رجحت مصادر قضائية مطلعة أن يتخذ مجلس الصلاحية برئاسة المستشار فتحي خليفة اليوم قرارًا بتأجيل الحكم في التحقيقات التي يجريها مع المستشارين محمود مكي وهشام البسطويسي نائبي رئيس محكمة النقض ، بعد إصابة الأخير بأزمة قلبية حادة فجر أمس استدعت نقله إلى المستشفى ، وترجح مصادر سياسية أن يتم تأجيل القضية هذه المرة لفترة طويلة لا تقل عن شهر ، تفاديا للتوتر الدائم الذي تشهده القاهرة على الصعيد الشعبي والأمني ، وأيضا الإحراجات الكبيرة التي تسببها هذه الجلسات للنظام السياسي أمام الرأي العام الدولي . وكشفت المصادر أن أربعة من رؤساء أندية القضاة في الأقاليم الزقازيق وبورسعيد والمنصورة والإسماعيلية التقوا بالمستشار محمود أبو الليل وزير العدل، وطلبوا منه تأجيل النظر في القضية لحين تهيئة الأجواء المتوترة بين الطرفين، خاصة بعد ظروف مرض المستشار البسطويسي ، وتعهد الوزير لهم بالحديث إلى المستشار ماهر عبد الواحد النائب العام لاتخاذ قرار تأجيل نظر القضية . وأشارت إلى أن المستشارين الأربعة قاموا أيضًا بزيارة النائب العام الذي تهرب من الالتزام بموقف محدد ، ولم يتعهد لهم بشكل قاطع بتأجيل المحاكمة ، ولكنه طمأنهم بإمكانية اتخاذ قرار بهذا الشأن. من جهة أخرى ، أكد المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي قضاة القاهرة أن المستشار هشام البسطويسي يرقد الآن في حالة صحية حرجة بغرفة العناية المركزة ، التي نقل إليها في الثالثة من فجر أمس الأربعاء في حالة غيبوبة ، وذلك بعد إصابته بأزمة قلبية حادة، وأن الأطباء اضطروا لاستخدام نحو 7 صدمات كهربائية لإعادة قلبه للحياة. وطالب عبد العزيز ومجموعات حقوقية أخرى بتأجيل محاكمة البسطويسي ومكي أمام لجنة الصلاحية التي يحاكمون أمامها بزعم التحدث إلى الصحافة في أمور سياسية. وكان المستشار البسطويسي قد أدلي بآخر حديث له في الواحدة والنصف من فجر أمس الأربعاء لبرنامج "القاهرة اليوم" ، وشرح فيه ظروف المحاكمة ورفضه التام لحضورها إذا أصرت قوات الأمن على منع دخول زملائه القضاة المتضامنين معه، محذرا من استمرار المعالجة الأمنية الخاطئة لأزمة القضاة وتعسف الحكومة ورفضها إقرار قانون السلطة القضائية. من جهة أخرى، نفت المصادر أن تكون هناك انفراجه وشيكة لحل أزمة القضاة من خلال عقد لقاء بين رئيس نادي القضاة المستشار زكريا عبد العزيز والرئيس مبارك، مؤكدة أنه لو كانت هناك نية لدى الرئيس لحل أزمة القضاة، لكان قد تدخل في بداية الأزمة واستجاب لمطالب القضاة الإصلاحية بالإفراج عن مشروع قانون استقلال السلطة القضائية. وأشارت المصادر إلى أن الهدف من إذاعة ونشر الأخبار على ألسنة مسئولين حكوميين بقرب إنهاء الأزمة هو تثبيط همم القضاة ، والإيحاء بأن المشكلة في طريقها للحل، وتبديد تضامن القوى السياسية والشعبية مع القضاة وتضليلهم بشأن الأزمة ، ولفتت المصادر إلى تعمد سفر رئيس الجمهورية إلى خارج البلاد في زيارات ليست بذات أهمية ، مثل افتتاح معرض آثار فرعونية في ألمانيا ، أو افتتاح ندوة فكرية عن "ابن خلدون" في أسبانيا ، وهذه هي المرة الأولى التي يسافر فيها رئيس الدولة إلى دولة أوربية من أجل المشاركة في افتتاح ندوة ثقافية ، واعتبرت ذات المصادر أن سلوك رئيس الجمهوية يبعث برسالة شديدة السلبية عن تعمد تعميق الأزمة والتهرب من مواجهتها وتحمل المسؤولية تجاهها في الوقت الذي تحشد فيه السلطة كل قواها من أجل مهاجمة القضاة وتشويه موقفهم وإهانتهم أمام الرأي العام . من جهته ، أكد المستشار محمد أحمد مكي عضو مجلس إدارة نادي