طيبة التكنولوجية تُشارك في ورشة عمل لتعزيز قدرات وحدات مناهضة العنف ضد المرأة    «التنسيقية».. مصنع السياسة الوطنية    أسعار الريال السعودي في ختام تعاملات البنوك المصرية الجمعة 14 يونيو    مواعيد صلاة عيد الأضحى 2024 بمدن الوادى الجديد    «العمل»: تسليم شهادات تأهيل 40 متدربا على سوق العمل بالإسكندرية    العاهل الأردني يتوجه إلى إيطاليا للمشاركة في قمة مجموعة السبع    حزب الله يطلق عشرات الصواريخ على إسرائيل    جيش السودان: مقتل أحد قادة "الدعم السريع" في معركة "الفاشر"    سامسون يرحل عن الزمالك ويقرر شكوى النادي    وكيل أوقاف الغربية: 443 ساحة لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك    أول صورة للضحية.. حبس المتهمة بقتل ابن زوجها في القناطر الخيرية    فرقة الإسماعيلية للآلات الشعبية تتألق بمركز شباب الشيخ زايد    أبرزهم السقا.. نجوم ظهروا ضيوف شرف في أفلام عيد الأضحى    برامج وحفلات وأفلام ومسرحيات.. خريطة سهرات عيد الأضحى على «الفضائيات» (تقرير)    هل صيغة التكبيرات المشهورة عند المصريين بدعة؟.. المفتي يحسم الجدل    السعودية تستقبل ألف حاج من ذوي الجرحى والمصابين في غزة    لبنان يدين الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب البلاد    علي صبحي يكشف كواليس تحضيره لشخصية الكردي ب«ولاد رزق 3» (فيديو)    الحصاد الأسبوعي لأنشطة التنمية المحلية    عالم أزهري يوضح كيفية اغتنام يوم عرفة    حج 2024| النقل السعودية تطلق مبادرة «انسياب» لقياس حركة مرور حافلات الحجاج    رسميا.. كريستال بالاس يضم المغربي شادي رياض    تردد قناة الحج السعودية 2024.. بث مباشر للمناسك لمعايشة الأجواء    "ليس الأهلي".. حفيظ دراجي يكشف مفاجأة في مصير زين الدين بلعيد    الأمين العام لحلف الناتو: توصلنا لخطة كاملة لدعم أوكرانيا تمهيدا لقرارات أخرى سيتم اتخاذها في قمة واشنطن    القاهرة الإخبارية: مستشفيات غزة تعانى نقصًا حادًا فى وحدات الدم    طرق مختلفة للاستمتاع بعيد الأضحى.. «أفكار مميزة للاحتفال مع أطفالك»    تضامن الدقهلية: ندوة تثقيفية ومسرح تفاعلي ضمن فعاليات اليوم الوطني لمناهضة الختان    بجمال وسحر شواطئها.. مطروح تستعد لاستقبال ضيوفها في عيد الأضحى    "الأوقاف": إمام مسجد السيدة زينب خطيبا لعيد الأضحى    هل صيام يوم عرفة يكفر ذنوب عامين؟.. توضح مهم من مفتي الجمهورية    الصحة: تقديم خدمة نقل الدم لمرضى الهيموفيليا والثلاسيميا في 14 وحدة علاجية بالمحافظات    أكلة العيد.. طريقة تحضير فتة لحمة الموزة بالخل والثوم    «التعاون الدولي» تصدر تقريرًا حول استراتيجية دعم التعاون الإنمائي بين بلدان الجنوب    «الإسكان»: إجراء التجارب النهائية لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح لتحلية المياه    الفرق يتجاوز 30 دقيقة.. تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى في محافظات مصر    إزالة مخالفات بناء بمدن 6 أكتوبر والشروق والشيخ زايد وبني سويف الجديدة|تفاصيل    وزير الري يوجه برفع درجة الاستعداد وتفعيل غرف الطوارئ بالمحافظات خلال العيد    مقام سيدنا إبراهيم والحجر الأسود في الفيلم الوثائقي «أيام الله الحج»    65% من الشواطئ جاهزة.. الإسكندرية تضع اللمسات النهائية لاستقبال عيد الأضحى المبارك    لجنة الاستثمار بغرفة القاهرة تعقد أولي اجتماعاتها لمناقشة خطة العمل    «هيئة الدواء»: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    فحص 694 مواطنا في قافلة