لابد من التفريق بين القضاة المسيّسين وبين القضاء كمؤسسة مستقلة كما تم التفريق بين المجلس العسكري السابق وبين الجيش, فانتقاد هؤلاء القضاة وأحكامهم لا يعني أننا لا نحترم سيادة القانون بل العكس هو الصحيح. -ما حدث قضائيًا بشأن قذاف الدم يستدعي التساؤل, فلقد رصدت ليبيا مئات المليارات لإعادة الإعمار فأين نحن من الاستفادة بذلك؟ ليبيا كان بها قبل ثورتها مليون ونصف مصري يدعمون أسرهم بمصر معظمهم عادوا ليضافوا لطوابير البطالة, ليبيا وحدها تستطيع حل جزء كبير من مشكلتنا الاقتصادية إذا تم هندسة العلاقة معها بمنطق المصالح, الليبيون غاضبون لإيواء مصر لأحد مجرمي النظام السابق ومنذ أيام كانت هناك مظاهرات متكررة أمام سفارتنا هناك للمطالبة بتسليم قذاف الدم لمحاكمته أمام القضاء الليبي وهذا حقهم, قام القضاء المصري بحرمان ليبيا من حقها حتى تحرمنا من أي فرص عمل أو مشاريع تمثل لنا الآن "حياة أو موت" حتى يتم التضييق على "مرسي". -هناك مجموعة من كبار القضاة والمستشارين (المنتفضين ضد مرسي المنتخب) نتذكرهم أيام حبيبهم المخلوع حيث لم نسمع لهم صوتًا واحدًا (مثلًا و ليس حصرًا) عندما سُحل أحد القضاة ظهرًا أمام نادي القضاة وفضائيات العالم أو حين تم تزوير انتخابات 2010 بشكل فج رغم أنف الإشراف القضائي, وبعد الثورة كانت البداية بتغول السلطة القضائية على السلطة التشريعية بحل برلمان منتخب من 30 مليون مواطن في انتخابات شهد بنزاهتها العالم (أمر لم يحدث عالميًا لأن الشعب أصلًا فوق القضاء) وبالرغم من ذلك راحوا يسوقون فلسفات قضائية فاسدة مدعومة إعلاميًا لتضليل الملايين, هذا الأمر أجبر الرئيس لتحصين إعلانه الدستوري ضد الإلغاء قضائيًا حتى يستطيع إجراء الاستفتاء ليكون لنا دستور لا يستطيعون إلغاءه كما ألغوا برلمان الشعب. -قام هؤلاء القضاة بهرج كبير مدعوم إعلاميًا ضد إعلان مرسي الدستوري وتم استغلاله سياسيًا من جبهة الإنقاذ للدعوة لاستنساخ الثورة مرة أخرى لخلع الرئيس المنتخب(كما خلعنا المخلوع) وبالطبع لم تنجح شعبيًا, هؤلاء جميعهم لم نسمع لهم صوتًا للدفاع عن دولة القانون حين أصدر المجلس العسكري السابق (غير المنتخب) إعلانه الدستوري الذي فرض الوصاية على مصر يضاف له أربعة إعلانات دستورية أخرى لم يتم الطعن على واحد منها وبالرغم من ذلك توالت الطعون ضد إعلان "مرسي" وذلك لإعاقة الديمقراطية وإلغاء نتائج الصناديق.. كان هناك أيضًا عدة طعون لإلغاء مجلس الشورى والجمعية التأسيسية الثانية (تم إلغاء الأولى بالفعل) وذلك لإعادة الثورة لنقطة الصفر لنستمر بدون دستور وسلطة منتخبة, ثم نصل إلى الحكم بإلغاء دعوة الرئيس الأخيرة للانتخابات البرلمانية (معلوم عالميًا أنه أمر سيادي لا دخل للقضاء به)، وصولًا إلى الحكم الأخير بشأن النائب العام والمتضاد تمامًا مع الدستور المستفتى عليه وذلك لوقف التحقيقات الأخيرة التي يقوم بها النائب العام ضد رموز الثورة المضادة وليس السبب طريقة تعيينه كما يسوقون (لأنهم لا يبالون بسيادة القانون كما أسلفت). -هناك فريق يشمل هؤلاء القضاة لا تعجبهم نتيجة أي انتخابات أو استفتاءات بعد الثورة (لأنها ليست مزورة) فمثلًا وليس حصرًا هؤلاء القضاة لابد أن يكونوا ضد الدستور الجديد الذي ألغى مبدأ انتداب القضاة للمؤسسات الأخرى مقابل رواتب مضاعفة وبدلات ضخمة كان يدفعها المخلوع من أموالنا لهؤلاء القضاة المسيّسين التابعين له لتقنين وشرعنة الفساد, بالطبع لن يجد هؤلاء ذلك مع "مرسي". -هل يعني اختيار الثوار الالتزام بالمسار الدستوري بدلًا من الثوري أن تضيع الثورة بسبب هؤلاء القضاة, فأي ثورة شعبية تمثل عملًا سلميًا "غير قانوني" لإسقاط الحاكم الفاسد ونظامه (بما فيه القضاء) وكل فعاليات الثورة هي فوق القانون والدستور والقضاء وضد الذين صاغوا الدستور القديم وأسسوا السلطة القضائية وبالتالي الخروج على الشرعية الدستورية والقضائية الفاسدة يمثل عملًا مشروعًا ومدعومًا بالشريعة الإسلامية التي تقر أن السلطة للشعب. -هؤلاء القضاة يعلمون تمامًا أنهم الآن بين الحياة والموت والحل الوحيد هو الاستمرار على احترام القضاء وأحكامه(كما يحاول الرئيس بشرط عدم تعريض الثورة لضربة قاضية مثل التي كانت ستحدث لمنع الاستفتاء الدستوري لولا إعلان مرسي الدستوري) على أن يتم تطهير القضاء من هؤلاء الذين لا يبالون لا بقانون ولا مبادئ مع مراعاة أن القضاء ليس جهازًا يتم هيكلته بل هو (سلطة) يتولى أعضاؤها إعادة هيكلتها من الداخل ولذلك نحن بصدد قضية حياة أو موت وهي حتمية وسرعة إصدار قانون السلطة القضائية ليتواكب مع الثورة. رئيس جمعية المقطم للثقافة والحوار [email protected]