وعندها تحدث الكوارث. أرشدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في هديه الشريف عند الغضب أن نتعوذ بالله من الشيطان الرجيم عندما قال لرجل مغضب أما أني أعرف كلمة لو قالها لذهب عنه ما به (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ). وأمرنا أيضا عند الشعور بالغضب كذلك أن نتوضأ لأن الشيطان من النار والغضب من الشيطان والماء يطفئ النار. كما نبهنا صلى الله عليه وسلم أن نغير من وضعنا عند الغضب فإذا كنت واقفا فاجلس وهذا التغيير يرمز إلى الثبات الإنفعالي وإلى كظم الغيظ وأنك مسيطر على نفسك. واعلم ان وصية الرسول (لا تغضب) تعني أن تنظر إلى ما يغضبك على أنه أمر عادي أو مجرد خطأ وأنت قادر على إصلاحه. وإحفظ هذه القاعدة (أنت المسؤول عن غضبك وأنت المسؤول عن سد إحتياجاتك وليس الآخرون ) أي اجعل زمام الأمور كلها بيدك ولا تتأثر كثيرا بمدح أو ذم بل التأثير ينبغي أن يكون في تفكيرك فالمدح تعرف به صواب الطريق لتثبت عليه والذم يجعلك تعدل المسار لا أن تكون دائم الغضب والحزن. واعلم كذلك ان الشخص الأكثر مرونة هو الأكثر نجاحا واعلم كذلك أنه لابأس بالغضب الصحيح الذي يكون للبناء لا للهدم ويكون محاطا بالعقل لا بالمشاعر وكرر دائما أن (المشاعر وقود لكنها لا تقود)لأن المشاعر بطبيعتها تكون حادة وهائجة بل ومتطرفة أحيانا فما جنى على الناس شيئ أعظم من استسلامهم للمشاعر فهي التي تأمرهم وتنهاهم عندها تحدث المشكلات والزلات ولكن إذا أحاط بها العقل فسيطر عليها وتحكم فيها وأطلقها بقدر كانت نعم الوقود ونعم المعين. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]