متكاملة بجامعة المنوفية    نصائح للحفاظ على وزنك في عيد الأضحى.. احرص عليها    القبض على 8 أشخاص فى أمريكا على علاقة بداعش يثير مخاوف تجدد الهجمات الإرهابية    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى الهرم    ماس كهربائي كلمة السر في اشتعال حريق بغية حمام في أوسيم    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكاءه في مباراة بيراميدز وسموحة    الجيش الأمريكى يعلن تدمير قاربى دورية وزورق مسير تابعة للحوثيين    تشكيل الاهلي أمام فاركو في الدوري المصري    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    يورو 2024| عواجيز بطولة الأمم الأوروبية.. «بيبي» 41 عامًا ينفرد بالصدارة    محافظ شمال سيناء يعتمد درجات تنسيق القبول بالثانوي العام    إنبي: العروض الخارجية تحدد موقفنا من انتقال محمد حمدي للأهلي أو الزمالك    فرج عامر: واثقون في أحمد سامي.. وهذا سبب استبعاد أجايي أمام بيراميدز    حظك اليوم وتوقعات برجك 14 يونيو 2024.. «تحذير للأسد ونصائح مهمّة للحمل»    كتل هوائية ساخنة تضرب البلاد.. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخمسة لائحة الإخوان ( 2-2 )
نشر في المصريون يوم 22 - 12 - 2009

كيف يضع مكتب الإرشاد سلطة اجراء انتخابات نفسه والإشراف عليها !!
• فلسفة اللائحة تركز السلطات فى يد مكتب الإرشاد مع إن الأصل القانونى أن يتم انتخاب مجلس شورى عام للإخوان ثم يقوم هذا المجلس بانتخاب مكتب الإرشاد
• الجماهير التى منحت الإخوان ثقتها والمشروعية من حقها الاطلاع على تفاصيل التطبيق الواقعى للمفاهيم والقيم التى تنادى بها الجماعة
• يجب النظر إلى كل وجهات النظر التي طالت اللائحة الداخلية والابتعاد عن سياسة "السطح الهادئ" التي توحي بهدوء الأمور وهي ليست كذلك
• أزمة الإخوان تتجسد في الحرص والخوف من الأفكار الوافدة من الخارج رغم الثقة في نوايا أصحابها!
• لا يمكن لجماعةعريقه مثل الإخوان أن تواجه الواقع السياسى بهذه النصوص المتواضعة الموجودة في اللائحة
• ترميم اللائحة المليئة بكل هذه العيوب أمر مستحيل من الناحيه العملية ويجب إعادة بناء الشكل القانونى لجماعة
• اللائحة هى مظهر المشكلة بينما جوهرها هو رغبه بعض الأفراد فى المشاركة فى إدارة الجماعة وهو حق مشروع وواجب شرعى
بدأت في الحلقة الأولي من هذه الدراسة في تحليل تكوين اللائحة العامة للجماعة والأسس والظروف التي أحاطت بها حتي وصلت لهذه المرحلةى وذكرنا أن اللائحة بها عيوب خمسة رئيسية وهي أن فلسفتها التشريعية تقوم على تركيز السلطات فى يد جهه الإدارة و المغالاه فى استخدام حق التعيين مع عدم قصر التعيين على المجالس النيابية بل إنه يتسع ليشمل التعيين بالإضافة فى الجمعية الانتخابيه و تداخل السلطات على حساب السلطة التشريعية التى اختفى اختصاصها تماماً , إضافة إلي عيوب الصياغة التى قد تصل إلى حد عدم القابلية للتطبيق فى العديد من وأخيرا اختفاء اسم السلطة القضائية وكذلك دورها , ونستكمل اليوم باقي بنود العيب الأول والعيوب الأربعة الباقية
ه - ومن المستغرب فى هذه اللائحة انفرادها بجعل الرئاسة لمجالس الشورى من اختصاص الجهات التنفيذية وهوامر غير متصورفى أى من التشريعات الحديثة وعلى مدى أربعمائة سنة خلت من الصراع من أجل ارتفاع المجلس التشريعى والدفاع عن مبدأ إعمال الرقابة على الجهات الإدارية .... ولم يحدث أن تم منح أى مجلس تنفيذى حق رقابة أو رئاسة الجهة التشريعية بل وجعلت اللائحه من المرشد العام رئيساً لمكتب الإرشاد ولمجلس الشورى.