القضاة أن القضاة مستمرون في دعم مطالبهم الإصلاحية باعتبارها مطالب تخص الوطن بأكمله وليس القضاة وحدهم، مشيرًا إلى أهمية الدعم الشعبي والالتفاف الجماهيري حول القضاة في أزمتهم مع الحكومة ، ومؤكدا أنه لا تراجع عن مطالب القضاة الذين أعلنوها وأنهم جاهزون اليوم للدفاع عن المستشارين مكي والبسطويسي. وأشار إلى أن هناك عددًا من الإجراءات التصعيدية التي سيستخدمها مجلس إدارة النادي في حال صدور حكم بعزل المستشارين ، تبدأ بالإضراب أو رفع الجلسات وتأجيلها من أجل إجبار النظام على الاستجابة لمطالب القضاة. من جهته شدد المستشار محمود الخضيري رئيس نادي قضاة الإسكندرية على أن القضاة لن يتراجعوا قيد أنملة عن مطالبهم باستقلال القضاء والإفراج عن مشروع قانون السلطة القضائية الذي أعده النادي منذ عشر سنوات، مستبعدًا حدوث انفراجه لأزمة القضاة في القريب العاجل، ومؤكدًا أن الحكومة ليست لديها أية نية حقيقية للاستجابة لهذه المطالب وحل مشكلة القضاة. وأضاف أن القضاة يملكون عددا من الإجراءات والأساليب التصعيدية الكثيرة الكفيلة بإجبار الحكومة على الاستجابة لمطالبهم ، ولكنهم لن يعلنوا عنها في الوقت الراهن بالطبع حتى لا تتخذ الحكومة الإجراءات الدفاعية ضدها. وأرجع التعنت الحكومي حيال رفض الاستجابة لإلغاء قرار إحالة المستشارين مكي والبسطويسي للمحاكمة لإصرارها على أن يصدر اعتذار من النادي عما بدر منه من آراء بشأن مطالب الإصلاح، والتحقيق في بعض التجاوزات التي حدثت في عدد من الدوائر الانتخابية، ومن ثم نفي حدوث أي علميات تزوير لنتائج الانتخابات التشريعية السابقة. على جانب آخر، كشف النائب طلعت السادات عضو مجلس الشعب أن قوات الأمن المركزي أطلقت أمس الغاز المسيل للدموع على آلاف المتظاهرين المتضامنين مع القضاء أمام مجمع محاكم شبين الكوم بالقرب من منزله. وأكد الدكتور حمدي حسن الناطق باسم الكتلة البرلمانية للإخوان في مجلس الشعب في بيان له أمام المجلس أمس أن قوات الأمن المركزي أطلقت الرصاص المطاط وقنابل الغاز على المتظاهرين أمام مجمع محاكم شبين الكوم ، واحتجزت العشرات منهم. وكان الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب قد رفض أمس الأربعاء مناقشة طلبات إحاطة وأسئلة بخصوص إحالة القضاة للمحاكمة ومشروع قانون السلطة القضائية، زاعما أن مجلس الشعب ليس مخولاً بمناقشة ما يخص السلطة القضائية. وفي سياق متصل، أعربت لجنة منظمات حقوق الإنسان للتضامن مع قضاة مصر عن رفضها لقرار وزارة الداخلية بمنع حق التظاهر السلمي وتجريم التواجد أو حتى التغطية الإعلامية لوقائع الجلسة الثالثة للمحاكمة المقرر لها اليوم، موضحة أن هذا القرار يؤكد التمادي في اتباع السياسية الأمنية المخالفة لقواعد الدستور المصري ، وأن طبيعة هذا القرار تتضمن حظر تجوال لمنطقة محددة من البلاد. وأعلنت اللجنة أنها سترفع دعوى خصومة ضد القرار الذي اتخذته وزارة الداخلية بحظر التجوال والتواجد أثناء المحاكمة، وأنها ستتقدم بمذكرة عاجلة للمقرر الخاص بحرية الرأي والتعبير لدي الأممالمتحدة، مناشدة إياه مطالبة الحكومة المصرية بالالتزام بالمواثيق الدولية وتعهداتها بشأن ضمانات حرية الرأي والتعبير. وأوضحت أنها ستتقدم أيضًا بمذكرة إلى المستشار فتحي خليفة رئيس مجلس القضاء الأعلى بطلب للسماح لوفد من منظمات حقوق الإنسان بحضور جلسات المحاكمة التأديبية بصفة مراقب، وستطالب النائب العام بتقديم المتورطين والمسئولين عن الانتهاكات التي وقعت بحق المواطنين يوم الخميس الماضي للمحاكمة ، وستشفع هذه الاتهامات بالصور.