ويرى الباحث ذلك متجلياً فى العديد من النصوص بل ويكون الأمر أكثر بعداً عن الأصول القانونية حينما تأتى النصوص لتجعل رئاسة "مجلس الشورى العام " لنواب المرشد فى حالة غيابه أو لأى عضو من أعضاء مكتب الإرشاد ولا تمنح اللائحة أعضاء مجلس الشورى حقهم فى إدارة جلساتهم إلا عند غياب جميع أعضاء مكتب الإرشاد ومعهم المرشد العام .... مع إن الأصل الفقهى أن المجلس التشريعى هو الذى يراقب ويرأس مكتب الإرشاد لا العكس ومن الجدير بالذكر أيضاً أنه ليس لمجلس الشورى أن يحدد لنفسه جدول أعمال وإنما عليه ان ينفذ ما فرضته عليه جهه الإدارة من موضوعات وذلك كله وفقاً للنصوص الآتية:-
" يجتمع مجلس الشورى بدعوة من المرشد العام دورتين كل عام "
وكذلك
" يجوز دعوة مجلس الشورى لاجتماع طارئ بقرار من المرشد العام أو بناء على قرار مكتب الإرشاد"
وكذلك
" يكون اجتماع المجلس صحيحاً بحضور أكثر من نصف أعضائه وفى حالة غياب المرشد العام ونائبه الأول أو من ينيبه المرشد العام لرئاسة الجلسة يرأس الجلسة الأقدم فالأقدم من نواب المرشد العام ثم أكبر الحاضرين سناً من أعضاء مكتب الإرشاد ثم الأكبر سناً من أعضاء المجلس"
وفى النهاية فإنه لا يكون لمجلس الشورى أى حق فى دعوه نفسه إلى الانعقاد أو إضافة أمور لمناقشتها فى جدول الأعمال إلا فى حالة واحدة هى أن يطلب عشرون عضواً ذلك بطلب يقدمونه أيضاً إلى المرشد العام.
وتذهب اللائحة إلى أبعد من ذلك فهى تمنح مكتب الإرشاد سلطة وضع إجراءات الانتخابات والإشراف عليها تلك الانتخابات التى يتم بمقتضاها انتخاب أعضاء مكتب الإرشاد...!! ومن هنا فإن مجلس الشورى وهو مجلس المراقبة فى الأصل القانونى وفق تصورات عصرية ... فضلاً عن كونه مجلس التشريع والمحاسبة والتحقيق يظهر فى اللائحة كمجلس ليس له من قدره على عقد جلساته أو وضع جدول أعماله ... كما خلت النصوص من بيان أى وظيفة لهذا المجلس تتعلق بالمراقبة أو المحاسبة أو التشريع سوى أنه ينتخب أعضاء مكتب الإرشاد بإجراءات يتم وضعها بواسطة مكتب الإرشاد نفسه .
و- وتستمر رقابه المرشد العام على مجلس الشورى حتى فى أمر التحقيق الأخلاقى ... فمن الجدير بالذكر أن مجلس الشورى لا يملك أى اختصاصات خاصة بالتحقيق فى أى عمل تنفيذى إلا ما أشارت إليه واحده من المواد بتشكيل لجنة تحقيق أخلاقيه ... وحتى هذه اللجنة قاصرة على اختصاص وحيد وهو التحقيق الأخلاقى فيما يتعلق بسلوك أى عضو وهذه اللجنة لا تملك أن تحقق إلا فيما يحيله إليها المرشد العام أو مكتب الإرشاد أو المجلس مما يمس السلوك فقط وحتى فى هذه الحالة فليس لها أن تحكم أو تقرر وإنما عليها أن تقترح إقتراحاً .... يتم عرضه على مكتب الارشاد وذلك بنصها
" ينتخب مجلس الشورى من بين أعضائه لجنة تحقيق تتكون من ثلاثة أعضاء أصليين وثلاثة أعضاء إحتياطيين .... وتختص لجنة التحقيق بما يحيله إليها المرشد العام أو مكتب الإرشاد أو المجلس مما يمس سلوك أحد الأعضاء .... وتقترح هذه اللجنة الجزاء الذى تراه مناسباً ... وتعرض قرارها على مكتب الإرشاد أو المجلس طبقاً لإختصاص كل منهما "
ز- ونفس الأمر ينطبق على مجالس شورى المحافظات والتى منها يتم انتخاب أعضاء مجلس الشورى العام ..... فلا تملك مجالس شورى المحافظات أن تدير مجلسها .. أو أن تصدر قرارات ... فهى فى الجلسة الأولى تحت إدارة أحد أعضاء مكتب الإرشاد .. ثم هى فى النهاية لا تصدر إلا توجيهات ليتم تصعيدها إلى مكتب الإرشاد .
" يرأس اولى جلسات مجلس شورى المحافظة أحد أعضاء مجلس الإرشاد .... "
وكذلك
" ولمجلس شورى المحافظة أن يناقش التقرير ( الذى يقدمه المكتب الإدارى ) وأن يبدى ملاحظته .... وأن يصدر توصيات يبلغها لمكتب إدارى المحافظة"
ح - ومن الجدير بالذكر أن مقدمه هذه اللائحه جاء بها ما سمى بالأحكام العامة والمؤقتة ..... ونحسب أن هذه الأحكام قد وردت فى التعديلات التى تمت على اللائحة ... أو بالأحرى فإنها هى التى أدت إلى تعديلات اللائحة .... فورد بها إحاله الدور التشريعى كله إلى مكتب الإرشاد بل وإحاله كل اللائحه وماورد بها من إختصاصات إلى مكتب الإرشاد فتم النص على :.
" يجوز تعديل احكام هذا النظام بناء على إقتراح المرشد العام وأغلبيه أعضاء مكتب الإرشاد المقيمين بالقاهرة ويضاف إليهم عشرون عضواً من أعضاء مجلس الشورى"
وبالطبع فإن هذا الإقتراح يتم عرضه على مجلس الشورى ويعتبر التعديل مقبولاً بأكثر من نصف عدد أعضاء المجلس ....
فإذا كان هناك عشرون عضواً من المجلس قد شارك فى الإقتراح فإنه لا يتبقى على تحقيق النصاب إلا ثمانية عشر عضواً ... من مجلس الشورى حتى تتحقق نسبة الخمسين فى المائه من مجموع أعضاء مجلس الشورى ...
ثم يتم إرداف هذه المادة بمادة أخرى فحواها .
" فى حاله تعذر اجتماع مجلس الشورى لأسباب إضطرارية يتولى مكتب الإرشاد جميع الإختصاصات "
وهكذا تحدد الأحكام العامة المؤقتة نهاية مبدأ الفصل بين السلطات وتدعيم تركيز العمل التشريعى والتنفيذى فى يد واحده .
الخلاصة إذن:
أن ما تم ذكره هو ملاحظات على سبيل المثال يظهر منها أن فلسفة تشريع اللائحة تقوم على أحادية جهه الاختصاص أى انها تشريعات السلطة الواحدة وهى السلطة التنفيذية فيظهر أيضاً من النصوص أن المجالس التشريعية أو مجلس الشورى لا يملك إلا أن يناقش أو يرفع تقريراً أو توصيات فقد خلت وظيفة اللائحة من أى مهام حقيقية أو عصرية كالرقابه او التشريع أو التعديل أو الإتهام أو التحقيق أو التوجيه .... أو حتى مجرد النصح .... وذلك بالمخالفة حتى للنص الذى حدد اختصاص مجلس الشورى العام بأنه يكون مختصاً بمناقشة وإقامه السياسات العامة فجاءت النصوص التالية خالية من أى بيان أو توضيح أو أثر لهذه العبارة العامة .
العيب الثانى:- لماذا التعيين وما هى حكمته وإلى أى مدى ؟!!
تلجأ النظم الحديثة إلى منح الجهة التنفيذية حق إضافة بعض الأسماء إلى قائمة من أعلن نجاحهم فى العملية الإنتخابية من أعضاء المجلس التشريعى ويطلق على هؤلاء الأعضاء أسم الأعضاء بالتعيين .... وقد تمنحهم بعض القوانين حق التصويت بينما تكتفى بعض التشريعات الأخرى بمنحهم حق إبداء الرأى دون حساب أصواتهم وذلك حتى لا يستخدم حق التعيين لدى الجهه التنفيذية كوسيله للتأثير على إرادة الناخبين..
ومع ذلك فإن النظم جميعها قد إتفقت على حرمان الجهه التنفيذية من حق التعيين إلا فى أضيق نطاق .... وحتى التشريع المصرى رغم أنه لا يعد من التشريعات المتقدمة إلا أنه حصر حق رئيس الجمهورية فى التعيين فى المجلس التشريعى وجعله قاصراً على تعيين عشرة أعضاء فقط لا غير من مجموع المجلس بنسبة لا تزيد عن ( 2 % ) من مجموع الأعضاء بل إنها قد تقل كثيراً عن هذه النسبة بعد التعديلات الدستوريه التى أضافت إلى المجموع الكلى للبرلمان حتى لو توسعت فى حق التعيين ... ومع ذلك فقد أجازت التشريعات لرئيس الجمهورية زيادة هذه الأعداد من المعينيين فى مجلس الشورى بإعتباره من المجالس المعاونه للمجلس التشريعى ولا يجوز له حق إصدار أى تشريع حتى ولو كان هذا التشريع لائحياً .
وإذا كان الذى جرى عليه العمل فى مصر قد تشابهت معه اغلب التشريعات العربية وهى تشريعات متأخرة وحافظت على مبدأ منع التعيين إلا استثناء وبأعداد ضئيله إلا أن الذى نصت عليه لائحة الإخوان المسلمين كان أقل من ذلك المستوى من حيث الحداثة على النحو الذى نلخصه فى نقطتين ....
أولاها:- مبالغة اللائحة فى منح حق التعيين للسلطة الإدارية .
ثانيها:- تجاوز فلسفه هذا الحق لتشمل التعيين فى القاعدة الانتخابية ( المجمع الانتخابى)
أولاً:- مبالغة اللائحة فى منح جهه الإدارة حق التعيين:-
أظهرنا فيما سبق أن منح حق التعيين لجهه الإدارة هو خروج على الأصل .... ذلك أن النظم النيابية الحديثة والتى وافقت أصل الشرع فى أن تكون الجماعه هى مصدر السلطات والجماعه هى الأمه عند بعض الفلسفات ... وهى الشعب عند البعض الآخر ...
ومن هنا فإن حق الشعب أو الأمه أو الجماعه فى إختيار من يمثلها هو حق ثابت لا إستثناء فيه بل إنه فى بعض أنواع الديمقراطيات لا ينيب الشعب عنه من يتحدث بإسمه فألغى النظام النيابى وجعل الحق للشعب مباشره كما حدث فى جمهورية اليونان القديمة .....
ومن هنا فإن إختيار الشعب للنائب فى المجلس التشريعى هو حق أصيل لا ينبغى إنتزاعه أو التداخل فيه باعتبار أن نائب الشعب أو الأمه أو الجماعه هو المعبر عن رغبتها وهووحده الناطق بإسمها .. ومن ثم فإن منح الإدارة حق التعيين هو أمر إستثنائى يتم تطبيقه فى أضيق الحدود على النحو الذى بيناه .
إلا أن اللائحة موضوع البحث قد بالغت فى منح الإدارة هذا الحق فعلى سبيل المثال نجد الآتى :-
1- أن مجلس الشورى العام وهو يتكون وفق نص اللائحة من خمسة وسبعين عضواً على الأقل .... منحت اللائحة لمكتب الإرشاد حق تعيين خمسة عشر عضواً فوق مجموع الأعضاء المنتخبين وعددهم إثنان وسبعون عضواً ... وبغض النظر عن عيب الصياغه فى النص فإن مجموع المنتخبين وفقاً للبيان العددى للمحافظات هو " إثنان وسبعون عضواً" فتكون نسبة المعينيين إلى نسبة المنتخبين هى أكثر من عشرين فى المائه وهى نسبة عالية جداً لا تعبر عن سياسة الاستثناء وإنما تجعل من التعيين أصلاً وتجعل له دوراً مؤثراً ونعود فنؤكد على أن هذا البحث لا يدور حول الثقة فى الأفراد فهم أهل لكل ثقة وإنما يدور حول الثقة فى النصوص ومدى مشروعيتها دون النظر إلى الأفراد فضلاً عن أن جماعه الإخوان المسلمين تخاطب العالم بتقدمها التشريعى .... فالأمر إذن أبعد من مجرد النظر إلى مدى الثقة فى الفرد من عدمه ذلك أنه متى كان للمعين صوتاً مؤثراً فى اختيار عضو من أعضاء مكتب الإرشاد وهو العمل الوحيد الذى يوكل إلى أعضاء مجلس الشورى العام ليقوموا به منفردين فإن إضافة عشرين فى المائة من المجلس بالتعيين من شأنها أن ترجح أسماً حتى ولو رفضه الأعضاء المنتخبون ... لتتحول العمليه الإنتخابيه إلى عمليه تعيين مستتره.
ثانياً:- تجاوز فلسفة حق التعيين لتشمل التعيين فى المجمع الانتخابى:-
سبق وأن أشرنا إلى أن النظام الانتخابى لمجلس الشورى العام هو انتخاب متعدد الدرجات ( على درجتين ) فبينما ينتخب الأفراد على عمومهم مجلساً للشورى على نطاق كل محافظة ... تكون مجالس المحافظات نفسها هى المجمع الانتخابى الذى ينتخب مجلس الشورى العام ومن ثم فإن تعيين أى عدد من الأفراد فى مجلس شورى المحافظة هو إضافة غير مشروعة للمجمع الانتخابى أى القاعدة الانتخابيه التى ستقوم بانتخاب مجلس الشورى العام وعلى هذا فإن ما نصت عليه اللائحه موضوع الدراسة من منح مكتب الإرشاد حق إضافة خمس الجمعيه الانتخابيه فى كل محافظة والتى هى مجالس شورى المحافظات فهو أمر ليس له من سابقه فى تاريخ التشريعات ... فمن حيث أنه نوع من أنواع التداخل فى الاختصاصات وبه من عيب الاخلال بمبدأ الفصل بين السلطات القدر الكبير إلا إنه أيضاً يشير إلى التأثير فى إرادة الناخبين الذى قد يصل إلى درجه الإلغاء لها لا سيما إذا علمنا أن النص أيضاً قد أضاف إلى مجلس شورى المحافظة عدداً بالتعيين فوق نسبة الخمس .... ذلك أنه أعتبر من تم تعيينه فى مجلس الشورى العام عضواً فى مجلس شورى المحافظة .... وهذا العضو المعين يكون له أكثر من صوت وفقاً للمترتب على أمر تعيينه فى المجلس ... فهو أولاً ينتخب من يتم تصعيده لينتخب أعضاء مكتب الإرشاد ثم هو ثانياً ينتخب مع من ينتخب أعضاء مكتب الإرشاد وعلى هذا أكدت المادة بنصها على أن:-
" يشكل بكل محافظة مجلس شورى يحدد مكتب الإرشاد عدد أعضائه ويختاره الأعضاء العاملون بالمحافظة طبقاً للإجراءات التى يعتمدها مكتب الإرشاد "
" ويجوز لمكتب الإرشاد أن يضم إلى الأعضاء المختارين عدداً لا يزيد عن الخمس ..."
" يعتبر عضواً ( معيناً ) بمجلس شورى المحافظة التى يتبعها من تم تعيينه عضواً بمجلس الشورى العام "
العيب الثالث:- تداخل السلطات على حساب السلطة التشريعية .
يظهر من خلال مطالعه النصوص أن مشرع اللائحة كان حريصاً على أن يلتزم بالأصل العام فى أصول الدولة الحديثة فأشار فى شأن إختصاصات مجلس الشورى العام إلى ما نصه
" يكون مجلس الشورى هو السلطة التشريعية لجماعةالإخوان فى مصر"
وهذه رغبه لدى المشرع لا سيما وقد أشار إلى أن يكون " مجلس الشورى مختصاً بمناقشة وإقامه السياسات العامه والوسائل التنفيذية اللازمة لها وكذا مناقشة التقارير السنوية التى يتقدم بها مكتب الإرشاد"
ولو إقتصر المشرع على هذا القدر من الألفاظ ....حتى مع إشتمالها على عيوب فى الصياغه لهان الأمر ...
إلا أنه عاد فمنح ذات الإختصاصات بل أكثر منها فى الحديث عن مكتب الإرشاد ومن جهه أخرى فقد ألغت اللائحه هذه الإختصاصات لمجلس الشورى فى البنود التالية لهذا النص.
ولنوضح ذلك علينا مراجعة إختصاصات مكتب الإرشاد ووفقاً لهذه اللائحه ثم نقارنه بذات الإختصاصات المعقوده لمجلس الشورى فسوف نقابل ما نصه :
" مكتب الإرشاد هو الهيئة الإدارية والقيادة التنفيذية العليا وهو المشرف على سير الدعوة والموجه لسياستها وإدارتها والمختص بكل شؤونها وتنظيم أقسامها وتشكيلاتها"
وبالرغم من أن إختصاصات مكتب الإرشاد وفقاً للنص هى إختصاصات تتعلق بالقيادة التنفيذية العليا ....إلا أن سائر النصوص تمنحه كافة الإختصاصات التشريعيه بل تمنحه حق إلغاء العديد من النصوص اللائحية ... إلى أن ينتهى الأمر باتخاذ قرارات تتعلق بأقسام الجماعه ومجالسها وكذلك بإنشاء أو إلغاء أى أمر الإضافة إلى النصوص من الناحية العمليه ولا تكاد النصوص تفصح من الناحيه العملية عن إختصاص محدد لمجلس الشورى العام بل إنها اقتصرت فى باب مجلس الشورى العام على مجرد التشكيل دون أن تظهر ما إذا كان لهذا المجلس أى دور يتعلق بالرقابة أو المساءله ودون أن تحدد أيضاً مفهوماً للنص الوارد فى بند الإختصاص .... والمتعلق بحق المجلس فى مناقشه وإقامه السياسات العامة لا سيما وأن القانون لا يعرف إختصاصاً يكون مقصوراً على حق المناقشة إلا اختصاص اللجان المعاونة ...
ومن ثم فإنه يصعب الوقوف على تفسير حقيقى لإختصاص مجلس الشورى العام فضلاً عن خلو النصوص من تفسير لهذا الإختصاص .
العيب الرابع:- عيوب الصياغه قد تصل إلى عدم قابلية التطبيق
وقد سبق أن أشرنا إلى وجود العديد من عيوب الصياغة ونكتفى فى هذا المقام بالإشارة إلى نوعين من أنواع عيوب الصياغة ... ويأتى أول هذه العيوب فى مادة تشيكل مجلس الشورى وقد أصابها عيب الابتعاد عن الواقع بل إنها فى صورة من صور تطبيقها قد تؤدى إلى إستحاله إنعقاد هذا المجلس ... ذلك أن المادة قد نصت على أن الحد الأدنى لتشيكل مجلس الشورى هو " خمسه وسبعون عضوا"ً وأن الحد الأقصى هو تسعون عضواً ... ومع ذلك فقد حددت المادة أرقام الأعضاء المنتخبين بإثنين وسبعين عضواً وفقاً لما قررته من حصه لكل محافظة ... وبالتالى فإن النص يعتمد على قيام مكتب الإرشاد بتعيين خمسة عشر عضواً حتى يصل عدد الأعضاء إلى الخمسة وسبعين عضواً والتى هى الحد الأدنى لتشكيل مجلس الشورى ....ولكن تثور المشكله إذا لم يقم مكتب الإرشاد بتعيين الخمسة عشر عضواً المخصصه له ... لا سيما وأن النص قد جعل أمر تعيين الخمسة عشر عضواً والذى يقوم به مكتب الإرشاد جوازياً .
" خمسة عشر عضواً يجوز لمكتب الإرشاد تعيينهم "
ففى هذه الحاله لن يكتمل عدد مجلس الشورى اللازم لإنعقاده ... وفق الحد الأدنى المرسوم فى النص المعيب وهذه الإشكالية قد تكون واردة من الناحية النظرية إلا أن النص يعاب فى صياغته متى تعارضت تطبيقاته المفترضه مع المنطق والمقبول ولو نظرياً ... ولتوضيح ذلك فإن الحساب النظرى لأعضاء مجلس الشورى هو خمسه وسبعون عضواًوفقاً للنص ثم يقوم النص التالى بتحديد نسبة كل محافظة فيكون المجموع ( 72 ) عضواً ..... فأى مشرع ذلك الذى يبنى وجود المجلس التشريعى على قيام مكتب الإرشاد باستخدام رخصة له إن شاء إستخدمها وإن شاء تنازل عنها... وهناك فرض آخر غاب عن النص ... فقد جعل النص كل من سبق توليه عضوية مكتب الإرشاد لمدة عامين عضواً بحكم اللائحة مع أن الحد الأقصى هو تسعون عضواً فكيف يتحقق ذلك .
ومن هنا يبين العوار التشريعى فى الصياغة والمضمون وما تم ذكره كان على سبيل المثال .
خامساً:- اختفاء اسم السلطة القضائية وكذلك دورها .
إن الجمع بين السلطات وتركيز الإدارة فى يد الجهه المنفذه ثم منحها حق التشريع بالتعديل والإضافة على النسق المسمى فى نصوص اللائحه لسوف يؤدى بالحتم إلى العديد من إشكاليات التطبيق..
ومن عجب أن خلت تلك اللائحه من مجرد الإشارة إلى سلطه قضائية بالمعنى الصحيح لكى تفصل بين الإختصاصات المتنازعة عند التطبيق بل ولم يتم الإشارة إليها ولو على سبيل التحكيم ...
والفقه الشرعى يعتبر أن غياب السلطة القضائية وفقاً للنظم الحديثة لا يعنى إلا غياب العداله ... فكما أن الأمر يستلزم أن تقوم سلطة محايده بإعادة تشريع اللائحه ... فإن الأمر يستلزم أيضاً أن تقوم سلطة محايده بمراقبة تطبيق اللائحه ... وقد كان ذلك فى أولويات إنشاء الدولة الإسلامية ... وليس من المعقول أن تستبعد اللائحه مثل هذه البدهيات .
وقد جاء أسم لجنة التحقيق عرضاً فى اللائحه ولكنها مع الأسف لجنة لا تمت لطبيعة السلطة القضائية بصله سواء من حيث التكوين أو من حيث الإختصاص ... فهى لجنه يتم انتخابها من اعضاء مجلس الشورى وتختص بالتحقيق فيما يمس سلوك أحد الأعضاء ... وليس لها إلا أن تقترح ثم تقوم بعرض هذا الإقتراح على مكتب الإرشاد وأو المجلس وفقاً لإختصاص كل منهما وذلك وفقاً للنص .
" ينتخب مجلس الشورى من بين أعضائه لجنه تحقيق تتكون من ثلاثة أعضاء أصليين وثلاثة أعضاء إحتياطيين يحلون محل الأعضاء الأصليين إذا وجد مانع لديهم .... وتختص لجنه التحقيق بما يحيله إليها المرشد العام أو مكتب الإرشاد أو المجلس مما يمس سلوك أحد الأعضاء أو يفقد الثقة به وتقترح هذه اللجنة الذى تراه مناسباً وتعرض قرارها على مكتب الإرشاد أو المجلس طبقاً لإختصاص كل منهما"
وبمطالعة هذا النص يتأكد الباحث أنه لا علاقة لهذه اللجنة بمفهوم السلطة القضائية .... كما أن إختصاصها لا يتعلق إلا بمالسائل الأخلاقية التى تحال عليها .... ودورها يقتصر على الإقتراح .
ومن الجدير بالذكر أن العاملين فى علم الإجتماع يقيمون مدى تقدم النظم بمدى احترامها التطبيقى لقواعد العداله ... فما بالنا إذا غاب عن اللائحه المنظمة مجرد الإشارة ولو إلى الخطوط العريضة لقواعد الفصل عند الخلاف.
الخاتمة:-
إننا بهذا نكون قد انتهينا من الملاحظات الخمس حول اللائحه وقد حاولنا الإختصار فى الأمثله أو الإستشهاد .... ولا ينبغى إلا الإشارة إلى الملاحظات الختامية .
1- إنه لا يمكن لجماعه عريقه مثل جماعه الإخوان أن تواجه الواقع السياسى بهذه النصوص المتواضعة فى ظل عصر تتولى الجماعه فيه قياده الناس فى الدفاع عن حرياتهم وعن حقوقهم ... كما تتولى قيادتهم فى النضال ورسم معالم الحريه فى بلادنا.
2- إنه لا يمكن حسم خلاف الأفكار إلا بخلق آليه لصناعة الأفكار تبدأ بإستيعاب الرأى وتنتهى بصياغه النص دون تدخل بشرى أو تأثير أدبى أو قهر مادى .
وأول نطفه فى خلق هذه الآليه هو حسن صياغتها وتشريعها كصياغه لائحة تنظيميه يصيغها أهل العلم بعيداً عن العاملين فى الجماعه والمتنافسين حول خدمتها .
3-إن من المتفق عليه بين علماء التشريع أن تكون من غايات التشريع تحقيق تداول الإدارة أو تنظيم تداولها وأن النظرية الديموقراطيه إذا عجزت عن تحيقيق التداول أحياناً فإن تحديد سنوات الإدارة ومنع تجديدها قد يحد من هذا الخطر... حتى غالت بعض الآراء فى هذا الجدل الهادف فلم تسمح لأى نائب أو قائم بالمسئولية أن يجدد ولايته لمرة ثانية حتى ولو أجمع عليه الناس .
وختاماً: فإننا بعد هذا العرض - والذى ذكرناه على سبيل المثال - فإننا نقرر أن ترميم اللائحة المشار إليها فى البحث أمر يستحيل من الناحيه العملية ... وأنه يجب إعاده نظر الأمر بكامله وإعادة بناء الشكل القانونى لجماعه تأمل الجماهير فيها أن تقودهم إلى النور مع تحديد فلسفه اللائحه تحديداً عصرياً يهدف إلى إعمال الشورى والبعد عن تركيز السلطات فى يد الإدارة... وما أردت بهذا العرض إلا الإصلاح والله أعلم بالسرائر .
" إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ..... وما توفيقى إلا بالله"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.